- الكاتب/ة : سيمونا فاينغلاس
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-09-14
قبل أيام، كنت في نزهة مع عدد من الأصدقاء عندما أشار أحدهم إلى روسيا فلاديمير بوتين بأنها “دولة مافيا”. اعترضت امرأة روسية المولد على وصفه: “هذا مسيئ حقا. إن روسيا دولة تضم 140 مليون شخص. من الخطأ القول إنهم جميعا مافيا”.
ردالمتحدث الأول : “أنا لا أشير إلى الناس. معظم الروس هم أشخاص جيدون. معظمهم ضحايا للنظام الذين يعيشون في ظله. ولكن يوجد نخبة متداخلة فاسدة تتغلغل في النظام السياسي والاقتصادي بكامله وكذلك في جميع مراكز صنع القرار هو حقيقة. وهذه النخبة على صلة بجماعات جريمة منظمة”.
في تشابه لافت للنظر، في رحلة قمت بها مؤخرا إلى العاصمة الأميركية واشنطن وجدت نفسي أتحدث إلى سيدة يهودية تعمل في الحكومة الأميركية التي قالت لي مستاءة: “أنا لا أفهم. في أميركا اليهود هم مواطنون متميزون. ما الذي يحدث في إسرائيل؟”.
كانت المرأة تشير إلى النمو الهائل للجريمة المنظمة في إسرائيل خلال الأعوام العشرة الماضية، بالإضافة إلى حقيقة أن إسرائيل أصبحت واحدة من أكبر مصدري الحيل الاستثمارية، التي تسرق من ضحايا من حول العالم مبالغ تترواح بحسب تقديرات بين 5 مليارات و10 مليارات دولار سنويا.
على الرغم من حقيقة أن الشرطة الإسرائيلية أعلنت مؤخرا عن أن هذه الحيل الاستثمارية تشرف عليها إلى حد كبيرة مجموعات الجريمة المنظمة، التي نمت بـ”معدلات وحشية” نتيجة قلة أو انعدام انفاذ القانون لسنوات، فإن الحكومة والبرلمان والسلطات الإسرائيلية أثبتت حتى الآن عدم رغبتها أو عدم قدرتها على حظر هذا القطاع، ويعود ذلك في جزء منه إلى أن لهذه الصناعات الاحتيالية «لوبي» قويا في الكنيست.
“معظم الإسرائيليين هم أشخاص جيدون”، قلت للسيدة في واشنطن دفاعا عن إسرائيل. “المشكلة هي أن هناك خللا في النظام”.
وبالفعل، أصبح النظام الديمقراطي في إسرائيل غارقا بالفساد مؤخرا. في العام الماضي قال محللون قاموا بدراسة قطاع الهايتك الإسرائيلي (والذين رفضوا الحديث علنا خوفا من إثارة غضب زملائهم) لـ «تايمز أوف إسرائيل» إن ما يُقدر بنحو 25 بالمئة من عائدات قطاع الهايتك الإسرائيلي الذي يحظى بكثير من الإشادة تأتي من صناعات مشبوهة أو احتيالية، من ضمنها المقامرة على الإنترنت والخيارات الثنائية والفوركس والمحملين/”انجكتورز” وشركات الدفع والتسويق والإعلان الإلكترونية التي تقدم الخدمات لهذه الصناعات.
مؤخرا أصدرت وزارة المالية الإسرائيلية تقريرا يظهر أن تكلفة كل منتج إستهلاكي تقريبا، باستثناء التعليم والإنتاج، في إسرائيل أعلى من المعدل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). ويعزو المحللون هذه التكلفة العالية إلى المحتكرين والباحثين عن الريع الذين يقومون بتحريك الخيوط وممارسة الضغوط على الحكومة من خلال جماعات الضغط لمنع المنافسة في صناعة تلو الأخرى.
في غضون ذلك، ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 118% في السنوات العشر الأخيرة، لأسباب لا يمكن للخبراء الاقتصاديين تفسيرها بصورة كاملة. مؤخرا، شهد بيع الشقق الجديد تباطؤاً، وهو ما عزاه تقرير في صحيفة “ذي ماركر” لنيمرود بوسو إلى حملة ضد تبييض الأموال تجري مؤخرا في البنوك الإسرائيلية بأمر من مراقب البنوك في “بنك إسرائيل”. التقرير أشار إلى أن تفشي ظاهرة تبييض الأموال لعب دورا رئيسا في ارتفاع أسعار الشقق في المقام الأول.
في تشرين الأول 2014 نشر دكتور أفيحاي سنير، وهو اقتصادي في جامعة “بار إيلان”، مقالا حول تأثير تبييض الأموال على ارتفاع أسعار الشقق. واستخدم سنير طريقة معدل الودائع النقدية المعدلة – وهي طريقة يستخدمها الإقتصاديون لتقييم حجم اقتصاد الظل في بلد معين، بالاستناد على مقدار النقد المتداول – وتوصل إلى أنه بين العامين 2008-2014، ارتفعت نسبة الإقتصاد غير الرسمي من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من نحو 22% إلى 28%. وهو ارتفاع مذهل. الرقم الأول يضع إسرائيل على قائمة تشمل بلدانا مثل إسبانيا وإيطاليا؛ الرقم الثاني يضعها مع اقتصادات مثل رومانيا وبلغاريا.
سنير لم يقم حتى الآن بحساب النسبة المئوية بين 2014 و2017، لكنه قال إنه يعتزم استكشاف طرق جديدة لقياس تبييض الأموال الذي تعود جذوره إلى شبكة الإنترنت.
على صعيد آخر ولكن متصل، قال عضو كنيست مؤخرا لـ «تايمز أوف إسرائيل» إن ثلاثة أرباع أعضاء الكنيست الذين يبلغ عددهم 120 برلمانيا يخدمون مصالح جماعات ضغط خاصة، التي يملأ ممثلوها أروقة الكنيست، ولا ينفكون عن ممارسة الضغوط إلى درجة تصبح فيها المصلحة العامة، كما قال هذا النائب، صوتا ضعيفا في الجزء الخلفي من رؤوسهم. محرر «تايمز أوف إسرائيل»، الذي جلس إلى جانبي عندما أعطى عضو الكنيست موضع الحديث هذا التقييم الصادم عن 90 من زملائه، أصيب بالفزع لدرجة أنه طلب منه تكرار ما قاله، للتأكد من أن ما سمعه كان صحيحا.
تسفيكا غرايفر، محام في حركة “كيب عوليم” في إسرائيل، قال مؤخرا إنه عندما يشارك في جلسات في الكنيست للدفاع عن خطوات من شأنها تسهيل حياة المهاجرين الجدد، يجد نفسه دائما يجلس وحيدا وسط جيش من ممثلي جماعات الضغط وبيروقراطيين حكوميين غير مبالين.
على سبيل المثال، في تشرين الثاني 2016 تم عقد جلسة في الكنيست لمناقشة “السوق السوداء” لمعلمي السياقة الذين يطلبون مبالغ ضخمة من المهاجرين قبل الموافقة على تحديد موعد لهم لإجراء امتحان سياقة. “لقد وقفت منظمتنا غير الربحية في ذلك ضد مجموعة من ممثلي جماعات الضغط التي مثلت رابطة معلمي السياقة ومكتب الترخيص وآخرين”.
ربح غرايفر في الواقع المعركة ضد لوبي معلمي السياقة، لكن خبرته المتراكمة تركته مع شعور بأن الأمور في البرلمان الإسرائيلي تسير بعكس مصلحة الجمهور. وقال: “يسيطر ممثلو جماعات الضغط على الكنيست؛ فهم يقومون بتحديد جدول الأعمال ويفوزون عادة”. وأضاف: “لا يوجد هناك شك بأن معظم أعضاء الكنيست اليوم يعملون نيابة عن جماعات الضغط وليس عن الجمهور”.
في وقت سابق من العام تم التخفيف من لهجة مشروع قانون من شأنه منع جميع شركات التداول على الإنترنت، وليس فقط الجزء الذي يُدعى “الخيارات الثنائية” في هذا القطاع، في سياق مشاورات جرت وراء الكواليس بين هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية ووزارة العدل وصناعة التداول عبر الإنترنت بنفسها. وقد تفاجأ المدافعون عن مكافحة الاحتيال عند وصولهم إلى جلسة للجنة الإصلاح حيث تمت مناقشة مشروع القانون ليكتشفوا أنه تم إضعاف مشروع القانون من دون علمهم، كنتيجة مباشرة لمدخلات من نفس الصناعات التي صيغ هذا التشريع لاستهدافها.
وردا على سؤال حول كيفية حدوث ذلك، قال أحد مالكي شركات الفوركس الإسرائيلية: “لا توجد لديكم أدنى فكرة عن الأشخاص الذين تتعاملون معهم. لهذه الصناعة الكثير من الأموال والنفوذ. لا تقلقوا أنفسكم بمثل هذه الأمور”.
مويسس نعيم، وهو مفكر مقيم في واشنطن كتب مقالا “دول المافيا”، رسم عددا من المراحل التي تتحول خلالها الدولة إلى دولة مافيا. المرحلة الأولى تُدعى “الاختراق الإجرامي”، وهو يحدث عندما تتمكن منظمة جريمة من إدخال “أحد رجالها” في مبنى الدولة. المرحلة الثانية هي “التغلغل الإجرامي”، والذي يعرّفه نعيم بأنه يحدث “عندما ينتشر الالتهاب عبر جميع أجهزة الدولة في البلد المعني، وتنتشر الروابط مع الشركات الخارجية غير المشروعة”.
وأخيرا هناك المرحلة التي تسمى بمرحلة “الاستيلاء الإجرامي” وهي “حالة من الحكم المختل وظيفيا يكون فيه وكلاء الجريمة بارزين جدا في مناصب داخل سلطة الدولة بحيث لا يمكن تقييد أنشطتهم الإجرامية من قبل الدولة بصورة فعالة. في مرحلة معينة، قد تصبح المشاركة في أنشطة غير مشروعة جزءا من العقيدة المؤسسية للدولة أو فروعها الإدارية”.
أحد الأمثلة الشهيرة على اختراق إجرامي مزعوم في إسرائيل كان في العام 2003، عندما تم انتخاب عنبال غافريئيلي للكنيست عن حزب “الليكود”. في برقية مسربة نشرها موقع “ويكيليكس” في العام 2009، كتب السفير الأميركي لدى إسرائيل إن “إنتخاب عنبال غافريئيلي للكنيست في العام 2003 كنائبة عن ’الليكود’ يثير المخاوف بشأن تأثير الجريمة المنظمة في اللجنة المركزية للحزب. غافريئيلي هي ابنة زعيم جريمة مشبوه، وحاولت استخدام حصانتها البرلمانية لمنع تحقيقات في أعمال والدها”.
ويشير نعيم إلى روسيا وفنزويلا كمثالين على دول عرفت تغلغلا إجراميا، في حين أن غينيا-بيساو هي مثال على إستيلاء إجرامي كامل على الدولة.
ومن غير الواضح أين تقع إسرائيل في هذا السلم. في العام 2009، كتبت السفارة الأميركية عن “مشكلة آخذة بالازدياد” تتعلق بعناصر جريمة “تخترق المؤسسة الإسرائيلية وتقوم بإفساد مسؤولين حكوميين”.
في كتابه “حجر، ورقة، مقص: نظرية الألعاب في الحياة اليومية”، يصف لين فيشر مشكلة الفساد بأنها شبيهة بسيناريو “صيد الأيل” في نظرية الألعاب: مجموعة من الأشخاص تخرج في رحلة صيد أيل. إذا تعاونوا جميعهم معا، فمن المرجح أن ينجحوا في رحلتهم، ولكن إذا قرر عدد قليل منهم عدم صيد الأيل وصيد الأرانب بدلا من ذلك، التي يُعتبر صيدها أسهل، لمصلحتهم الخاصة، عندها سيفشل المشروع برمته وسيقرر المزيد من صيادي الأيل أنه من الأفضل لهم الاهتمام بمصلحتهم وصيد الأرانب.
عندما يصبح لديك مجتمع يقوم معظم أفراده باصطياد الأرانب، تكون العودة إلى صيد الأيل (عدم وجود فساد) سيناريو صعب للغاية. حتى لو قرر عدد قليل من الصيادين التوقف عن كونهم أنانيين والتعاون فيما بينهم، ستعود ديناميكية هذه المجموعة بسرعة إلى وضعية صيد الأرانب. ولكن الوضع ليس ميئوسا منه، لأن مجتمعات من صيادي الأيل قد ظهرت في الواقع بشكل عفوي عبر التاريخ، ويحدث ذلك، كما يقول فيشر، في كثير من الأحيان لأن عدد كبير من الأفراد يغيرون رأيهم حول ما الذي سيفعله أفراد آخرون من المجتمع ويبدأون بوضع ثقتهم أحدهم بالآخر.
من الواضح أن من مصلحة إسرائيل فرض النظام والقانون واقتلاع الجريمة من جذورها، وأحد الأسباب لذلك هو أن الدول الفاسدة تعاني من تداعيات اقتصادية وخيمة (الاقتصاد الروسي آخذ في التقلص، على الرغم من الإمدادات المستمرة للدخل من النفط). ولكن يبدو أن هناك الكثير من صيادي الأرانب في إسرائيل اليوم، الذين يهتمون بمصالحهم الشخصية، ولا يوجد في المقابل عدد كبير من صيادي الأيل. يمكن لذلك أن يتغير إذا شارك عدد أكبر من الإسرائيليين العاديين في الصراع لمحاربة الفساد. في حين أن النظام يظهر علامات انهيار، فإن معظم الإسرائيليين هم أشخاص شرفاء، يستحقون بشكل قاطع مجتمعا يتم فيه فرض سلطة القانون وتتم فيه محاربة واقتلاع الإجرام دون هوادة.
