كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، صباح اليوم الأحد، النقاب عن فشل المباحثات الإسرائيليّة-الأمريكيّة فيما يتعلّق بإبعاد الإيرانيين عن سوريّة، أوْ على الأقّل عن الحدود مع إسرائيل، ضمن الحل السياسيّ النهائيّ للأزمة السوريّة، وفي المُقابل صرحّ نائب رئيس الموساد السابق، دوبي بن براك، في مقابلةٍ مع القناة الثانية في التلفزيون العبريّ قائلاً إنّ كلّ مكان تُخليه “داعش” بالقوّة في سوريّة، فإنّ الإيرانيين وحزب الله يقومن بالسيطرة عليه، مُشدّدًا على أنّهما أخطر بكثير من “داعش” بالنسبة لإسرائيل، على حدّ تعبيره.
وعلميًا وعمليًا، تُقّر تل أبيب ولو ضمنيًا أنّ رهانها على تفتيت سوريّة وإسقاط الرئيس الدكتور بشّار الأسد قد فشل، كما تعترف بالفم الملآن أنّ اتفاق خفض التوتّر في جنوب سوريّة، والذي تمّ التوصّل إليه بين الروس والأمريكيين، لم يأخذ بعين الاعتبار مصالحها التكتيكيّة الإستراتيجيّة، وفي المحصلة العامّة فإنّ محاولات أركان دولة الاحتلال حجز تذكرةٍ في الحلّ السياسيّ للأزمة السوريّة بات مصيره الفشل المُدّوي، وأكبر دليل على ذلك أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، سيتوجّه يوم الأربعاء القادم إلى موسكو للاجتماع مع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتن، لنقاش قضية وقف الزحف الإيرانيّ العسكريّ باتجاه الحدود مع الدولة العبريّة.
واللافت أنّ الإعلان عن هذه الزيارة جاء متزامنًا مع الإقرار الإسرائيليّ الرسميّ بأنّ رئيس الموساد يوسي كوهين، وعددٍ من صنّاع القرار في إسرائيل الذين قاموا نهاية الأسبوع المُنصرم بزيارةٍ إلى واشنطن للقاء نظرائهم هناك لمُناقشة الوضع في سوريّة، فشلوا في الحصول على تعهدٍ أمريكيٍّ رسميٍّ أوْ شبه رسميّ من إدارة الرئيس دونالد ترامب، والقاضي بإبعاد الإيرانيين عن سوريّة، أوْ على الأقّل منعهم من التقدّم باتجاه الحدود مع إسرائيل، كما نقل اليوم الأحد مُحلل الشؤون الأمنيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، رونين بيرغمان، عن مصادر وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في الوفد الإسرائيليّ الذي زار العاصمة الأمريكيّة.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن المصادر عينها إنّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة، الجنرال هرتسي هليفي، ومدير الهيئة السياسيّة والأمنيّة في وزارة الـ”دفاع″ الإسرائيليّة، رافقا كوهين في هذه الزيارة. وتابعت المصادر قائلةً إنّ أعضاء الوفد الإسرائيليّ حاولوا إقناع الجانب الأمريكيّ بضرورة تغيير بنود الاتفاق مع روسيا فيما يتعلّق بخفض التوتّر في الجنوب السوريّ، إلّا أنّ الجانب الأمريكيّ رفض منح الإسرائيليين أيّ تعهدٍ في هذا الشأن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولٍ رفيعٍ جدًا في البيت الأبيض قوله إنّ المحادثات تركّزت حول مسألة الاحتياجات الأمنيّة الإسرائيليّة مقابل سوريّة ولبنان، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ المحادثات لم تتطرّق لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى ما يُطلق عليها بعملية السلام الإسرائيليّة-الفلسطينيّة.
في سياقٍ ذي صلةٍ، كشفت ندوة أجراها معهد واشنطن مؤخرًا وحضرها خبراء وسياسيون إسرائيليون عن اتجاه واشنطن وتل أبيب إلى نفس المسار وإحداث تغيير في ملف السلام بين إسرائيل والعالم العربيّ. وقال الوزير الإسرائيلي تساحي هنغبي، الذي حضر الندوة: عندما عقد ترامب ونتنياهو اجتماعهما، ركّزا على علاقات إسرائيل مع الدول السُنيّة وإنفاذ الاتفاق مع إيران في المستقبل. واستكمل: تتمثل مصلحة تل أبيب الأساسية في تعزيز علاقاتها مع العالم السنيّ، عبر جعل تعاونهما السري القائم حاليًا أكثر علنية، وتستند هذه العلاقات جزئيًا إلى واقع أنّ لدى الطرفين عدوين مشتركين، هما إيران وتنظيم داعش.
بدوره قال الخبير السياسي إيتمار رابينوفيتش، سفير تل أبيب الأسبق في واشنطن، إنّه بالنسبة للقضية الفلسطينيّة، يبقى حلها مهمًا بالنسبة للإسرائيليين، ويعود ذلك جزئيًا إلى أنّها تؤثر في علاقاتهم مع باقي دول العالم.
ولفت إلى أنّ التوصل إلى حلٍّ مؤقتٍ ممكن إذا أدرك الفلسطينيون أنّ الوضع الراهن ليس وضعًا قائمًا، بل تحول نحو ضمّ أراضٍ إلى إسرائيل، ومن شأن الموافقة على حلّ مؤقت أنْ توقف هذا التحول، ولو أنّه لن يمنحهم دولة، وإذا كان نتنياهو والفلسطينيون على استعدادٍ للتوصل إلى حلٍّ مؤقتٍ، فبإمكان الولايات المتحدة أنْ تلعب دورًا في الوساطة بين الجانبين، على حدّ تعبيره.
ويبدو جليًا وواضحًا أنّ الريبة الإسرائيليّة من تعزيز تواجد إيران وحزب الله في مرتفعات الجولان باتت واضحةً جدًا، إذْ نقلت الصحيفة عن مصادر أمنيّة رفيعة في تل أبيب قولها إنّ حزب الله بدأ بجمع المعلومات في المنطقة، وجريًا على العادة الإسرائيليّة التي باتت ممجوجةً ولا تنطلي على أحد، قال مسؤول أمنيّ إسرائيليّ رفيع للصحيفة العبريّة إنّ الدولة العبريّة على أيّة حالٍ تُحافظ على حقّها في الدفاع عن نفسها، أيْ بكلماتٍ أخرى تهديد مبطن بلهجةٍ دبلوماسيّةٍ

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف