تحدث "يوني بن مناحيم" المحلل الإسرائيلي للشئون العربية عن محور جديد يتشكل للتحكم في مجريات الأمور بقطاع غزة ومستقبلًا بالضفة الغربية يضم مصر والإمارات والقيادي الفلسطيني السابق بحركة فتح محمد دحلان وحركة حماس.
وأكد "بن مناحيم" في مقاله المنشور على موقع "نيوز 1” العبري، اليوم الاثنين 3 يوليو تحت عنوان "مصر مستعدة لإنزال عباس من المسرح السياسي"، أن القاهرة نجحت في إعادةحركة حماس لأحضانها، عبر ورقتين مهمتين، الأولى معبر رفح، والثانية محمد دحلان القادر على جمع مساعدات مالية ضخمة من الإمارات للقطاع، مقابل عودته لغزة، لتولي ملف الشئون الخارجية والمعابر والعلاقات مع إسرائيل، في خطوة تمهيدية للإطاحة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.
إلى نص المقال..
تصف عناصر في حركة فتح تصرفات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالعصبية خاصة في الأسابيع الأخيرة، ليس فقط بسبب التعامل الذي يلقاه من إدارة ترامب التي ترفض إعلان كلمة “دولة فلسطينية”، بل في الأساس بسبب موقف مصر منه، وحقيقة أنها رعت لقاءات مصالحة بين خصمه السياسي اللدود محمد دحلان وبين وفد حماس بقيادة زعيم القطاع الجديد يحيي السنوار. يُدخن محمود عباس بشراهة بل ويردد أحيانا شتائم في ضوء التسريبات المغرضة على شبكات التواصل بأنه توفي نتيجة لأزمة قلبية. كانت الزيارة الأخيرة لعباس للقاهرة في نهاية أبريل الماضي، قبل يومين من سفره لواشنطن في أول لقاء له مع الرئيس ترامب بالبيت الأبيض.
منذ ذلك الوقت لم يزر مصر. منذ نحو أسبوع طلب عباس إرسال وفد من كبار المسئولين بقيادة فتح لمصر للاحتجاج على استضافة القاهرة لقاءات بين مؤيدي دحلان ووفد حماس، رفض المصريون طلبه بدعوى انشغال القيادة المصرية بأمور أخرى جرى تحديدها سلفا. تتعامل مصر مع رئيس السلطة الفلسطيني بالحد الأدني من التنسيق الممكن، فلا يمكنها الانفصال عنه تمامًا، كونه مازال رئيسًا للسلطة، لكنها تتعامل معه باستخفاف، كما لو كان أنهى منذ وقت طويل ولايته ولم يعد ذا صلة بما يجري.
نقطة الانهيار في علاقة محمود عباس بالرئيس السيسي كانت قبل نحو نصف عام، بعد إفشال عباس جهود "الرباعية العربية" (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) في المصالحة بينه وبين محمد دحلان والسماح بعودة الأخير لصفوف فتح.
رفض عباس بشدة واتهم مصر على نحو غير مباشر بالمساس بـ”استقلالية القرار الفلسطيني”.
كذلك رفض بفظاظة المبادرة المصرية للرئيس السيسي وفضل مبادرة فرنسا بعقد مؤتمر دوليلم يخرج منه بشيء. مصر لا تنسى ولا تغفر. اتخذ الرئيس السيسي منذ وقت طويل قرارا بأن دحلان هو مرشح مصر ليكون رئيس السلطة الفلسطينية القادم.
يرى السيسي أن دحلان هو أفضل من يخدم المصالح المصرية من بين كل المرشحين الآخرين في حركة فتح الذين يسعون لخلافة عباس. كان عباس واثقا من نجاحه في تصفية دحلان سياسيا لكن مصر أعادته إلى مقدمة المسرح السياسي. بدأت مصر فعليًا في بناء المرحلة التي تلي اختفاء عباس عن الساحة السياسية، لذلك منحت دحلان “موطئ قدم” جديدًا في قطاع غزة لإعادته إلى بؤرة اتخاذ القرار الفلسطيني رغم أنف عباس.
أسست المخابرات المصرية لتلك الخطوة بذكاء مع دحلان، من خلال المصالحة مع حركة حماس التي ستسمح لدحلان بالعودة لقطاع غزة بعد 10 سنوات من غيابه واقتسام كعكة الحكم معه. أثبت دحلان لحماس أنه يملك مفتاحين مهمين وأن التعاون معه سيمكن حماس من تحقيق إنجازات هامة.
المفتاح الأول هو مصر، أثبت دحلان لحماس أن بإمكانه إقناع القيادة المصرية بتغيير موقفها من قطاع غزة، وتخفيف الحصار عنه وفتح معبر رفح بشكل دائم، شريطة أن تثبت أنها لا تدعم ولا تساهم في عمليات إرهابية داخل مصر.
والمفتاح الثاني هو الإمارات. دحلان الذي يعمل مستشارًا لحاكم أبو ظبي، أثبت أن بمقدوره جلب مساعدات مالية كبيرة لقطاع غزة، على سبيل المثال مبلغ 150 مليون دولار لبناء محطة للطاقة الشمسية في غزة.
تعيد مصر تبني قطاع غزة بين أحضانها مجددًا، وقد دفعت حماس لإدراك أن المفتاح في يد دحلان، وهو من يحرص على وصول السولار الصناعي المصري لمحطة إنتاج الكهرباء في غزة، وهو من سيحرص على فتح معبر رفح بشكل مستمر استعدادًا لـ”عيد الأضحى” بعد نحو شهرين.
الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه محمود عباس تجاه قطاع غزة عندما قرر معاقبته وفرض عليه عقوبات اقتصادية تدهورت على إثرها الأوضاع الإنسانية، استغلته مصر ومحمد دحلان جيدا. تقدم مصر نفسها الآن كمن يحرص على قطاع غزة بل حتى حصلت على إطراءات علنية من حماس، وتعزز نفسها كمن يهتم بالقضية الفلسطينية وذلك كي يكون لها كلمة في صراع الخلافة على منصب رئيس السلطة الفلسطينية.
التوترات بين مصر والسلطة الفلسطينية ستستمر، فقد طُرد جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح من القاهرة قبل عدة شهور ومنذ ذلك الوقت لا يجرؤ على القدوم إليها، ويتلقى من القيادة المصرية معاملة باردة بشكل دائم، رغم أنها رسميًا تحرص على القول إن العلاقات بينها وبين عباس طبيعية تماما.
المحور الجديد مصر- الإمارات- دحلان- حماس يكتسب زخمًا متزايدًا رغم استياء عباس المرتبط بقطر. إذا لم تحدث مشكلات غير متوقعة، فسوف تخفف مصر الحصار عن القطاع وتعزز مكانتها، وسيعود محمد دحلان لغزة كما تنص التفاهمات مع حماس، ليصبح وزيرا لخارجية القطاع، ويحشد أموال المساعدات، ويكون مسئولا عن المعابر الحدودية والعلاقات مع إسرائيل.
على ما يبدو ليس لدى محمود عباس القوة لوقف هذه الخطوة التي تزيد من انفصال القطاع عن الضفة، وتجعل منه محل سخرية. رفض عباس مناشدات الرئيس السيسي ورفض استعداد محمد دحلان للمصالحة معه وفتح صفحة جديدة، وعلى ما يبدو سوف يدفع الآن ثمن عناده.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف