هل تضع اسرائيل الاردن أمام التحدي؟ هل تحصل المملكة من الشرق على تسهيلات كبيرة منا، رغم أنها تحولت مع الفلسطينيين الى رأس حربة في الدبلوماسية ضدنا في الساحات الدولية؟ الوزير الاردني د. محمد المومني تفاخر مؤخرا بأن دولته هي التي بادرت وقادت قرار اليونسكو اعتبار اسرائيل محتلة في عاصمتها، والاعلان عن البلدة القديمة كموقع ميراث عالمي معرض للخطر. الاردن هو الذي أطعمنا القش وافترى علينا في السنوات الاخيرة، الامر الذي أدى الى المزيد من القرارات الصارخة ضدنا في الامم المتحدة واليونسكو.
ساحة النشاط الاساسية للدبلوماسيين الاردنيين هي القدس، مع التأكيد على الحرم. التصريحات التي لا أساس لها من الصحة حول ما يحدث في الحرم، والافتراء والكذب حول أن المسجد الاقصى في خطر، هي من القضايا التي تقوم وسائل الاعلام الاردنية في بثها. وكذلك
الاتهام الغريب بأن اسرائيل تسمح للمستوطنين باحتلال الحرم وتقوم بتغيير الوضع القائم فيه، حيث اصبحت هذه التصريحات منتشرة.
وعلى خلفية عدد من المصالح الهامة، الامنية والاقتصادية والاستخبارية، تجاوزت اسرائيل هذا الامر واستمرت بشكل طبيعي. في كل ما يتعلق بالاردن، الذي يوجد اتفاق سلام بينه وبين اسرائيل – لا سيما على خلفية الخوف من عدم استقرار المملكة – اسرائيل تسير الى اطراف اصابعها. والتفسير غير الرسمي هو أننا بحاجة اليهم. وهذا الامر صحيح، لكن هناك جزء آخر في المعادلة: هل هم بحاجة الينا. ميزان الفائدة والاحتياجات والمصالح يجب أن يكون متبادلا لاسباب معروفة. وهذه ليست المنصة المناسبة للتحدث عن الموضوع باسهاب.
عملة من العملات الاساسية التي تدفع بها اسرائيل للاردن مقابل العلاقة الخاصة معها هي موضوع الحرم. الاردن تحول في السنوات الاخيرة الى شريك فعلي لاسرائيل في ادارة الموقع. والتفاهمات من العام 2014 بين اسرائيل والاردن، التي تمت بوساطة امريكية، رسخت ذلك بشكل رسمي تقريبا. وفي المقابل، هناك اتفاق مكتوب مع السلطة الفلسطينية، ينص على أن الاردن سيمثل شؤون الفلسطينيين في المدينة، بما في ذلك شؤون السلطة الفلسطينية في كل ما يتعلق بالحرم، الى حين اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها شرقي القدس. التفاهمات مع اسرائيل والاتفاق مع الفلسطينيين يتناقضان احيانا. وأحد التعبيرات عن ذلك هو المبادرة الاردنية المكثفة ضد اسرائيل في الساحة الدولية، التي تعتبر بالنسبة للاردن شهادة صلاحية أمام الفلسطينيين.
لقد حان الوقت لتذكير الاردن بأنه قام باحتلال القدس في الاعوام 1948 – 1967. وقد قام الاردن بوضع خط على التعهد المكتوب من قبلهم بالسماح لليهود بزيارة الاماكن المقدسة لهم خلف الحدود، مثل حائط المبكى وقبر راحيل. وفي فترة الاحتلال الاردني للقدس تم اتلاف عشرات شواهد قبور اليهود في مقبرة جبل الزيتون، على أنقاضها قام الاردن بشق الطرق واقامة الحمامات والادراج. وقد قام الاردن ايضا بتفجير عشرات الكنس والمعاهد الدينية في البلدة القديمة من اجل محو أي ذكر للوجود اليهودي في المكان. وتحولت المقبرة اليهودية في الخليل الى مكان لزراعة الخضراوات. وفي موقع كنيس سيدنا ابراهيم تمت اقامة مراحيض عامة ومنطقة رعي للاغنام. السكان الاردنيون "استوطنوا" في المعاهد والكنس في الحيين اليهوديين في الخليل وفي القدس، وقاموا بتحويلها الى منازل لهم الى أن تم اخلاءهم في العام 1967.
إن استخدام هذه الذخيرة الدعائية في مواجهة الاردن هو أمر مشروع. لا يجب على اسرائيل الخشية من استخدام هذه الذخيرة، ومن حقها وقف المحرضين التابعين للاوقاف الاردنية في
الحرم، كما تفعل الشرطة مؤخرا، وتقديم الغطاء للضباط اثناء عملهم هناك. ايضا أمام الاردنيين وممثليهم في الحرم يجب وضع خطوط حمراء. وضع جوهر حقيقي لمسألة أن الحرم والقدس حسب كتاب القوانين الاسرائيلية على الأقل، هي مناطق تحت سيادة اسرائيل وينطبق عليها القانون الاسرائيلي. وأن نقول للعالم ايضا بأنه تحت سلطة اسرائيل في المدينة الموحدة يحصل المسلمون والمسيحيون على حرية العبادة بشكل حر لم يكن تحت أي حكم آخر، بما في ذلك الحكم الاردني.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف