- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-06-28
تحت وطأة الضغط الشعبي، استنفار الناس بشكل خلّاب، تراجعت بلدية جنين عن قرارها بإزالة جداريّات الشهيد خالد نزال عن ميدان يحمل اسمه. عاد خالد بقامته العالية منتصراً، باسماً، شاكراً وفاء ووعي شعبه.
ربما تكون الأزمة قد انتهت بتراجع البلدية عن فعلتها بإفراجها عن الجداريات، أو تم تدويرها، إلا أن الموضوع لن يُقفَل قبل أن تتم مساءلة المسؤولين عن هذا القرار، فتدشين الميدان تحت رعاية البلدية، ثم إزالته بعد أسبوع واحد، امتثالا لتهديد الاحتلال، أمر غريب ومربك.
الأمور لا تُدار وتُقاد هكذا، ستعود الأزمة للظهور من جديد بأشكال جديدة إن لم تُقفل القضية بشكل مُحكَم، واستخلاص دروسها وعِبَرِها.
رب ضارة نافعة. تسطير صفحة ناصعة من قدرة الضغط المجتمعي الموحَّد على قلب الطاولة، معرفة الجميع الخطوط الحمر وعواقب المسّ بالمحرّمات الوطنية. حدود الصلاحيات للبنى الخدماتية وللأفراد المسؤولين. مغبّة فراغ الخطاب الاستراتيجي حول موضوع الإرهاب والتحريض، مخاطر استمرار العمل ضمن عقلية ردود الفعل والتكتيكات على استراتيجيات الاحتلال، مخاطر استمرار التفرد في الملفات.
لقد أثبت التفاعل الجماهيري مع حراك التضامن مع إضراب الأسرى أنه الأساس في انتصار إضرابهم وتحقيق مطالبهم، كما أثبتت هبّة المجتمع مع قضية الشهيد «نزال» جاهزية لافتة للاصطفاف من أجل الدفاع عن المقدسات ولجم أي تجاوز لها، ورفضه سياسة الرضوخ للاحتلال، أن الضعف يتحول إلى قوة ضاربة تفرض نفسها. خلال أقل من ست وثلاثين ساعة حدث التحول والتراجع.
لا يمكن لفلفة رضوخ بلدية جنين لسياسات الاحتلال وإملاءاته. ليس حدثا بسيطا في جوهره، مصير جداريات ميدان الشهيد «خالد نزال» قضية وطنية، مُلك حصريّ للشعب الفلسطيني. لا يحق لبلدية جنين البتّ فيها، كما هي أيضاً ليست ملكاً للعائلة. ينطبق القول على جميع الشهداء.
لقد رفض الشعب الانجرار إلى ملعب الاحتلال، فالانجرار يعبر عن تبني رواية الاحتلال وموقفه في تجريم نضالنا الوطني من أجل الحرية، رفض الاستدراج نحو خططه الجهنمية، وضع مؤسسة وطنية في خندق مقابل للشعب. لقد أوقعنا أداء بلدية جنين في مصيدة خطاب دفاعي مرفوض، غير محمود على الإطلاق. فإن كانت البلدية قد خُيِّرت بين اجتياح الاحتلال للمدينة لهدم الميدان، فعليها اختيار ترك مهمة التدمير للاحتلال. علاوة على أن طبيعة المنصب لا يخولها ذلك. الموضوع ليس موضوع جدارية تُزال نعيدها بعد حين، الموضوع اقتلاع جوهر فكرة المقاومة بموافقتنا على تصنيف يضعنا في خانة الإرهاب. إنه اعتذار لهم عن نضالنا ومقاومتنا بأثر رجعي، وتبرير ممارسات الاحتلال العدوانية بحقنا.
لنلاحظ أن السير في تحديد الاحتلال قواعد اللعبة مسار لا ينتهي، التنصل من تاريخنا وتجريم أسرانا وشهدائنا ورموزنا ومحاسبتهم على نضالهم وصولا إلى التشكيك بروايتنا التاريخية. بعد ميدان «نزال» سيطلبون إزالة جميع النصب والمراكز والمتاحف المقامة على شرف الشهداء باعتبارها تشجع على «الإرهاب»، ماذا نحن فاعلون؟ هل نتوجه لإلغاء تاريخنا وطمس روايتنا بأيدينا، هل نغتال شهداءنا للمرة الثانية؟!
كذلك، لا بد من فهم عميق لطبيعة المرحلة التي لا تحتمل الإبهام في المواقف، ولا يمكن اختزال رؤية سياق النضال الفلسطيني التاريخي ضمن معطيات المرحلة الحالية أو بعيونها. لا يمكن استمرار التفرد في صنع المتغيرات الكبيرة دون توافق يسبقه حوار يؤخذ بنتائجه بما يخدم المصالح الوطنية العليا.
في ظل موازين قوى كانت مختلة ولا يزال، في ضوء معطيات عربية وإقليمية بائسة، يجري الاستفراد بالملف الفلسطيني، الوجهة نحو تفريغه من مضامين التحرر واستبدالها بالسلام الاقتصادي، تحويل الشعب الفلسطيني الى تجمعات سكانية غاية ما يشغلها احتياجاتها المعيشية والإغاثية. ومن جانب آخر، العمل على استمرار ترويض وكيّ الوعي الثقافي، دمج النضال الفلسطيني بالحروب الجارية على الإرهاب. ماكينة منهجية تعمل على ابتزاز الفلسطيني نحو ساحة متسلسلة من التنازلات.
شهية الاحتلال مفتوحة لا تنتهي عند حدود الرواتب والرموز، غياب خطابنا حول الإرهاب الإسرائيلي، اغتيال رموز الشعب الثقافية، ماجد أبو شرار ونعيم خضر والهمشري وكمال ناصر وغيرهم. خطاب النضال المشروع بموجب القوانين الدولية للشعوب تحت الاحتلال، تحريض المناهج الإسرائيلية لطلبة المدارس على قتل أطفال الأغيار، الخرائط المدرسية التي أسقطت الخط الأخضر!.
لقد أطلق نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا على المناضل «نلسون مانديلا» بالإرهابي. وجاء التاريخ ونضال شعبه وتضامن شعوب الأرض الحرة ليعيد الاعتبار لمانديلا، كبطل مقاوم من اجل حرية شعبه، والتاريخ سيعيد الاعتبار لشهداء الحرية والعودة وتقرير المصير في فلسطين. فهل نعتبر.
ربما تكون الأزمة قد انتهت بتراجع البلدية عن فعلتها بإفراجها عن الجداريات، أو تم تدويرها، إلا أن الموضوع لن يُقفَل قبل أن تتم مساءلة المسؤولين عن هذا القرار، فتدشين الميدان تحت رعاية البلدية، ثم إزالته بعد أسبوع واحد، امتثالا لتهديد الاحتلال، أمر غريب ومربك.
الأمور لا تُدار وتُقاد هكذا، ستعود الأزمة للظهور من جديد بأشكال جديدة إن لم تُقفل القضية بشكل مُحكَم، واستخلاص دروسها وعِبَرِها.
رب ضارة نافعة. تسطير صفحة ناصعة من قدرة الضغط المجتمعي الموحَّد على قلب الطاولة، معرفة الجميع الخطوط الحمر وعواقب المسّ بالمحرّمات الوطنية. حدود الصلاحيات للبنى الخدماتية وللأفراد المسؤولين. مغبّة فراغ الخطاب الاستراتيجي حول موضوع الإرهاب والتحريض، مخاطر استمرار العمل ضمن عقلية ردود الفعل والتكتيكات على استراتيجيات الاحتلال، مخاطر استمرار التفرد في الملفات.
لقد أثبت التفاعل الجماهيري مع حراك التضامن مع إضراب الأسرى أنه الأساس في انتصار إضرابهم وتحقيق مطالبهم، كما أثبتت هبّة المجتمع مع قضية الشهيد «نزال» جاهزية لافتة للاصطفاف من أجل الدفاع عن المقدسات ولجم أي تجاوز لها، ورفضه سياسة الرضوخ للاحتلال، أن الضعف يتحول إلى قوة ضاربة تفرض نفسها. خلال أقل من ست وثلاثين ساعة حدث التحول والتراجع.
لا يمكن لفلفة رضوخ بلدية جنين لسياسات الاحتلال وإملاءاته. ليس حدثا بسيطا في جوهره، مصير جداريات ميدان الشهيد «خالد نزال» قضية وطنية، مُلك حصريّ للشعب الفلسطيني. لا يحق لبلدية جنين البتّ فيها، كما هي أيضاً ليست ملكاً للعائلة. ينطبق القول على جميع الشهداء.
لقد رفض الشعب الانجرار إلى ملعب الاحتلال، فالانجرار يعبر عن تبني رواية الاحتلال وموقفه في تجريم نضالنا الوطني من أجل الحرية، رفض الاستدراج نحو خططه الجهنمية، وضع مؤسسة وطنية في خندق مقابل للشعب. لقد أوقعنا أداء بلدية جنين في مصيدة خطاب دفاعي مرفوض، غير محمود على الإطلاق. فإن كانت البلدية قد خُيِّرت بين اجتياح الاحتلال للمدينة لهدم الميدان، فعليها اختيار ترك مهمة التدمير للاحتلال. علاوة على أن طبيعة المنصب لا يخولها ذلك. الموضوع ليس موضوع جدارية تُزال نعيدها بعد حين، الموضوع اقتلاع جوهر فكرة المقاومة بموافقتنا على تصنيف يضعنا في خانة الإرهاب. إنه اعتذار لهم عن نضالنا ومقاومتنا بأثر رجعي، وتبرير ممارسات الاحتلال العدوانية بحقنا.
لنلاحظ أن السير في تحديد الاحتلال قواعد اللعبة مسار لا ينتهي، التنصل من تاريخنا وتجريم أسرانا وشهدائنا ورموزنا ومحاسبتهم على نضالهم وصولا إلى التشكيك بروايتنا التاريخية. بعد ميدان «نزال» سيطلبون إزالة جميع النصب والمراكز والمتاحف المقامة على شرف الشهداء باعتبارها تشجع على «الإرهاب»، ماذا نحن فاعلون؟ هل نتوجه لإلغاء تاريخنا وطمس روايتنا بأيدينا، هل نغتال شهداءنا للمرة الثانية؟!
كذلك، لا بد من فهم عميق لطبيعة المرحلة التي لا تحتمل الإبهام في المواقف، ولا يمكن اختزال رؤية سياق النضال الفلسطيني التاريخي ضمن معطيات المرحلة الحالية أو بعيونها. لا يمكن استمرار التفرد في صنع المتغيرات الكبيرة دون توافق يسبقه حوار يؤخذ بنتائجه بما يخدم المصالح الوطنية العليا.
في ظل موازين قوى كانت مختلة ولا يزال، في ضوء معطيات عربية وإقليمية بائسة، يجري الاستفراد بالملف الفلسطيني، الوجهة نحو تفريغه من مضامين التحرر واستبدالها بالسلام الاقتصادي، تحويل الشعب الفلسطيني الى تجمعات سكانية غاية ما يشغلها احتياجاتها المعيشية والإغاثية. ومن جانب آخر، العمل على استمرار ترويض وكيّ الوعي الثقافي، دمج النضال الفلسطيني بالحروب الجارية على الإرهاب. ماكينة منهجية تعمل على ابتزاز الفلسطيني نحو ساحة متسلسلة من التنازلات.
شهية الاحتلال مفتوحة لا تنتهي عند حدود الرواتب والرموز، غياب خطابنا حول الإرهاب الإسرائيلي، اغتيال رموز الشعب الثقافية، ماجد أبو شرار ونعيم خضر والهمشري وكمال ناصر وغيرهم. خطاب النضال المشروع بموجب القوانين الدولية للشعوب تحت الاحتلال، تحريض المناهج الإسرائيلية لطلبة المدارس على قتل أطفال الأغيار، الخرائط المدرسية التي أسقطت الخط الأخضر!.
لقد أطلق نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا على المناضل «نلسون مانديلا» بالإرهابي. وجاء التاريخ ونضال شعبه وتضامن شعوب الأرض الحرة ليعيد الاعتبار لمانديلا، كبطل مقاوم من اجل حرية شعبه، والتاريخ سيعيد الاعتبار لشهداء الحرية والعودة وتقرير المصير في فلسطين. فهل نعتبر.