نشر مكتب الاحصاء المركزي بمناسبة «يوم القدس» جملة معطيات ورسومات بيانية تعرض بدقة وثبات القدس «الموحدة» كما هي، دون رتوش. المعطيات تدحض الاكاذيب عن القدس: فهي تحطم الصورة الكاذبة التي عرضتها حكومات اسرائيل على مدى السنين، والتي يحييها اليوم نتنياهو بكفاءة التي لا بأس بها. القدس «الموحدة» هي اليوم، بعد خمسن سنة من حرب «الأيام الستة»، أكثر فلسطينية بكثير، أقل يهودية، أقل صهيونية من اي وقت مضى، أكثر فقرا، أكثر تأصلا، وأقل تعليما. في اوساط اليهود يزداد معدل الاصوليين (الحريديم) – 35 في المئة من سكان المدينة – بسرعة، بينما يشكل العلمانيون والتقليديون أقلية منذ الآن. من بين المدن الكبرى في إسرائيل، حسب مكتب الاحصاء المركزي، يشعر المقدسيون بالحد الأدنى من الأمان في مدينتهم؛ لان القرى الفلسطينية هي مصدر 60 في المئة من «المخربين» في انتفاضة الافراد الاخيرة. كما أن القدس تشكل طريق عبور آمناً لـ «المخربين» وللماكثين غير القانونيين من الضفة، ممن يشقون طريقهم الى بلدات اخرى في اسرائيل. في مخيمات اللاجئين، التي ضمت الى القدس، تعمل بشكل حر عصابات مسلحة ولا تعمل الشرطة فيها. صحيح أن عدد سكان القدس «الموحدة» ازداد في السنة الاخيرة، ولكن نحو 50 في المئة منهم يهود ونحو 50 في المئة عرب. في ميزان الهجرة السلبي الاخير الذي نشر أن 7.600 نسمة من المهاجرين من المدينة يهود وفقط 200 عربي. وانتبهوا الى هذا: آخر احصاء لسكان القدس يفيد بانه يعيش في المدينة اليوم 883 الف نسمة، منهم فقط 552 الفا (نحو 60 في المئة) يهود ونحو 331 الفا (نحو 40 في المئة) فلسطينيون ليسوا مواطني اسرائيل ولكن معظمهم يحملون هويات اقامة اسرائيلية تصدرها وزارة الداخلية. نحو 60 في المئة من الشباب (ابناء 1 – 18) هم فلسطينيون. هل توجد عاصمة اخرى في العالم نحو 40 في المئة من سكانها ليسوا مواطني دولتها؟ ومعظم شبانها ليسوا مواطني الدولة ومعظمهم «ينالون» تعليما معاديا؟ لا شك أن العامل الاساس، ان لم يكن الحصري، الذي خلق هذا الواقع المأساوي والباعث على الاكتئاب كان الضم الهاذي في العام 1967 لـ 22 قرية ومخيم لاجئين فلسطينيين، لم تكن أبدا تنتمي إلى القدس. هذا الضم كان نتيجة سكر الاحاسيس وفقدان الطريق من حكومة إسرائيل بعد احتلال الضفة في حرب «الأيام الستة». أليس مؤكداً أن معظم وزراء حكومة الوحدة ذاتها فهموا بالضبط ما هو المعنى بعيد المدى لذلك الضم؟ اما اليوم فواضح أن هذا كان قرارا بائسا ضعضع بشدة يهودية، امن، واقتصاد القدس. ليس صدفة أن ايا من احداث يوم القدس و «سنة القدس» التي أعلنت عنها الحكومة، لم يتم احياؤه او الاحتفال به في تلك الـ 22 قرية، حيث يسكن أكثر من 200 الف نسمة. الحكومة ورئيس البلدية سيبثان اليوم (أمس) امام عيون الشعب والعالم الاحداث والاحتفالات. ولكنهما سيسدلان ستارا كبيرا وسميكا على مئات الاف الفلسطينيين غير المرئيين ممن يسكنون في مناطق الخداع والتظاهر للقدس «الكاملة». نتنياهو وبركات يواصلان الخداع وتقديم عرض عابث لعاصمة اسرائيل «الموحدة». هكذا تخلد المصيبة. هذه صورة وضع باعثة على الصدمة، ومن الواضح أنه إذا لم يحصل شيء فانها ستتدهور، ولن تكون القدس يهودية وصهيونية بل المدينة الافقر في اسرائيل، وبالاساس، فلسطينية اكثر. في هذه اللحظة الحرجة فان اسرائيل ملزمة بان تتخذ قرارا شجاعا وسريعا: ان تعترف بالخطأ الرهيب الذي تسبب بان تكون القدس تحت خطر متعاظم لفقدان طبيعتها اليهودية وضعف امنها واقتصادها وتعلن ان الـ 22 قرية ومخيم لاجئين تعود الى مكانها الطبيعي – الى الضفة الغربية. هكذا يتحقق ربح وخلاص للقدس اليهودية واكثر من ذلك: مثل هذا الاعلان سيعزز المكانة الدولية للمدينة، وسيحقق اعترافا دوليا عمليا بكونها عاصمة اسرائيل ويزيد احتمال التسوية السياسية.
*كان وزيراً لشؤون القدس ومن مؤسسة الحركة لانقاذ القدس اليهودية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف