يتفق المحللون الإسرائيليون على أن قرار الحكومة الإسرائيلية، الاستجابة لطلب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وتقليص كمية الكهرباء التي تمد بها غزة، من شأنه أن يشعل فتيل الأزمة المتفاقمة في القطاع، ويفضي إلى انفجار جديد ومواجهة أخرى قادمة.
وذهب بعض المحللين إلى أن حكومة نتنياهو التي اتخذت القرار، إنما كانت تستقدم مثل هذه المواجهة وتستدعيها خدمة لمصالحها السياسية ومصالح أطرافها الحزبية، وفي هذا السياق كتب المحلل في صحيفة "هآرتس"، روغل ألفر، أن نتنياهو يخلق بنفسه الظروف لنشوب مثل هذه الحرب على غزة لأنه يحتاجها لدرء مبادرة السلام التي يبلورها ترامب، لأنه لا يمتلك أية نية أو رغبة بتقديم أي اقتراح مقبول للفلسطينيين، وحرب كهذه تساعده على "خلط" أوراق ترامب وإفشال المبادرة الإقليمية والتهرب من دفع ثمن إفشالها، هذا ناهيك عن أنها تساعده على إعاقة التحقيقات الدائرة ضده والتي تهدد استمرار حكمه، كما أنها تخلق انطباع بأنه يمارس فعل سياسي عوضا عن الانطباع بأنه منشغل بكيفية البقاء السياسي المصلحي والأناني فقط.
ونظرة على رصيد نتنياهو ومصالحه، كما يقول ألفر، تفيد بأن تشوقه للحرب هو نمط سلوك عقلاني يناسبه ويناسب "شعب إسرائيل"، الذي يريد تلك الحرب هو الآخر، لن يستطيع لا هو ولا نتنياهو إقناع أحد بأنهم انجروا إلى الحرب رغما عنهم.
بدوره، قال روني شكيد في مقالة نشرت بـ"يديعوت أحرونوت" إن فتيل القنبلة "المتكتكة" يقصر بسرعة أكبر من وتيرة التفكير الإسرائيلي في إيجاد حل في القطاع، مشيرا إلى أنه من اواضح أن غزة هي بالتأكيد مشكلة إسرائيل. ورغم السور والجدار التحت أرضي لا يمكن قطع غزة عن إسرائيل ولا إسرائيل عن غزة.
وعن الأوضاع الكارثية في القطاع، يقول شكيد، مع نهاية شهر رمضان غزة منهارة، يائسة، في الأسواق لا تنقص بضاعة، ولكن لا يوجد مال للشراء، أبو مازن قلص بالثلث الرواتب لـ58 ألف موظف وعامل في السلطة ممن يسكنون في القطاع، وحتى حماس قلصت الرواتب لموظفيها، معدل البطالة يصل إلى 40%.
أحياء عديدة تفوح منها رائحة كريهة، المجاري تفيض على ضفافها، ولكنها في معظمها تتدفق مباشرة إلى البحر، تتقدم شمالا وباتت تقترب من عسقلان، التلوث لا يتوقف في حاجز إيرز، على حد تعبير شكيد.
في الأسبوعين الأخيرين، حتى قبل الإعلان الإسرائيلي عن التقليص، لا توجد كهرباء في غزة إلا لثلاث ساعات في اليوم، لا يمكن تطهير مياه المجاري، لا يمكن حفظ الغذاء في الثلاجات. النقص أدى إلى تشويش في عمل المستشفيات، وإلى تضرر الزراعة، وإلى إغلاق المشاغل القليلة التي كانت تعمل. وبدون كهرباء، يواصل الصحفي الإسرائيلي، لا يمكن أيضا استخراج القليل من المياه الحلوة التي بقيت في الآبار، والصنابير في منازل غزة تدفع بمياه غير صالحة للشرب.
ويختم شكيد بالقول، عندما يفك أبو مازن ارتباط السلطة الفلسطينية بغزة يجب البدء بالحديث عن حماس، بشكل غير مباشر، أو من خلال وسطاء، أو بأي طريقة أخرى. أما مواصلة دفن الرأس في الرمال فهو خطر إستراتيجي على إسرائيل، وخير نفعل إذا ما أتممنا ذلك قبل وقوع جولة أخرى من الحرب التي ستؤدي لمصيبة يمكن منعها عنا وعن اللغزيين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف