- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2017-08-17
يرى المراقبون أن اللجنة المركزية لحركة فتح، فشلت في تمرير قرارها، في اللجنة التنفيذية، لمنظمة التحرير، بعقد المجلس الوطني الفلسطيني في 7/9/2017، بعد أن إقترح عدد من أعضاء اللجنة تأجيل الموعد، لحين إجراء الترتيبات اللازمة، لعقد دورة ناجحة للمجلس، تؤدي الوظائف السياسية والتنظيمية، الوطنية، المطلوبة منه.
إستحقاق وطني
ويقول المراقبون، إن ثمة إجماعاً وطنياً، بضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني، بإعتباره إستحقاقاً لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، خاصة في هذه المرحلة بالذات.
فعلى الصعيد السياسي، تواجه القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية تحديات جمة، تتزايد، وتزداد تعقيداً، وتطرح على بساط البحث ضرورة مواجهة هذه التحديات بموقف وطني موحد.
فالجانب الأميركي لم يعد يخفي مواقفه المنحازة بشكل فاقع للإسرائيليين في تبنيه رؤيتهم لشروط استئناف المفاوضات، وشروطهم للوصول إلى تسوية للقضايا المدرجة على جدول أعمال العملية السياسية. ولعل الشروط التسعة التي قدمها المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات، إلى الرئيس عباس، توضح إلى أي حد، ذهبت الولايات المتحدة في تبنيها للشروط والمواقف الإسرائيلية، ولقد سمع المسؤولون الفلسطينيون، في لقاءاتهم العربية، وجولاتهم الدولية، كلاماً واضحاً، حول السياسة الأمريكية الجديدة، التي تتبعها إدارة ترامب، وحول خطورة التصادم مع هذه الإدارة، خاصة وأنها لم تتوقف عن التكشير عن أنيابها، في سياساتها الدولية، بشأن إيران، وكوريا الديمقراطية، وفنزويلا، والصين. وتتخوف أوساط عربية، ودولية أن يؤدي التصادم مع الإدارة الأميركية إلى تعقيد أكثر فأكثر، لشروط العملية التفاوضية، الأمر الذي سيقدم خدمات إضافية ومكاسب جديدة مجانية للجانب الإسرائيلي، حسب وجهة نظر بعض العواصم العربية.
مأزق القيادة الرسمية
لذلك يرى المراقبون أن القيادة الرسمية الفلسطينية تعيش مأزقاً سياسياً، في ظل أوضاع عربية، لم تعد فيها القضية الفلسطينية تحتل الموقع الأول في إهتماماتها السياسية بعد أن طغت عليها قضايا داخلية وإقليمية إحتلت المساحة الأوسع من إهتماماتها ومتابعتها.
بالمقابل، يشتط الجانب الإسرائيلي في تصعيد مواقفه، وتعقيد شروطه، بما في ذلك الإصرار على توسيع الإستيطان، وتشييد مستوطنات جديدة، فوق الأرض المغتصبة من أصحابها. كما يعمد إلى إعادة رسم الخرائط الإدارية والبلدية، لمدينة القدس خاصة، وتوسيع صلاحيات الإدارة المدنية، لتشمل المستوطنات والمستوطنين في خطوات باتت أشبه بالضم الفعلي لمجموع المستوطنات الإسرائيلية في القدس وأنحاء الضفة الفلسطينية، في إستباق لنتائج المفاوضات، وفي إجراءات تفرض الحلول المسبقة كأمر واقع مسلم به من جانب الفلسطينيين. خلاصة الأمر، كما يقول المراقبون، إن مشروع أوسلو قد وصل إلى طريقه المسدود، وقد أفلس هذا المشروع، ولم يعد يشكل طريقاً للوصول إلى الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية. ويعتقد المراقبون في هذا السياق، أن القيادة الرسمية الفلسطينية تستشعر هذا الأمر وإنها في هذا السياق، تستشعر الخطر الذي يحدق بشرعيتها على رأس السلطة، وعلى رأس م.ت.ف، وقد تبنت مشروع أوسلو بديلاً للمشروع الوطني، وإعتمدت المفاوضات تحت السقف الأمريكي، خياراً وحيداً للوصول إلى النسوية. بذلك يعتقد المراقبون أن القيادة الرسمية تستعجل إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، بهدف شبه وحيد، وهو تجديد شرعيتها، بإعتبار أن المجلس هو الهيئة الوطنية الجامعة التي بإمكانها أن تمنح هذه القيادة شرعية سياسية وتنظيمية.
ليس هذا هو الحل
لكن مثل هذه الخطوة، كما يقول المراقبون، لن تخرج القيادة السياسية الرسمية من مأزقها. قد تجدد لها شرعيتها، (كما تعتقد) لكنها لا تعالج مأزقها السياسي. كما أن الشرعية السياسية في إطار أوضاع كالأوضاع الفلسطينية، أوضاع حركة وتحرر وطني فلسطيني، لا فصل فيها بين شرعية القيادة وشرعية برنامجها السياسي. وبالتالي مادام مشروع أوسلو قد سقط، وأعلن إفلاسه، فإنه لا يمكن الحديث عن تجديد شرعية القيادة الرسمية بمعزل عن شرعية برنامجها.
من هنا، يرى المراقبون أن الأهم في ظل هذا التعقيد هو تجديد شرعية البرنامج. وقد أثبتت التجارب أن البرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج الإجماع الوطني، برنامج العودة وتقرير المصير، والدولة المستقلة، والجمع بين النضال في الميدان وبين تدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية هو، البرنامج الذي بإمكانه أن يوحد الشعب وان يوحد قواه السياسية، وفئاته كافة، وان يشق الطريق نحو الحل المتوازن، حل يقوم على رحيل الإحتلال والإستيطان، وقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران (يونيو)67، وضمان حق العودة للاجئين بموجب الشرعية الدولية (القرار 194).
التحضير لدورة ناجحة
من هنا، ساد الرأي البديل، بضورة التحضير للدورة القادمة للمجلس الوطني، بعد حوار وطني شامل، يعيد صياغة برنامج الإجماع الوطني (بالعودة إلى وثيقة الوفاق الوطني، وإعلان القاهرة 2005، وقرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة، وقرارات الإجماع الوطني في اللجنة التحضيرية في بيروت ـــــــ مطلع عام2017، وحوارات موسكو).
على أن يتلو ذلك التحضير لإنتخابات شاملة، تحت إدارة حكومة وطنية، لإنتخاب رئيس جديد للسلطة، ومجلس تشريعي جديد، وفق التمثيل النسبي الكامل، وإنها الإنقسام. وإنتخاب مجلس وطني جديد، في الداخل والخارج، وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، يعقد دورته في مكان يحضره الجميع، يعيد إنتخاب رئيساً ونائباً للرئيس، ولجنة تنفيذية جديدة، تنتخب بدورها رئيسها وأمين سرها، وتوزع المهام على أعضائها. كما ينتخب مجلساً مركزياً، ولجانها الفرعية، وإدارة مستقلة للصندوق القومي الفلسطيني. وتبنى البرنامج الوطني بإعتباره الخيار الوطني البديل لمشروع أوسلو الفاشل والفاسد.
من هنا كانت الدعوة لإستكمال أعمال اللجنة التحضيرية لتحويل دورة المجلس الوطني الجديد، إلى إستحقاق وطني شامل، يعيد توحيد الحالة الفلسطينية، وإستنهاض عناصر القوة فيها، وكي لا يكون بالمقابل، خطوة نحو تعميق الإنقسام، وزيادة الخلخلة في أوضاع م.ت.ف، ومحطة سياسية لزراعة المزيد من الإحباط واليأس في نفوس شرائح واسعة من الفلسطينيين، لم تعد ترى في الصيغة الحالية، القيادية والسياسية، طريقاً للخلاص