- الكاتب/ة : كارولينا ليندسمان
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-09-08
"نحن نتعامل مع متسللين غير قانونيين وليس مع لاجئين"، هذا ما قاله رئيس الحكومة في هذا الاسبوع اثناء زيارة له في جنوب تل ابيب. إن طرد اللاجئين يهدف الى التهرب من الحاجة الاخلاقية لاستيعاب اللاجئين في اسرائيل، حيث يبدو أن اليهود لا يستطيعون أن يكونوا غير مبالين ازاء اللاجئين. لأن "شعبنا جرب بنفسه صمت العالم".
ولكن عدم الاعتراف باللاجئين هو جوهري: هؤلاء السود في الحقيقة ليسوا لاجئين، لأنهم ليسوا بشرا كاملين بالمعنى الابيض للكلمة. إن كذب نتنياهو وزملائه في الحكومة ليس بحثا في المعطيات، بل محاولة لأن يضعوا بنفس المفهوم "بشرا ناقصين" مع بشرا عاقلين مثل اليهود الذين تم تشريدهم وقتلهم. هؤلاء غير مرغوب فيهم هنا مثل العرب.
العصاب الديمغرافي، أي الخوف من فقدان الاكثرية اليهودية، عميق ومشترك للكثيرين، بدون أي صلة بالانتماء السياسي، الى درجة أن التفكير بعشرات آلاف اللاجئين الذين تم استيعابهم في اسرائيل، ينظر اليه ليس فقط كضربة اقتصادية اخرى للفقراء في احيائهم، بل كتهديد لهوية الفضاء والروح اليهودية. إن الكلام المعسول لمن يدعون اسرائيل الى مد يدها للاجئين موجه للضمير اليهودي، ويهدف الى أن يوقظ فيه التماثل مع من هم اليوم موجودون في الموقف الذي كان فيه اليهود ذات يوم. هؤلاء تفوتهم نقطة هامة ذات علاقة اكثر بحياة اليهود اليوم، الذين يتمتعون بالسيادة في دولتهم ويشكلون الاكثرية فيها: ليس ما جربوه على جلد شعبهم، بل ما جربه على جلودهم من ارادوا الحفاظ على نقاء الفضاء والروح لشعبهم، الى أي هاوية سقطوا في اعقاب منطق الماني، ماذا بقي من الجسد، الروح، والذكاء الالماني بعد أن شن "الواحد" حربا ضروس ضد "الآخر".
دمتري شومسكي ("هآرتس"، 4/9) أوضح أن طموح اييلت شكيد، تحويل الدولة الاسرائيلية الى طائفة، باسم الصهيونية، هو "تشويه فاضح وكاذب للحقيقة الفكرية والسياسية" للمشروع الصهيوني، الذي كان هدفه "تحويل اليهود من طائفة عرقية – دينية منغلقة الى قومية سياسية حديثة – قومية احدى صفاتها الاساسية، بالمناسبة، هي القدرة على أن يدمج في دولته الاغيار والمختلفين". الصهيونية سعت الى القيام بثورة سياسية واجتماعية وليس اقامة غيتو لديه قنبلة نووية. وقد نجحت في ذلك في سنواتها الاولى، وأوقفت الاسرائيليين على أقدامهم.
إن انسحاب الاسرائيليين أمام قوة القوميين اليهود لن يتوقف طالما لم يعد الأوائل الى اعتبار أنفسهم اسرائيليين. "الدولة اليهودية" بلسان شكيد ونتنياهو، أو "اليهودية والديمقراطية" بلسان تسيبي لفني وامثالها، ليست سوى تشويش للمفاهيم. ليس لأنهم غير مخلصين لصفحة التوجيهات التي تركها هرتسل خلفه، بل لأنهم يقومون باغراء الاسرائيليين بالسير خلفهم بطرق منطقية بدون مخرج.
العلاقة بين "الاكثرية" (التي هي نفسها شيء مركب) و"الاقلية" هي الاوكسجين الذي تتنفسه الدولة، بالضبط مثل التوتر بين "الأنا" و"الآخر" الذي يخلق الطاقة الحيوية، الثقافية والجنسية التي تحرك الانسانية. ليس عبثا أن الطاقة الثقافية في اسرائيل تدفقت كلها تقريبا الى الخطاب الطائفي، لأنه المكان الوحيد الذي يسمح "نسبيا" بالتوتر بين المختلفين. الدولة اليهودية التي يتخيلونها ستكون حيوية مثل المكابية، وانجازاتها في العالم سيكون لها نفس وزن الانجازات التي تحققها المكابية في عالم الرياضة، احتفالات متوسطة، الجائزة الكبرى فيها هي زواج مسرحي ساخر داخل العائلة.