- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-07-12
غزة تشتعل على وقع صيفها الحار وكهربائها التي لا تكاد أن تصل إلى مواطنيها لسويعات أقل من عدد أصابع اليد الواحدة ملحقة معها نقص في مياه الشرب التي تعد 95% منها غير صالحة للاستخدام الآدمي ستكمل مشوارها وتصبح الحياة فيها غير قابلة للعيش قبل العام الـ 2020.
وتلتف على خاصرة غزة وفي داخلها ألغام الأزمات، وتعيش الواقع المر في هذا الصيف الحار، لا كهرباء ولا غاز ولا مياه ولا بحر، ينهشها الفقر والبطالة ويهرب شبابها بحثا عن موت آخر ربما يكون أقل قسوة، موت يضيع فيه العمر ويبعد عنه الانتماء للوطن. في غزة يمد الله في غنى بعض الناس ويفقر آخرين في صراع الأزمات وتجارة الحروب والانقسام، حتى ملاذ الفقراء بحر غزة لا يريد أحدا ولا يتقبل هموم أحد لان في باطنه أوجاع، هذا هو حال غزة تسير بماضيها وحاضرها ومستقبلها نحو الانفجار الذي لا هو موت ولا انتحار.
إن غزة المدينة الفقيرة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها الجغرافية 365 كم مربع تقتطع المنطقة العازلة على حدودها الشرقية والشمالية مع الاحتلال الإسرائيلي ما نسبته 24% من مساحتها، انهشها الحصار والفقر والأزمات، سُلبت كرامة أهلها بسلاح أخوتها في معركة الخلافات الداخلية والصراع على السلطة والنفوذ وتغييب القضايا والحقوق الوطنية.
ويشتاق قطاع غزة إلى الكهرباء لمقاومة صيفه الساخن ومصارعة أزماته المفتعلة، ما يدفع بمواطنيه للهروب نحو بحره الأزرق ملاذ الفقراء الذي تحول إلى مصب للمياه العادمة لتلوث أكثر من 70% من ساحله الذي يبلغ طوله 41 كم، إضافة إلى ارتفاع معدل انجراف وتآكل شاطئه وتناقص الجغرافيا المستخدمة للاستجمام ليدفع بأغنياء القطاع وميسوريه نحو المنتجعات والشاليهات السياحية، فيما فقراءه لن يستطيعوا تحمل تكلفتها العالية التي تصل لنحو مائة دولار لاثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد رغم خلو عدد كبير منها من السلامة البيئية، والتي تعود الكثير منها إلى تجار الحروب والأزمات بل وتنعكس سلباً على الواقع المعيشي الصعب والاقتصاد الهش في غزة.
بين الواقع المؤلم والإحصائيات المرعبة، تدخل غزة منعطفاً خطيراً أمام ارتفاع نسبة البطالة لتتجاوز 42% تنهش حياة شبابها بنسبة تتجاوز 67%، فيما هم تحت خط الفقر من السكان يتجاوز ما نسبته 65% و30% تحت خط الفقر المدقع فيما يعتمد نحو 80% من الأسر على المساعدات الإنسانية من عدة جهات، منهم 960 ألف فرد يتلقون من وكالة الغوث فيما 80 ألف أسرة فقيرة مساعدات ببرنامج الحماية الاجتماعية.
أمام تلك الأرقام المخيفة في المأساة والبؤس والفقر، وسويعات وصول الكهرباء تدفع بمواطني القطاع الصامد الذين يتجرعون مرارة الموت البطيء لتوديع شموع ومولدات الموت التي أحرقت 29 مواطناً منهم 23 طفلاً منذ عام 2010 ، والبحث عن بدائل وخيارات صعبة.
الأزمات المفتعلة كثيرة في غزة وفي كل فصل تجار كثر أيضاً، ولعل مشكلة الكهرباء المتفاقمة لعامها العاشر على التوالي واحدة منها دفعت بأصحاب المصالح وتجار الأزمات للولوج نحو استيراد الطاقة المتجددة والبديلة من الخلايا الشمسية والليدات والانفيرتر لاستنزاف جيوب المواطنين بعد سقوط ضحايا شموع الموت، إضافة إلى المولدات الكهربائية التجارية المنتشرة في شوارع ومحافظات قطاع غزة والتي تصل تكلفة الكيلووات الواحد في الساعة أكثر من دولار أمريكي في حين تكلفة نظيره من كهرباء محطة التوليد لا تزيد عن 0.14 من الدولار الواحد.
ارحموا غزة مفجرة انتفاضة الحجارة ومفخرة الثورة، أعيدوا لغزة مجدها الوطني يكفيها ما أصابها من الأزمات والويلات، ارحموا عزيز قوم في غزة ذل، فلقد طفح الكيل بسكانها، ولصالح من تُدول معاناتها، انهوا انقسام الوطن وعودوا إلى رشدكم ولا تسيروا بسكان القطاع نحو الهاوية وتشمتوا الأعداء بها. كلنا منهزمون، فلم يبق في الزمن كثير ربما لا تستطيعون العودة إلى رحاب الوحدة الوطنية بل وتدفعون بالقطاع نحو الانفصال والانسلاخ عن بقايا الوطن الكبير الذي ينهشه استعمار الاستيطان والتهويد ويبتلع الأرض أكثر من 85% والذي لم يبق أي حلم لدولة فلسطينية مستقبلية، ربما هي لعبة السياسية أو كما يطلق عليها لعبة الأمم.
فكل المشاريع الإسرائيلية التي تطفو على السطح مثل مشروع غيورا ايلاند ومشاريع أخرى لن تمنح دولة للفلسطينيين بل أشباه دولة حكم ذاتي وإدارات محلية من دون سيادة على الأرض في ظل الكانتونات التي تجتاح الضفة الغربية فيما غزة تُدفع نحو مصر، بينما الاحتلال لم يعد مكلفا ويعيش في أزهى عصوره... هذا هو حال الوطن، ألم يحن الوقت لإنقاذه بطي صفحة الخلافات والانقسامات التي أضعفتنا جميعاً نحو الحوارات الوطنية؟؟!!