- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-07-02
فوجئ المذيع التلفزيوني بالوصف الذي أطلقته على ما يجري على ضفاف الخليج من تصدعات بين بلدانه على أثر زيارة الرئيس الأميركي ترامب في شهر أيار 2017 ، وتداعياتها التي فجرت أزمة يوم الخامس من حزيران بين بلدان المنظومة الخليجية ، إثنتان منهم الإمارات والبحرين توافقتا مع موقف السعودية وقرارها ، وإثنتان الكويت مع عُمان أحجمتا عن تأييد الموقف السعودي وعدم الانحياز للموقف القطري في نفس الوقت ، وآثرتا الحياد والعمل على تسوية الأزمة وإصلاح ما وقع ، فوجئ المذيع حينما وصفت الأزمة رغم حدتها وشراسة الإجراءات التي تمت على أثرها على أنها “ زوبعة في فنجان “ ، فسألني كيف؟ بعد أن استهجن وصفي المغاير لكل القراءات السائدة والتحليلات المنتشرة
بداية لا يستطيع أحد من خصوم قطر المس بأمنها والإقتراب من أراضيها لأنها محمية بقاعدتين عسكريتين أميركيتين وبأكبر محطة للمخابرات المركزية ، ولذلك ما تسمعه قطر من تهديدات مجرد تهويشات ، لأن أصحابها يعرفون ما تملكه قطر من وسائل الحماية الأميركية عسكرياً وإستخبارياً .
وما قاله وزير الدولة الإماراتي يعكس إدراكه الواقع بقوله “ نحن نريد تغيير سياسة قطر ولا نهدف لتغيير نظامها “ ، فالمطلب متعدد الأطراف لتغيير السياسة القطرية وهو مطلب تتشارك فيه الأطراف العربية مع الولايات المتحدة ، ولهذا سيقع التغيير في السياسة القطرية بشكل تدريجي بما ينسجم والسياسة الأميركية ، لأن سياسة قطر السابقة كانت تتفق أيضاً مع سياسات الولايات المتحدة الأمنية في تعاملها مع القاعدة أو طالبان أو حماس أو حزب الله أو حركة الإخوان المسلمين ، في عهد أوباما ، وما قاله شقيق الأمير تميم ، سفير قطر في واشنطن الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني يعكس هذا التفاهم السياسي والأمني القطري الأميركي ولكن قبل ولاية ترامب ، فالسياسة السابقة في عهد ولايتي أوباما 2009 – 2012 و 2013 – 2016 ، لم تعد تتفق مع سياسة البيت الأبيض المستجدة ، وقد أوضح السفير القطري لدى واشنطن في مقابلة مع موقع ديلي بيست الإخباري الأمريكي بقوله “ نحن نعمل في غزة في إطار جهود إعادة إعمار القطاع ، ونبني منازل ومستشفيات بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية وإسرائيل “ وأكد قائلاً “ لقد طلب منا الأميركيون أن نعمل مع حماس في سياق عملية السلام “ ، وفي نفس السياق لقد اعتمدت قطر على نفس المبدأ والتنسيق مع الأميركيين من أجل “ إقامة صلات مع حزب الله “ ، قبل أن يقع الخلاف والقطيعة بينهما بسبب الموقف من سوريا ، فقطر مع المعارضة المسلحة وتقوم بتغذيتها وتغطية احتياجاتها ، بينما حزب الله مع نظام بشار الأسد حتى نخاع العظم ، وهذا سبب القطيعة السائدة بينهما الأن !! .
قطر ستغير سياستها بما يتفق والسياسة الأميركية الجديدة التي يقودها ترامب ، وستدفع مبالغ طائلة كما دفع غيرها تعويضاَ للمتضررين من السياسة السابقة لسببين :
أولهما : خشية أن تُفتح لها ملفات الخسائر البشرية الأميركية التي أوقعت ضحايا عمليات حزب الله في لبنان ، وضحايا القاعدة في أفغانسان وعدن ، وحتى بعض الذين قتلوا من عمليات حماس في فلسطين يحملون جنسيتين أميركية وإسرائيلية ، ولذلك ستعمل القيادة القطرية على النأي بنفسها عن فتح هذه الملفات كما سبق وعملت العربية السعودية على عدم فتح ملف ضحايا عمليات القاعدة في سبتمبر 2001 بحجة أن مقاتلي القاعدة الذين نفذوا عمليات سبتمبر هم من السعوديين .
وثانيهما : ستستجيب الولايات المتحدة لطلبات الحماية القطرية من خصومها وستعمل على بيعها السلاح وستقبض ثمن أتعاب الحماية من قبل قاعدتي العديد والسيلية لأمن الأراضي القطرية ، وهكذا تكون الولايات المتحدة وإدارة ترامب قد حققت شرطي النجاح الأول في تعديل سياسة قطر في التعامل مع الفصائل الجهادية وهذه رغبة ومطالبة إسرائيلية ينفذها ترامب ويحصل عليها من قطر ومن غير قطر ، والثاني الحصول على الأموال الطائلة لأنه يتصرف بعقلية رجل الأعمال التاجر الذي لا يرحم ولا يهمه سوى تحقيق المكاسب والأرباح له ، وتوفير الوظائف للأميركيين ، وها هي صفقة إف 15 بمبلغ 12 مليار دولار ، بداية الهلهلة وجني الأرباح وثمار التغيير السياسي ، على قاعدة معادلة ترامب الانتخابية الانتهازية التي بدت واضحة “ تغيير السياسات مقابل جني الأرباح “ وهي التي ستسود طوال مكوثه على كرسي البيت الابيض ، وما قرار ترحيل بعض قيادات الإخوان المسلمين وحركة حماس من قطر سوى بداية التحول القطري نحو الاستجابة للرغبات الأميركية الإسرائيلية .