يمكن تغيير بنيامين نتنياهو. يمكن أن يكون رئيس الحكومة القادم لاسرائيل أكثر استقامة وأكثر ديمقراطية، يحتمل. ولكن ما هو التفويض الذي سيكون له؟ لا يمكن تغيير الشعب في اسرائيل. وهذا الشعب ببساطة لا يشتري رواية اليسار. وليكن واضحا: اليسار ليس عدالة اجتماعية وخفض غلاء المعيشة والصراع ضد صيغة الغاز. فالمتطرفون القوميون والمتدينون والعنصريون ايضا هم "اجتماعيون". الجميع في اسرائيل اجتماعيون، من غاي رولينك وحتى شمعون ريكلين. ولكن البرنامج اليومي الاجتماعي لا يضع أي معارضة للاحتلال، بل على العكس: البرنامج اليومي الاجتماعي مبني على فرضية أنه لا حاجة الى مقاومة الاحتلال، أو أنه احتلال مبارك أصلا. المعارضة الحقيقية للاحتلال يمكن أن تكون واحدة فقط وهي المعارضة التي تزعم أنه يجب انهاء الاحتلال والابرتهايد على الفور. هذه المعارضة المصممة آخذة في التقلص، وهي تقتصر فقط على ميدان رابين عندما تريد صنع التاريخ. وفي الوقت الحالي ينتشر "الاحتجاج الاجتماعي" (الذي لا يساوي شيئا طالما استمر الاحتلال، لأنه طالما كان هناك احتلال فلا توجد ديمقراطية أو عدالة اجتماعية). ويتحول هذا الاحتجاج بين انتخابات وأخرى الى موضة فارغة من أي مضمون، الى أن يأتي يوم الناخب ويتبين أن الناخب الاسرائيلي يصوت حسب الرواية السياسية. والمعارضة الحقيقية يمكنها أن تقترح على الجمهور روايتين فقط يمكنهما أخذها الى الحكم، والجمهور يرفض هاتين الروايتين جملة وتفصيلا، لذلك يجب الاعتراف بأنه لا يوجد مسار نحو الحكم للمعارضة الحقيقية. الرواية الاولى هي رواية أخلاقية تقول إن الاحتلال ليس أخلاقيا. وأنا اؤمن بهذه الرواية، لكنني اؤمن أيضا بأن هذا الأمر حسب غالبية الاسرائيليين ليس ذا صلة، وهو يعتبر شيئا يتحرك بين النكتة والخيانة. بعد خمسين سنة على الاحتلال أصبحت فرصة اقناع جزء واسع من الجمهور الاسرائيلي بأن الاحتلال والابرتهايد المقرون به غير اخلاقيين هي صفر. إن الجري نحو الحكم مع هذه الرواية هو عمل نبيل، لكنه مقطوع عن الواقع. الرواية الثانية هي الفائدة، وهي تقول إن الاحتلال يدمر الصهيونية والديمقراطية. وهذه الرواية توجد لها فرص أكبر كي تكون مقبولة على معظم الجمهور. وهي الرواية التي تعتبر "عقلانية" و"قومية. وهي رواية قادة الاجهزة الامنية والعسكرية في السابق، الذين كانوا يسعون للمناصب والتأثير على الجمهور. وهي رواية مدرسة مئير دغان وايهود باراك، اللذين لا يمكن الاشتباه بأنهما يحبان العرب. فهما فقط يريدان الدفاع عن الاكثرية اليهودية في دولة اليهود ومنع الحرب الاهلية. يمكن القول إن رواية الفائدة لا تستطيع التحليق. الجمهور لا يشتري هذا الأمر. فهو لا يعتقد أن انهاء الاحتلال – أو بلغة الفائدة "الانفصال عن الفلسطينيين" – سيعود عليه بالفائدة. ومن خلال التحليل الواعي يمكن الاعتراف بأنه في ساحة الفائدة فان رواية الاغلبية اليمينية ستنتصر. المواطن اليهودي العادي لا يشعر بأي ضغط أميركي أو أوروبي. الرواية الخاصة بالفائدة أقنعت في حينه الأفارقة القوميين المتطرفين بالتنازل عن الابرتهايد. ولكن في اسرائيل الحالية الوضع ببساطة جيد جدا. فنحن بعيدون جدا عن سيناريو دي كلارك. ارهاب؟ الاسرائيليون ينظرون الى باريس ومانشستر ويشعرون أن وضعهم في هذا المجال يتحسن بشكل مستمر. الاسرائيليون يخشون من اطلاق الصواريخ على مطار بن غوريون، وهم لا ينجحون في ملاحظة أضرار الاحتلال. وتتم صيانة الاحتلال الاسرائيلي بنجاعة كبيرة من قبل الجيش الاسرائيلي و"الشاباك". إنه الاحتلال المتكامل والمثالي. ولا توجد رواية أخرى لدى المعارضة. وسنلتقي في الحرب الاهلية في احتفالات مرور مئة عام.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف