جيمس كومي هو شاهد رائع: متحمس، جوهري، مقنع بصدقه، رئاسي أكثر من الشخص الذي يجلس الآن في البيت الأبيض، شهادته في لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس السنات، أمس، منحت الجهاز السياسي والإعلامي في واشنطن دراما من النوع الذي يملأ هذه المدينة بالأدرينالين. صحيح أن الشهادة أصابت ترامب، لكنها لم تقتله، ولم تبعد عنه أي أحد من مصوتيه، أحيانا ما يقال في واشنطن يبقى في واشنطن. "ما هو الجديد هنا؟"، سأل، أمس، أحد مؤيديه: "إنه يتصرف كرئيس، تماما مثلما تصرف كرجل أعمال. الجميع يعرفون أنه فيل في محل للخزف". محل الخزف هو المؤسسة ووسائل الإعلام والمعايير المقبولة والنزاهة السياسية. نصف الولايات المتحدة تقوم بمتابعة الفيل بالتأييد، والنصف الآخر يتابعه بخوف وتمرد وكراهية. كومي هو جمهوري في الأصل، تم تعيينه رئيسا لـ أف.بي.آي في 2013 من قبل الرئيس أوباما. ويتم تعيين هذا المنصب لعشر سنوات، لكن من حق الرئيس إقالته دون ذكر الأسباب. هذا ما فعله ترامب مع كومي، حيث سمع عن الإقالة في النشرة الإخبارية في التلفاز أثناء زيارة له في لوس أنجلوس. ولم يستطع حتى وداع الطاقم الذي عمل معه. شهادته، أمس، كانت بداية عملا انتقاميا: دافئا وشخصيا ومسموما. لقد تضرر ترامب من هذه الشهادة بعدد من المعاني. الأول، انه تحول، أمس، رسميا إلى شخص يتم التحقيق معه. كومي الذي أعلن في السابق أن التحقيق في العلاقة بين هيئة ترامب والحكومة الروسية لا يشمل ترامب نفسه، قال: إن الوضع تغير. المحقق الخاص يفحص إذا ما كان الضغط الذي استخدمه ترامب على كومي هو محاولة لتشويش التحقيق. ربما لا يكون هنا عمل جنائي، لكن وجع رأس متواصل للبيت الأبيض. حاول ترامب إزاحة الغيوم عن العلاقة بين هيئته وبين روسيا، وتسبب بعاصفة أمطار. الضرر الثاني هو في العلاقة بين ترامب وأغلبية الجمهوريين في الكونغرس. كومي قال عن ترامب: إنه كذاب ومهين، ولم يصرخ أي من السناتورات. البعض منهم حاول تفسير هذه الشهادة بمعايير أكثر تسامحا، ترامب جديد في المدينة، لم يكذب – بل وجد صعوبة في فهم قواعد اللعب. لم يقترح على رئيس الـ أف.بي.آي صفقة اعمل لي وسأعمل لك – أنا لن أقيلك وأنت لن تحقق – بل هو حاول فقط مساعدة شخص تورط. هذه المبررات بدت فارغة. كل من استمع إلى تبادل الأحاديث فهم من الذي يصدقه أعضاء الكونغرس ومن الذي لا يصدقونه. من الصعب جدا على الرؤساء الوصول إلى إنجازات عندما يكون الكونغرس مناكفاً. دون الكونغرس يكون الرئيس بطة عرجاء. ومن جهة أخرى يبدو أن هذا السؤال لا يقلق ترامب مثل سلفه. ترامب هو ماكينة متطورة للتسويق الشخصي، ليس مهم الذي يفعلونه، المهم هو مع من يتشاجر. إنه لا يختلف كثيرا عن ميري ريغيف عندنا. بالنسبة لجيمس كومي، كما قالت، أمس، مراسلة الـ سي.أن.أن، هو ليس فتى بين المشاهدين. لقد أدمن على الأضواء وألعاب القوى في واشنطن – هاتان الصفتان لا تلائمان الطابع السري لعمل الـ أف.بي.آي. لقد ورط وتورط في قضية البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون، وهاجم المدعية العامة في ولاية أوباما، والمدعي العام في ولاية ترامب – كلاهما سياسيان مسؤولان عنه. قراره تسريب مضمون النقاش مع ترامب كان خطوة تآمرية، ذكية، الأمر الذي فرض تعيين محقق خاص. كان كومي مكشوفا بما فيه الكفاية، أو متعاليا بما يكفي حيث اعترف بذلك بشكل علني في شهادته، أمس. هناك ثلاثة دروس يجب استيرادها إلى إسرائيل في أعقاب القضية الأميركية. يجب على من يحافظون على المبادئ والقيم العمل عندما تكون القوة في أيديهم، وعدم التأخر. المستشار القانوني للحكومة توجد له قوة تشبه قوة رئيس الـ أف.بي.آي. هل اأفيحاي مندلبليت يستطيع مواجهة مسألة التحقيق مع رئيس الحكومة وزوجته؟ أعتقد أن الإجابة واضحة وهي أن مندلبليت يستطيع أن يكون بطلا ضد آريه درعي وزوجته، وهنا تنتهي بطولته. الدرس الثاني يتعلق بمستوى النقاش وصياغة الأسئلة والطابع الثقافي للمساءلة في السنات، مقارنة مع ما يحدث في لجان الكنيست لدينا. هذا يثير الحسد. الدرس الثالث يتعلق بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية. بوتين هو ديكتاتور لا يعرف الحدود، لكن اتهاماته لأميركا فيها شيء من الصحة. أميركا تتدخل في الحسم السياسي للعالم كله، بما في ذلك روسيا، باسم مبادئها ومصالحها. وهي تقوم بذلك بعدة طرق، علنية وسرية. إذا كان هذا الأمر مسموح لها فلماذا هو ممنوع على روسيا. التدخل الأجنبي في الانتخابات الاسرائيلية مكروه ليس أقل من كرهه في أميركا. الدول الأجنبية والمنظمات الدولية والمتبرعين الأفراد من اليسار واليمين يسمحون لأنفسهم بدس أصابعهم في سياسة إسرائيل وكأنها تخصهم. للأميركيين يوجد بوتين ولنا يوجد أدلسون. مشكلة الكثيرين مع صفر عزاء.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف