- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-05-21
لم يكن داعية، مع أنه كان كذلك، ولكنه سجل لنفسه عبر أفعاله على أنه قائد سياسي بامتياز بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى وعمل وتطلع، ولم يكن خياره في تأسيس حركة سياسية بمرجعية اسلامية، لأنه كان معادياً لليسار أو للتوجه القومي، بل اعتبر أن غياب تيار سياسي بنكهة اسلامية، ترك فراغاً شغله من عملوا مع مؤسسات المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي في مناطق 48، الذين يُطلق عليهم في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة على أنهم “ أذناب السلطة “ فعمل على ولادة حركة سياسية اسلامية ذات طابع كفاحي عقلاني وواقعي، رغم صلابته ومبدئيته في الوقت نفسه، فعمل على ولادة الحركة الاسلامية كي تكون مكملة لمكونات المشهد السياسي والتنظيمي المختلفة التعددية في مناطق 48 .
رحل مؤسس الحركة الاسلامية، وقائدها وواضع فلسفتها ودورها عبد الله نمر درويش، بعد أن وفر للحركة حضورها وقوتها وتمثيلها البرلماني والبلدي والنقابي وارثها في مؤسسات صنع القرار وفي طليعتها لجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني في مناطق 48 .
رحل عبد الله نمر درويش بعد أن ترك بصمات عميقة لدى الحركة الوطنية الفلسطينية بدأها في تأسيس الحركة الاسلامية في بداية السبعينيات، ونمت مع قراره بالتحالف مع الحزب الديمقراطي العربي بقيادة المناضل عبد الوهاب دراوشة ليخوضا معاً معركة دخول البرلمان الاسرائيلي تحت يافطة القائمة العربية الموحدة التي رفعت شعار “ الصوت العربي للنائب العربي “، كي يكون التمثيل العربي الفلسطيني فاقعاً الى جانب اليساريين من الشيوعيين وحلفائهم عام 1996، ونضالهم ضد العنصرية والتمييز، ورفض مشروع الاحتلال والاستيطان والتوسع، وكانت مأثرته الثالثة في العمل مع محمد بركة وجمال زحالقة في التحالف الوطني العريض واقامة القائمة المشتركة في 22/1/2015، وخوض انتخابات الكنيست من التيارات السياسية الثلاثة: اليساري والقومي والاسلامي، وزيادة تمثيلهم الموحد بثلاثة عشر مقعداً في البرلمان يشكلون حائط الصد لمواجهة سياسات حكومات العنصرية والتمييز في مناطق 48، ورفضاً للاحتلال والاستيطان والتوسع في مناطق 67، وسجل ذلك التحالف التاريخي على أنه المرة الأولى التي يخوض فيها الوسط العربي الانتخابات البرلمانية بقائمة واحدة، والمرة الأولى كذلك التي يتم فيها وضع شخصية عبرية اسرائيلية هو النائب دوف حنين في الموقع الثامن من القائمة المشتركة العربية العبرية بمشاركة الاسلاميين والقوميين .
رحل الشيخ عبد الله نمر درويش في شهر نكبة الشعب الفلسطيني، وقت حاجة الحركة الوطنية الفلسطينية لقائد سياسي حكيم واسع الأفق يتوسل الحفاظ على ما تم انجازه بالتضحيات وتطويره على طريق استعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة : 1- حقه في المساواة في مناطق 48، و2- حقه في الاستقلال في مناطق 67، و3- حق اللاجئين في العودة الى اللد والرملة ويافا وحيفا وصفد وبئر السبع وكافة المدن والقرى التي طردوا منها واستعادة ممتلكاتهم فيها وعليها ومنها المصادرة من قبل الدولة العبرية منذ عام 1948 .
الذين يتطلعون الى عبد الله نمر درويش باحترام من أبناء مناطق 48، عليهم العمل من أجل تحقيق الاخلاص الذي اتسم به وتطلعاته وما كان يتمناه وعمل لأجله وهو أولاً توحيد شقي الحركة الاسلامية في مناطق 48 الشمالية والجنوبية كي تحتل موقعها القيادي كحركة سياسية موحدة وسط شعبها الى جانب القوى السياسية الأخرى، والانتقال نحو الهدف الثاني وهو الحفاظ على التحالف الوطني العريض الذي تحقق عام 2015، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بنفس التحالف مع توسيعه وتعزيزه، فالوحدة أساس القوة وهي الخطوة الجوهرية الضرورية لاستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة غير منقوصة .