باللغة الانجليزية يسمون هذا «سبين» وبالعبرية «سيحرور» (دوامة أو أحبولة). مهما يكن من أمر، لا يوجد تعريف أفضل من هذا للبيان الذي نشره، صباح أول من أمس، وزير الدفاع، افيغدور ليبرمان، حول مسألة تعيين منسق لموضوع الأسرى والمفقودين بدلاً من المنسق المستقيل، ليئور لوتن.
حاول ليبرمان في بيانه رسم موقفين متعارضين: من جهة تقف ظاهراً عائلتا هدار غولدن واورون شاؤول، المحتجزين لدى «حماس»، وعائلة أبرام منغيستو الذي اجتاز الحدود الى غزة، والتي تعرب عن مشاعر الأهل. ومن جهة ثانية يقف وزير الدفاع ليبرمان، الذي يمثل ظاهراً صوت المنطق، ذاك الذي يرى الصورة الكبرى والمعاني الوطنية. تؤيد العائلات ظاهرا الاستسلام لاملاءات «حماس» بهدف اعادة الابناء مثلما حصل في الصفقة الاشكالية جدا بتحرير جلعاد شاليت، فيما انه هو، ليبرمان، الذي يقف في الثغرة.
لو كان هذا هو وجه الأمور لكان ممكنا القول إن ليبرمان محق. فالسياسة الأمنية لا يمكن ان تدار انطلاقا من احاسيس بطن الام، ومهما كانت التضحية الشخصية التي قدمتها كبيرة. السياسة الامنية المسؤولة يجب ان ترفض كل صفقة تبادل تتضمن تحرير «مخربين» أحياء، ويجب ان تتضمن – ومن الأفضل متأخرة مما ألا تكون أبداً – جعل استنتاجات تقرير لجنة شمغار قرارا حكوميا ملزما.
ولكن الحقيقة هي أن ليبرمان يهاجم شخصا وهميا. ويبني صورة كاذبة لكفاح العائلات. وعندها يهاجم تلك الصورة الكاذبة التي بناها. فالحديث لا يدور هنا على الاطلاق عن كفاح من العائلات من أجل صفقة اشكالية في مواجهة حكومة تحمي بتصميم مبادئ دولة اسرائيل. الكفاح هو بين الفعل وبين القصور. عائلتا شاؤول وغولدن، ومثلهما عائلة منغيستو لم تدعُ في اي مرحلة لصفقة تبادل عديمة المسؤولية من ناحية أمنية. وهي لم تحاول إقناعنا بان اعادة ابنائها اهم من حياة المصابين المحتملين من مثل هذه الصفقة. وبالتالي لا يدور الحديث هنا عن جولة ثانية من الكفاح الذي خاضته عائلة شاليت. ما عرضته العائلات هو طلب صارم لخلق ميزان رعب مقابل «حماس»، خلق وضع لا يكون فيه احتجاز الجثامين لدى «حماس» ذخراً استراتيجياً بل عبء استراتيجي. والحقيقة هي ان العائلات محقة. يمكن تغيير المعادلة الإشكالية. وبخلاف أحبولة ليبرمان، لا ينبغي الاستسلام لـ «حماس» من اجل إعادة الابناء. لدى اسرائيل روافع ضغط عديدة يمكن ممارستها على «حماس»، ولا حاجة الا الى الشجاعة لعمل ذلك. غير ان وزير الدفاع، الذي هدد بتصفية اسماعيل هنية في غضون 48 ساعة إذا لم يعد الأبناء، يبدو أنه غير قادر على ان يقوم حتى بخطوات أكثر بساطة، وهكذا تجده يتجه نحو مطارح الأحبولة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف