استجابت حكومة اسرائيل لطلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقليص توريد الكهرباء الى غزة طالما لا يشارك حكم حماس في الكلفة. مؤسف ان نكتشف بانه فقط عندما تقع فرصة للمس بالفلسطينيين لا تتردد حكومة إسرائيل في التعاون مع السلطة الفلسطينية، وتنجح في أن ترى شريكا في من يقف على رأسها، عباس.
ولكن اسرائيل توهم نفسها اذا كانت تصدق ان بوسعها ان تتخلى عن المسؤولية على ما يجري في غزة. فهي لا تزال قوة الاحتلال في القطاع، حتى لو لم يكن جنودها يتواجدون على ارضه الاقليمية. فالاغلاق الوحشي الذي يفرض على غزة لاكثر من عقد من الزمان، منع حرية الحركة لنحو مليوني من سكان القطاع الى الضفة او الى الخارج، السيطرة على سجل السكان والقيود على المساعدة الانسانية ليست فقط استعراضا واضحا للسيطرة المباشرة، بل تؤدي الى نقطة انفجار اللباب الذي يغلي ويعتمل منذ الان.
الجيش الاسرائيلي على علم جيد بالتهديد الماثل امام اسرائيل، والحكومة هي الاخرى ليست عمياء عن الخطر. بل ان الجيش الاسرائيلي احتسب فوجد أن من الناحية الاقتصادية، من الافضل دفع حسابات كهرباء غزة على الانجرار الى حرب. فلعبة العقوبات المستمرة لم تسقط حماس، ولكن السياسيين يرفضون الانصات الى القيادة العسكرية.
لا حاجة الى تفسيرات ملتوية كي نفهم بان تقليصا آخر في توريد الكهرباء سيفاقم فقط بشكل متطرف الوضع القاسي على اي حال في القطاع: المستشفيات تقلص منذ الان خدمات حيوية، النشاط الاقتصادي المحدود تقلص اكثر من ذلك والمجاري التي لا تعالج لن تمس فقط بسكان غزة، بل ستصل حتى عسقلان. هذا التفاقم من شأنه ان يكون الشرارة التي تشعل مواجهة عنيفة جديدة وزائدة، بين اسرائيل وحماس.
ولكن هذا التهديد لا يشغل بال محمود عباس، الذي توجه خطاه المنافسة السياسية بينه وبين حماس. وهو يقدر على ما يبدو بان مواجهة عسكرية فتاكة متجددة لن تمس بمكانته أو مكانة فتح وبسكان الضفة الغربية، وان الصواريخ لن تصل الى المقاطعة.
اسرائيل، بالمقابل، لا يمكنها أن تعفي نفسها من المسؤولية اذا ما مات مرضى آخرون، بمن فيهم اطفال وشيوخ في غزة بسبب وقف الكهرباء المتواصل في المستشفيات. كما انها لا يمكنها بالتأكيد أن تختبىء تحت أذيال عباس فتشرح بان وحشيتها تعتمد على شهادة تسويغ من جانبه.
مواطنو اسرائيل، ولا سيما سكان غلاف غزة لا يحتاجون الى جولة عنف تندلع بسبب صراعات السيطرة بين حماس وفتح. على حكومة اسرائيل أن تأمر بمواصلة توريد الكهرباء الى غزة، وان توضح لعباس بان النزاعات الفلسطينية الداخلية لن تجري على ظهر مواطنيها أو مواطنيه، الذين يوجدون تحت مسؤوليتها.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف