قبل حوالي اسبوعين عرض البروفيسور يحزقيل درور على بنيامين نتنياهو العفو عن كل اخطائه اذا قام فقط بالبدء في العملية السياسية ("هآرتس"، 9/8). وفي صالح نتنياهو يُقال إنه رد بقول: "لا، شكرا". وأنا لدي كلمات أكثر شدة.
درور، كما يبدو، يصور لنفسه نتنياهو كنوع من المسخ، اذا كان يعتقد أن نتنياهو سيعمل على دعم اتفاق تسوية، كرس كل حياته السياسية من اجل وقفه. نتنياهو ربما كان متهكما، لكنه ليس متهكما بما فيه الكفاية من اجل دعم عملية تعرض حسب رأيه أمن الدولة وحياة مواطنيها للخطر فقط من اجل انقاذ نفسه بسبب حبه الكبير للسيجار والشمبانيا.
هذا عرض مخيف. ولكن التفكير بأن اليسار يمكن أن يدعم عملية كهذه، مخيف الى درجة لا تقل عن ذلك. في بداية 2008 عندما حامت الشكوك بالرشوة حول اهود اولمرت، أعلن في الكنيست أن في نيته القيام بعملية سياسية. وللأسف، الكثير من اصدقائي أغراهم دعم هذا الاقتراح. وقد قلت لاولمرت في حينه في الكنيست إن "معسكر السلام ليس مدينة لجوء للسياسيين الفاسدين"، وأنه محظور أن يكون السلام هو الملجأ الاخير للحقيرين. وهذا صحيح اليوم ايضا.
العملية السياسية هي وصف قصير لتغيير السياسة الدراماتيكي جدا منذ احتلال المناطق. أنا اعتقد ان عملية كهذه حيوية لمستقبل هذه الدولة من اجل انهاء الاحتلال، لكن ليس بالامكان الادعاء للحظة أنها ستكون عملية سهلة خالية من الألم. إن اتفاق كهذا يعني اخلاء مئات آلاف المنازل ورسم حدود دائمة للدولة والتنازل في القدس. الحديث يدور عن سلسلة من الاجراءات التاريخية، العديد منها مؤلم. ولكنها ليست تذكرة للخروج من السجن الى الحرية.
لا يوجد أي فرق بين ما يعرضه درور على نتنياهو وما يعرضه عليه الآن اليمين. في الحالتين القول بسيط: سنغفر لك اذا قمت بدعم ايديولوجيتنا، سنعيش مع رئيس حكومة فاسد طالما أنه يخدم مصالح جماعتنا.
ولكن ما هو موضوع هنا على كفة الميزان أكبر من قضايا الفساد لنتنياهو أو من الاتفاق الاقليمي. الديمقراطية هي أكثر من مجموع الحقوق التي تنظمها، إنها مرتبطة ايضا بقدرتنا على تشخيص ما هو مشروع وما هو لا، ما هو قانوني وما هو غير قانوني، وما هو غير قانوني ونتن، اعمالنا اليوم تشكل المعايير السياسية للغد. عندما تقول وزيرة العدل إنه يمكن لنتنياهو القيام بدوره كرئيس حكومة، حتى لو تم تقديم لائحة اتهام ضده، فهي تفتح الباب أمام رؤساء الحكومات الفاسدين في المستقبل. عندما يعرض درور على نتنياهو أن يقوم بعقد اتفاق من اجل التملص من السجن، فانه يقوض نظام القيم الذي تقوم عليه الديمقراطية الاسرائيلية.
من المحظور علينا أن يتم اتخاذ القرارات التي تتعلق بالأرواح من خلال اعتبارات موضوعية، بل من خلال الرغبة في الهرب من مخاوف القضاء. السلام الذي يكون قائما على اساسات فاسدة كهذه لن يكون له مضمون وبقاء. لا، شكرا، يا يحزقيل، لن نقبل بهذا حتى من اجل السلام.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف