- الكاتب/ة : جدعون ليفي و أليكس ليبك
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-08-06
الأسبوع الماضي وفي أوج الأحداث في شرقي القدس، اقتحم عشرات من رجال الشرطة مستشفى المقاصد للتفتيش عن جريح. اقتحموا غُرَف العمليّات، طردوا الزوّار والمتبرعين بالدّم، وبعد أن اتّضح لهم أن الجريح قد توفى، تابعوا اقتحامهم لغرفة الموتى.
يُشْرف الدكتور رفيق الحُسَيْني من خلال نافذة مكتبه الرحبة على ساحة المستشفى التي يتولّى إدارتها، ويطل على سور الحجارة الذي يحيط بالمستشفى وعلى الغابة صنوبر خلف السور. لا زالت آثار الدّم ا ظاهرة على السور بلون بنيّ. هذا دَمُ محمد أبو غنّام، شاب قُتِل من رصاص الشرطة خلال الأحداث في الحرم القُدْسي يوم الجمعة الماضي. لماذا يظهر الدم على السور؟ لأن رفاق أبو غنّام اضطروا لتهريب جثّته بسرعة، بعد أن لفظ أنفاسه في أروقة المستشفى بدقائق، خوفا من جنود حرس الحدود ورجال شرطة لواء القدس.
نقل الرفاق الجثّة الملفوفة بشَرْشَفٍ من شراشف المستشفى، الملطّخة بالدّم، رفعوها فوق السور المرتفع عدّة أمتار، أحيانا كادت أن تسقط الجثّة من الشرشف لكنّهم في النهاية استطاعوا نقلها إلى الجانب الثاني من السور. شريط الفيديو يوثّق ذلك. حملوا الجثة وأسرعوا بها باتجاه دير قريب ومن هناك نقلوها بسيارة خصوصيّة إلى مقبرة حي الطّور على جبل الزيتون، ويسمّيه سكانه "قريتنا".
حاول رجال الشرطة إيقافهم على أحد المفارق، ثمّ أطلقوا سراحهم بشرط أن يشارك في تشييع جنازة الميّت سبعة أشخاص فقط، بينما شارك المئات في تشييع جنازة أبو غنّام، مع أنّ الجثّة كانت مخطوفة وقد جرى التشييع خلافا للتقاليد حيث أنه كان يجب أن تمرّ أوّلا على بيت الميّت ومنه إلى المسجد، وذلك بسبب سياسة السمسرة بالجثث، هذه السياسة التي يديرها وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، بطل أحداث المسجد الأقصى.
لم تكتف شرطة لواء القدس بذلك. جاء رجال الشرطة يوم الأحد لاعتقال والد الميّت، حسن أبو غنّام، أب ثاكل عمره 47 سنة، في أوج أيام حزنه على ابنه، ومن غير الواضح سبب الاعتقال ولماذا، وفي اليوم التالي، يوم الاثنين، جاء رجال الشرطة ثانية إلى خيمة العزاء التي أقيمت في حي الطّور. وأنزلوا صورَ الميَت المُعلّقة في خيمة العزاء، وهدّدوا بفرض غرامة عن كلّ صورة تُعلّق وعلى إزالة الخيمة.
يُشْرف الدكتور رفيق الحُسَيْني من خلال نافذة مكتبه الرحبة على ساحة المستشفى التي يتولّى إدارتها، ويطل على سور الحجارة الذي يحيط بالمستشفى وعلى الغابة صنوبر خلف السور. لا زالت آثار الدّم ا ظاهرة على السور بلون بنيّ. هذا دَمُ محمد أبو غنّام، شاب قُتِل من رصاص الشرطة خلال الأحداث في الحرم القُدْسي يوم الجمعة الماضي. لماذا يظهر الدم على السور؟ لأن رفاق أبو غنّام اضطروا لتهريب جثّته بسرعة، بعد أن لفظ أنفاسه في أروقة المستشفى بدقائق، خوفا من جنود حرس الحدود ورجال شرطة لواء القدس.
نقل الرفاق الجثّة الملفوفة بشَرْشَفٍ من شراشف المستشفى، الملطّخة بالدّم، رفعوها فوق السور المرتفع عدّة أمتار، أحيانا كادت أن تسقط الجثّة من الشرشف لكنّهم في النهاية استطاعوا نقلها إلى الجانب الثاني من السور. شريط الفيديو يوثّق ذلك. حملوا الجثة وأسرعوا بها باتجاه دير قريب ومن هناك نقلوها بسيارة خصوصيّة إلى مقبرة حي الطّور على جبل الزيتون، ويسمّيه سكانه "قريتنا".
حاول رجال الشرطة إيقافهم على أحد المفارق، ثمّ أطلقوا سراحهم بشرط أن يشارك في تشييع جنازة الميّت سبعة أشخاص فقط، بينما شارك المئات في تشييع جنازة أبو غنّام، مع أنّ الجثّة كانت مخطوفة وقد جرى التشييع خلافا للتقاليد حيث أنه كان يجب أن تمرّ أوّلا على بيت الميّت ومنه إلى المسجد، وذلك بسبب سياسة السمسرة بالجثث، هذه السياسة التي يديرها وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، بطل أحداث المسجد الأقصى.
لم تكتف شرطة لواء القدس بذلك. جاء رجال الشرطة يوم الأحد لاعتقال والد الميّت، حسن أبو غنّام، أب ثاكل عمره 47 سنة، في أوج أيام حزنه على ابنه، ومن غير الواضح سبب الاعتقال ولماذا، وفي اليوم التالي، يوم الاثنين، جاء رجال الشرطة ثانية إلى خيمة العزاء التي أقيمت في حي الطّور. وأنزلوا صورَ الميَت المُعلّقة في خيمة العزاء، وهدّدوا بفرض غرامة عن كلّ صورة تُعلّق وعلى إزالة الخيمة.
قنابل غاز وقنابل ارتجاجيّة
في مكتب الدكتور حُسيني، ليس بعيدا من هناك، يخيم هدوء على مرمى النظر. شخص محترم أبيض الشعر، عمره 65 سنة، تعلّم ميكروبيولوجيا [علم الجراثيم] وإدارة طبّيّة وعمل على مدار سنوات مع زميل إسرائيلي على مشروع طبّي عالمي في برشلونه، ويحتفظ في حاسوبه على كل أشرطة كاميرات الحراسة من يوم الجمعة، توثق أشرطة الكاميرات كل ما حدث في ممرّات المستشفى التي يديرها، دقيقة تلو الأخرى.
بدأ المستشفي في الساعة الواحدة والنصف ظهرا بالاستعداد لاستقبال الجرحى. وقد وصل إلى المستشفى حتى نهاية اليوم حوالي 120 جريحا بدرجات متفاوتة. وقد عاد مُعْظم الجرحى إلى بيوتهم. بقي فقط خمسة جرحى، اثنان منهما في قسم العناية المكثّفة. يقول حُسيني أن أغلبيّة الجرحى طلبوا تلقي الإسعاف الأولي ليخرجوا من المستشفى، قبل أن تأتي الشرطة المحتملة أن تحضر في كلّ دقيقة للمستشفى. وحسب أقواله، معظم الإصابات كانت برصاص مطّاطيّ أُطْلِق من مسافة قصيرة – هذا الرصاص المطّاطيّ من نوع جديد، إصابته أصعب مما عرفوا في الماضي.
قبل ذلك بأربعة أيّام هاجمت الشرطة المستشفى، يوم الاثنين من الأسبوع الماضي. جاؤوا لاعتقال علاء أبو تايه، شاب عمره 17 سنة أصيب إصابة خطيرة بحادث في سلوان. كانت حالته خطيرة وعُيِّن ثلاثة جنود من الشرطة لحراسة غرفته. غادر رجال الشرطة يوم الأربعاء، ومن حينه يأتون أحيانا لمراقبة حالته، يقومون بذلك بدون تنسيق مع إدارة المستشفى. وحين يأتون يدخلون قسم العناية المكثّفة.
ما حدث يوم الجمعة الماضي يختلف. وصل الدكتور حُسيني لمكتبه يوم عطلته حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، عندما كان واضحا أنه يوجد عشرات الجرحى. وعندما وصل قالوا له إن قوات حرس الحدود موجودة داخل المستشفى وهم في طريقهم إلى غُرَف العمليّات. وعندما وصل الحُسيني لغرفة العمليات كان يقف فيها ثلاثة جنود من حرس الحدود، مع تجاهل صارخ لكل قواعد التعقيم في غُرف العمليّات. فتش الجنود عن أبي غنّام. لم يكن في غرفة العمليات في تلك اللحظة. طلب جنود الشرطة من الحسيني أن يأخذهم إلى غرفة الأموات. وكما يقول لم يقولوا له عَمَنْ يبحثون. قبل ذلك شاهدوا ممرضا في غرفة العمليات ويداه ملطّخة بالدماء فسألوه دمُ مَنْ هذا، كان هذا دَمُ مريض خرج لتوّه من غرفة العمليّات.
عندما خرجوا من غُرف العمليّات اكتشف الحسيني أن عشرات جنود من حرس الحدود داخل المستشفى – حوالي أل – 50 حسب تقديره. بينما يقدِّر رجال الأمن التابعين للمستشفى أنه كان أكثر من 50. هذا أو ذاك، توجهت القوّة نحو غرفة الأموات. وبطريقهم مرّوا بمحاذاة بنك الدم. حيث تجمّع العشرات الذين لبّوا النّداء وجاءوا للتبرّع بالدم، بسبب كثرة الجرحى أمرهم جنود الشرطة بمغادرة المكان ويظهر في شريط الفيديو أحد المتبرعين بالدّمِ والإبرة لا زالت مغروزة بذراعه.
"تحوّل المكان إلى مكان مجانين"، يقول الحسيني، ومن حُسْن الحظ، وصل للمستشفى جنود شرطة إسرائيل، وعلى رأسهم ضابطان كبيران. يقول الحسيني إنه بفضلهما لم تقع جريمة أكبر، في الجو الذي تكهرب، بين الجرحى وأقاربهم من جهة وبين جنود حرس الحدود الذين أخذوا يتجوّلون في أروقة المستشفى وكأنه لهم، خاف الحسيني من وقوع مجزرة، لا أقلّ من ذلك. وبعد أن تكلّم مع ضباط الشرطة، أمروا قوّة حرس الحدود بمغادرة المستشفى، وخلال خروجهم ألْقَوا قنابل الغاز والقنابل الارتجاجيّة على الجموع المتجمعة في ساحة المستشفى. عند حائط المدخل تظهر إصابتان واضحتان لرصاصات مطّاطيّة أصابت لوح المعدن الذي يغطّي الحائط. يقول الحسيني إنّ جنود حرس الحدود أَوْقَعوا ممرّضا على الأرض فجرح جرحا بسيطا. ويمكن مشاهدة جنود حرس الحدود في أفلام كاميرات المستشفى وهم يدفعون الممرض ويوقعونه أرضا.
"أبداً لم أر وضْعا كهذا"، يقول مدير المستشفى هذا الأسبوع. في 2015 اقتحم رجال الشرطة إلى المستشفى الذي يعمل فيه، يومئذ حاولوا الحصول على ملفٍّ طبيٍّ لمُعْتَقَلٍ. ويَوْمَئذ تصرفوا بسيادة وفوقيّة، لكن ليست كهذه المرّة، كما يقول. "هذه المرّة كانوا أوغادا. أعتقد أنهم فقدوا السيطرة وهذا قد يؤدي هذا إلى مجزرة. لم يُشَنّ علينا في الماضي هجوم من حرس الحدود. دائما كانوا شرطة مع ملابس زرقاء أو سوداء. ليس لدى حرس الحدود أيّة معرفة بالتعامل مع المواطنين المدنيين. عمّا فتّشوا؟ عن السلاح؟ عن مُخرّبين مسلّحين؟ كان يمكن لرجال الشرطة أن يتوجّهوا لي ويقولوا لي إنّه يوجد هنا جريح، وأن يسألوني عن حالته بطريقة حضاريّة – لا أن يدخلوا غُرَف العمليّات بأحذيتهم الملوّثة".
بدأ المستشفي في الساعة الواحدة والنصف ظهرا بالاستعداد لاستقبال الجرحى. وقد وصل إلى المستشفى حتى نهاية اليوم حوالي 120 جريحا بدرجات متفاوتة. وقد عاد مُعْظم الجرحى إلى بيوتهم. بقي فقط خمسة جرحى، اثنان منهما في قسم العناية المكثّفة. يقول حُسيني أن أغلبيّة الجرحى طلبوا تلقي الإسعاف الأولي ليخرجوا من المستشفى، قبل أن تأتي الشرطة المحتملة أن تحضر في كلّ دقيقة للمستشفى. وحسب أقواله، معظم الإصابات كانت برصاص مطّاطيّ أُطْلِق من مسافة قصيرة – هذا الرصاص المطّاطيّ من نوع جديد، إصابته أصعب مما عرفوا في الماضي.
قبل ذلك بأربعة أيّام هاجمت الشرطة المستشفى، يوم الاثنين من الأسبوع الماضي. جاؤوا لاعتقال علاء أبو تايه، شاب عمره 17 سنة أصيب إصابة خطيرة بحادث في سلوان. كانت حالته خطيرة وعُيِّن ثلاثة جنود من الشرطة لحراسة غرفته. غادر رجال الشرطة يوم الأربعاء، ومن حينه يأتون أحيانا لمراقبة حالته، يقومون بذلك بدون تنسيق مع إدارة المستشفى. وحين يأتون يدخلون قسم العناية المكثّفة.
ما حدث يوم الجمعة الماضي يختلف. وصل الدكتور حُسيني لمكتبه يوم عطلته حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، عندما كان واضحا أنه يوجد عشرات الجرحى. وعندما وصل قالوا له إن قوات حرس الحدود موجودة داخل المستشفى وهم في طريقهم إلى غُرَف العمليّات. وعندما وصل الحُسيني لغرفة العمليات كان يقف فيها ثلاثة جنود من حرس الحدود، مع تجاهل صارخ لكل قواعد التعقيم في غُرف العمليّات. فتش الجنود عن أبي غنّام. لم يكن في غرفة العمليات في تلك اللحظة. طلب جنود الشرطة من الحسيني أن يأخذهم إلى غرفة الأموات. وكما يقول لم يقولوا له عَمَنْ يبحثون. قبل ذلك شاهدوا ممرضا في غرفة العمليات ويداه ملطّخة بالدماء فسألوه دمُ مَنْ هذا، كان هذا دَمُ مريض خرج لتوّه من غرفة العمليّات.
عندما خرجوا من غُرف العمليّات اكتشف الحسيني أن عشرات جنود من حرس الحدود داخل المستشفى – حوالي أل – 50 حسب تقديره. بينما يقدِّر رجال الأمن التابعين للمستشفى أنه كان أكثر من 50. هذا أو ذاك، توجهت القوّة نحو غرفة الأموات. وبطريقهم مرّوا بمحاذاة بنك الدم. حيث تجمّع العشرات الذين لبّوا النّداء وجاءوا للتبرّع بالدم، بسبب كثرة الجرحى أمرهم جنود الشرطة بمغادرة المكان ويظهر في شريط الفيديو أحد المتبرعين بالدّمِ والإبرة لا زالت مغروزة بذراعه.
"تحوّل المكان إلى مكان مجانين"، يقول الحسيني، ومن حُسْن الحظ، وصل للمستشفى جنود شرطة إسرائيل، وعلى رأسهم ضابطان كبيران. يقول الحسيني إنه بفضلهما لم تقع جريمة أكبر، في الجو الذي تكهرب، بين الجرحى وأقاربهم من جهة وبين جنود حرس الحدود الذين أخذوا يتجوّلون في أروقة المستشفى وكأنه لهم، خاف الحسيني من وقوع مجزرة، لا أقلّ من ذلك. وبعد أن تكلّم مع ضباط الشرطة، أمروا قوّة حرس الحدود بمغادرة المستشفى، وخلال خروجهم ألْقَوا قنابل الغاز والقنابل الارتجاجيّة على الجموع المتجمعة في ساحة المستشفى. عند حائط المدخل تظهر إصابتان واضحتان لرصاصات مطّاطيّة أصابت لوح المعدن الذي يغطّي الحائط. يقول الحسيني إنّ جنود حرس الحدود أَوْقَعوا ممرّضا على الأرض فجرح جرحا بسيطا. ويمكن مشاهدة جنود حرس الحدود في أفلام كاميرات المستشفى وهم يدفعون الممرض ويوقعونه أرضا.
"أبداً لم أر وضْعا كهذا"، يقول مدير المستشفى هذا الأسبوع. في 2015 اقتحم رجال الشرطة إلى المستشفى الذي يعمل فيه، يومئذ حاولوا الحصول على ملفٍّ طبيٍّ لمُعْتَقَلٍ. ويَوْمَئذ تصرفوا بسيادة وفوقيّة، لكن ليست كهذه المرّة، كما يقول. "هذه المرّة كانوا أوغادا. أعتقد أنهم فقدوا السيطرة وهذا قد يؤدي هذا إلى مجزرة. لم يُشَنّ علينا في الماضي هجوم من حرس الحدود. دائما كانوا شرطة مع ملابس زرقاء أو سوداء. ليس لدى حرس الحدود أيّة معرفة بالتعامل مع المواطنين المدنيين. عمّا فتّشوا؟ عن السلاح؟ عن مُخرّبين مسلّحين؟ كان يمكن لرجال الشرطة أن يتوجّهوا لي ويقولوا لي إنّه يوجد هنا جريح، وأن يسألوني عن حالته بطريقة حضاريّة – لا أن يدخلوا غُرَف العمليّات بأحذيتهم الملوّثة".
يتقدّمون في الممرّات
كان محمد أبو غنّام يرقد بنفس الوقت في غرفة الطوارئ بحالة خطيرة. بعد ذلك حاولوا نقله إلى غرفة العمليّات، لكن المجموعة التي كانت تنقله والمكوّنة من الطاقم ومن رفاقه الذين يدفعون بسريره، أوقفتها قوة من رجال الشرطة. ويظهر في كاميرات حراسة المستشفى أنّه كان لا يزال موصولا بالأنابيب الطبيّة وسريره مليء بالدم، النازف إلى الأرض. أُصيب برصاصتين إحداهما بصدره والثانية بعنقه. عند مُفْتَرق ألطّور.
كان طالبا يدرس الحاسوب في جامعة بير زيت، عمره 22 سنة. يظهر في أشرطة الحراسة جنود حرس الحدود يتقدّمون في الممرّات، وقد صَوّرت فتاة تعتمر خوذة كلّ شيء، كما يبدو أنها تابعة للشرطة. أحيانا يدفعون أشخاصا، وأحيانا يطردون الزّوّار إلى خارج المستشفى. بحر ممَنْ يعتمرون الخُوَذ عند الاستقبال، ومثلهم عند بنك الدّم. وفجأة يظهر إزاءهم السرير الذي يرقد عليه أبو غنّام الذي يحتضر - من غير الواضح إن كان لا يزال على قيد الحياة - عندئذ حصلت فوضى كبيرة واختفى السرير عن الشاشة.
بعد مغادرة القوّة بقي دم كثير على أرضيّة المستشفى حيث مرّ سرير أبو غنّام، وبقي على أرضيّة المستشفى ثوب أخضر لأحد أفراد الطاقم الطبّي وشارة سقطت من أحد العاملين. "كانت هذه هَجْمة بربريّة" يقول الحُسيني، "كان يُمْكِن أن يكون هنا كثير من الجرحى. في هداسا لا يجرؤون على فعل ذلك". ويُضيف الحارس في مدخل المستشفى، ربيع سعيد، وقد صوّر ما حصل بمحموله: "عمّا فتّشوا؟ عن إنسان ميّت. ماذا سيفعلون به؟ قتلوه ويريدون أن يأخذوه؟ لماذا؟ انتهى. مات.جُثّة. هذا مستشفى".
كان ردّ فعل الناطقة بلسان شرطة لواء القدس إنه "خلال الأحداث العنيفة والمُخلّة بالنظام في شرقي القدس، وصل تقرير للشرطة عن نقل جريح جرّاء إطلاق النار إلى مستشفى المقاصد، وقد اسْتتُقْبِل رجال الشرطة الذين جاؤوا لبحث ظروف الحادث بأعمال مخلّة بالنظام تخللها إلقاء الحجارة من داخل منطقة المستشفى، وقد دخل رجال الشرطة لتعقُّب الجريح، وعندما توجّهوا لمدير المُسْتشفى ظلّلَهم وقال لهم إنّ الجريح قد غادر المكان."
وقد ورد أيضا أن والد محمد أبو غنّام قد اعتُقِل: "بتهمة التهديد بالقيام بأعمال إرهابية. نُقِل للتحقيق معه في مركز الشرطة ومدّدت المحكمة اعتقاله مع التشديد بتُهْمة أنه تفوّه بأقوال خطيرة". الخُلاصة: "ستستمر شرطة إسرائيل بالعمل بحزم، في كل زمان ومكان، ضدّ كل مَنْ يُخِلّ بالنظام العام وكل مَنْ يحاول المَسّ برجال الشرطة أو بالمدنيين الأبرياء، من أجل الحفاظ على من مواطني دولة إسرائيل".
على بعد دقائق سفر من المستشفى، في وَسَط الطّور، تجتمع مجموعة من الرجال للحداد على ابنهم ورفيقهم الميت تحت خيمة من "الشوادر" التي نُصِبَت في ساحة أحد البيوت. الغضب والإحباط يصرخان عاليا، وبعض العبارات التي انطلقت ضد رجال الشرطة الذين حاولوا خطف جُثة صديقهم والذين مزّقوا صوره في خيمة العزاء، لا تليق كتابتُها. عمُّه، اسحق ابو غنّام، رأى محمد أبو غنام قبل مقتله بوقت قصير، عندما عاد من صلاة الجمعة خارج المسجد الأقصى. يقول لولا اقتحام قوّات حرس الحدود للمستشفى، كان يُمْكِن تقديم الإسعاف لابن أخيه ومحاولة إنقاذه. بعض الشباب في الخيمة المكشوفة، بدون مظاهر الحداد، هم الذين هرّبوا الجثة من أجل دفنها.
كلّهم يتكلّمون العبريّة. الأبُ الثاكل حسن غير موجود. مُعْتقل ولا أحد يعرف أين هو مُعتقل. أخذوه من سريره في الرابعة صباحا. لقد اتصلوا معه من الشرطة ومن حرس الحدود عدّة مرّات وهدّدوه كي يعمل من أجل الهدوء في القرية، وإلاّ – سيُعْتقل. يقول العم إسحق: "عندنا في القرية، قُطْعان الماعز تعرف كيف تتعامل مع البشر أفضل من جنودكم".
كان طالبا يدرس الحاسوب في جامعة بير زيت، عمره 22 سنة. يظهر في أشرطة الحراسة جنود حرس الحدود يتقدّمون في الممرّات، وقد صَوّرت فتاة تعتمر خوذة كلّ شيء، كما يبدو أنها تابعة للشرطة. أحيانا يدفعون أشخاصا، وأحيانا يطردون الزّوّار إلى خارج المستشفى. بحر ممَنْ يعتمرون الخُوَذ عند الاستقبال، ومثلهم عند بنك الدّم. وفجأة يظهر إزاءهم السرير الذي يرقد عليه أبو غنّام الذي يحتضر - من غير الواضح إن كان لا يزال على قيد الحياة - عندئذ حصلت فوضى كبيرة واختفى السرير عن الشاشة.
بعد مغادرة القوّة بقي دم كثير على أرضيّة المستشفى حيث مرّ سرير أبو غنّام، وبقي على أرضيّة المستشفى ثوب أخضر لأحد أفراد الطاقم الطبّي وشارة سقطت من أحد العاملين. "كانت هذه هَجْمة بربريّة" يقول الحُسيني، "كان يُمْكِن أن يكون هنا كثير من الجرحى. في هداسا لا يجرؤون على فعل ذلك". ويُضيف الحارس في مدخل المستشفى، ربيع سعيد، وقد صوّر ما حصل بمحموله: "عمّا فتّشوا؟ عن إنسان ميّت. ماذا سيفعلون به؟ قتلوه ويريدون أن يأخذوه؟ لماذا؟ انتهى. مات.جُثّة. هذا مستشفى".
كان ردّ فعل الناطقة بلسان شرطة لواء القدس إنه "خلال الأحداث العنيفة والمُخلّة بالنظام في شرقي القدس، وصل تقرير للشرطة عن نقل جريح جرّاء إطلاق النار إلى مستشفى المقاصد، وقد اسْتتُقْبِل رجال الشرطة الذين جاؤوا لبحث ظروف الحادث بأعمال مخلّة بالنظام تخللها إلقاء الحجارة من داخل منطقة المستشفى، وقد دخل رجال الشرطة لتعقُّب الجريح، وعندما توجّهوا لمدير المُسْتشفى ظلّلَهم وقال لهم إنّ الجريح قد غادر المكان."
وقد ورد أيضا أن والد محمد أبو غنّام قد اعتُقِل: "بتهمة التهديد بالقيام بأعمال إرهابية. نُقِل للتحقيق معه في مركز الشرطة ومدّدت المحكمة اعتقاله مع التشديد بتُهْمة أنه تفوّه بأقوال خطيرة". الخُلاصة: "ستستمر شرطة إسرائيل بالعمل بحزم، في كل زمان ومكان، ضدّ كل مَنْ يُخِلّ بالنظام العام وكل مَنْ يحاول المَسّ برجال الشرطة أو بالمدنيين الأبرياء، من أجل الحفاظ على من مواطني دولة إسرائيل".
على بعد دقائق سفر من المستشفى، في وَسَط الطّور، تجتمع مجموعة من الرجال للحداد على ابنهم ورفيقهم الميت تحت خيمة من "الشوادر" التي نُصِبَت في ساحة أحد البيوت. الغضب والإحباط يصرخان عاليا، وبعض العبارات التي انطلقت ضد رجال الشرطة الذين حاولوا خطف جُثة صديقهم والذين مزّقوا صوره في خيمة العزاء، لا تليق كتابتُها. عمُّه، اسحق ابو غنّام، رأى محمد أبو غنام قبل مقتله بوقت قصير، عندما عاد من صلاة الجمعة خارج المسجد الأقصى. يقول لولا اقتحام قوّات حرس الحدود للمستشفى، كان يُمْكِن تقديم الإسعاف لابن أخيه ومحاولة إنقاذه. بعض الشباب في الخيمة المكشوفة، بدون مظاهر الحداد، هم الذين هرّبوا الجثة من أجل دفنها.
كلّهم يتكلّمون العبريّة. الأبُ الثاكل حسن غير موجود. مُعْتقل ولا أحد يعرف أين هو مُعتقل. أخذوه من سريره في الرابعة صباحا. لقد اتصلوا معه من الشرطة ومن حرس الحدود عدّة مرّات وهدّدوه كي يعمل من أجل الهدوء في القرية، وإلاّ – سيُعْتقل. يقول العم إسحق: "عندنا في القرية، قُطْعان الماعز تعرف كيف تتعامل مع البشر أفضل من جنودكم".