ردالمتحدث الأول : “أنا لا أشير إلى الناس. معظم الروس هم أشخاص جيدون. معظمهم ضحايا للنظام الذين يعيشون في ظله. ولكن يوجد نخبة متداخلة فاسدة تتغلغل في النظام السياسي والاقتصادي بكامله وكذلك في جميع مراكز صنع القرار هو حقيقة. وهذه النخبة على صلة بجماعات جريمة منظمة”.
في تشابه لافت للنظر، في رحلة قمت بها مؤخرا إلى العاصمة الأميركية واشنطن وجدت نفسي أتحدث إلى سيدة يهودية تعمل في الحكومة الأميركية التي قالت لي مستاءة: “أنا لا أفهم. في أميركا اليهود هم مواطنون متميزون. ما الذي يحدث في إسرائيل؟”.
كانت المرأة تشير إلى النمو الهائل للجريمة المنظمة في إسرائيل خلال الأعوام العشرة الماضية، بالإضافة إلى حقيقة أن إسرائيل أصبحت واحدة من أكبر مصدري الحيل الاستثمارية، التي تسرق من ضحايا من حول العالم مبالغ تترواح بحسب تقديرات بين 5 مليارات و10 مليارات دولار سنويا.
على الرغم من حقيقة أن الشرطة الإسرائيلية أعلنت مؤخرا عن أن هذه الحيل الاستثمارية تشرف عليها إلى حد كبيرة مجموعات الجريمة المنظمة، التي نمت بـ”معدلات وحشية” نتيجة قلة أو انعدام انفاذ القانون لسنوات، فإن الحكومة والبرلمان والسلطات الإسرائيلية أثبتت حتى الآن عدم رغبتها أو عدم قدرتها على حظر هذا القطاع، ويعود ذلك في جزء منه إلى أن لهذه الصناعات الاحتيالية «لوبي» قويا في الكنيست.
“معظم الإسرائيليين هم أشخاص جيدون”، قلت للسيدة في واشنطن دفاعا عن إسرائيل. “المشكلة هي أن هناك خللا في النظام”.
وبالفعل، أصبح النظام الديمقراطي في إسرائيل غارقا بالفساد مؤخرا. في العام الماضي قال محللون قاموا بدراسة قطاع الهايتك الإسرائيلي (والذين رفضوا الحديث علنا خوفا من إثارة غضب زملائهم) لـ «تايمز أوف إسرائيل» إن ما يُقدر بنحو 25 بالمئة من عائدات قطاع الهايتك الإسرائيلي الذي يحظى بكثير من الإشادة تأتي من صناعات مشبوهة أو احتيالية، من ضمنها المقامرة على الإنترنت والخيارات الثنائية والفوركس والمحملين/”انجكتورز” وشركات الدفع والتسويق والإعلان الإلكترونية التي تقدم الخدمات لهذه الصناعات.
مؤخرا أصدرت وزارة المالية الإسرائيلية تقريرا يظهر أن تكلفة كل منتج إستهلاكي تقريبا، باستثناء التعليم والإنتاج، في إسرائيل أعلى من المعدل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). ويعزو المحللون هذه التكلفة العالية إلى المحتكرين والباحثين عن الريع الذين يقومون بتحريك الخيوط وممارسة الضغوط على الحكومة من خلال جماعات الضغط لمنع المنافسة في صناعة تلو الأخرى.
في غضون ذلك، ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 118% في السنوات العشر الأخيرة، لأسباب لا يمكن للخبراء الاقتصاديين تفسيرها بصورة كاملة. مؤخرا، شهد بيع الشقق الجديد تباطؤاً، وهو ما عزاه تقرير في صحيفة “ذي ماركر” لنيمرود بوسو إلى حملة ضد تبييض الأموال تجري مؤخرا في البنوك الإسرائيلية بأمر من مراقب البنوك في “بنك إسرائيل”. التقرير أشار إلى أن تفشي ظاهرة تبييض الأموال لعب دورا رئيسا في ارتفاع أسعار الشقق في المقام الأول.
في تشرين الأول 2014 نشر دكتور أفيحاي سنير، وهو اقتصادي في جامعة “بار إيلان”، مقالا حول تأثير تبييض الأموال على ارتفاع أسعار الشقق. واستخدم سنير طريقة معدل الودائع النقدية المعدلة – وهي طريقة يستخدمها الإقتصاديون لتقييم حجم اقتصاد الظل في بلد معين، بالاستناد على مقدار النقد المتداول – وتوصل إلى أنه بين العامين 2008-2014، ارتفعت نسبة الإقتصاد غير الرسمي من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من نحو 22% إلى 28%. وهو ارتفاع مذهل. الرقم الأول يضع إسرائيل على قائمة تشمل بلدانا مثل إسبانيا وإيطاليا؛ الرقم الثاني يضعها مع اقتصادات مثل رومانيا وبلغاريا.
سنير لم يقم حتى الآن بحساب النسبة المئوية بين 2014 و2017، لكنه قال إنه يعتزم استكشاف طرق جديدة لقياس تبييض الأموال الذي تعود جذوره إلى شبكة الإنترنت.
على صعيد آخر ولكن متصل، قال عضو كنيست مؤخرا لـ «تايمز أوف إسرائيل» إن ثلاثة أرباع أعضاء الكنيست الذين يبلغ عددهم 120 برلمانيا يخدمون مصالح جماعات ضغط خاصة، التي يملأ ممثلوها أروقة الكنيست، ولا ينفكون عن ممارسة الضغوط إلى درجة تصبح فيها المصلحة العامة، كما قال هذا النائب، صوتا ضعيفا في الجزء الخلفي من رؤوسهم. محرر «تايمز أوف إسرائيل»، الذي جلس إلى جانبي عندما أعطى عضو الكنيست موضع الحديث هذا التقييم الصادم عن 90 من زملائه، أصيب بالفزع لدرجة أنه طلب منه تكرار ما قاله، للتأكد من أن ما سمعه كان صحيحا.
تسفيكا غرايفر، محام في حركة “كيب عوليم” في إسرائيل، قال مؤخرا إنه عندما يشارك في جلسات في الكنيست للدفاع عن خطوات من شأنها تسهيل حياة المهاجرين الجدد، يجد نفسه دائما يجلس وحيدا وسط جيش من ممثلي جماعات الضغط وبيروقراطيين حكوميين غير مبالين.
على سبيل المثال، في تشرين الثاني 2016 تم عقد جلسة في الكنيست لمناقشة “السوق السوداء” لمعلمي السياقة الذين يطلبون مبالغ ضخمة من المهاجرين قبل الموافقة على تحديد موعد لهم لإجراء امتحان سياقة. “لقد وقفت منظمتنا غير الربحية في ذلك ضد مجموعة من ممثلي جماعات الضغط التي مثلت رابطة معلمي السياقة ومكتب الترخيص وآخرين”.
ربح غرايفر في الواقع المعركة ضد لوبي معلمي السياقة، لكن خبرته المتراكمة تركته مع شعور بأن الأمور في البرلمان الإسرائيلي تسير بعكس مصلحة الجمهور. وقال: “يسيطر ممثلو جماعات الضغط على الكنيست؛ فهم يقومون بتحديد جدول الأعمال ويفوزون عادة”. وأضاف: “لا يوجد هناك شك بأن معظم أعضاء الكنيست اليوم يعملون نيابة عن جماعات الضغط وليس عن الجمهور”.
في وقت سابق من العام تم التخفيف من لهجة مشروع قانون من شأنه منع جميع شركات التداول على الإنترنت، وليس فقط الجزء الذي يُدعى “الخيارات الثنائية” في هذا القطاع، في سياق مشاورات جرت وراء الكواليس بين هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية ووزارة العدل وصناعة التداول عبر الإنترنت بنفسها. وقد تفاجأ المدافعون عن مكافحة الاحتيال عند وصولهم إلى جلسة للجنة الإصلاح حيث تمت مناقشة مشروع القانون ليكتشفوا أنه تم إضعاف مشروع القانون من دون علمهم، كنتيجة مباشرة لمدخلات من نفس الصناعات التي صيغ هذا التشريع لاستهدافها.
وردا على سؤال حول كيفية حدوث ذلك، قال أحد مالكي شركات الفوركس الإسرائيلية: “لا توجد لديكم أدنى فكرة عن الأشخاص الذين تتعاملون معهم. لهذه الصناعة الكثير من الأموال والنفوذ. لا تقلقوا أنفسكم بمثل هذه الأمور”.
مويسس نعيم، وهو مفكر مقيم في واشنطن كتب مقالا “دول المافيا”، رسم عددا من المراحل التي تتحول خلالها الدولة إلى دولة مافيا. المرحلة الأولى تُدعى “الاختراق الإجرامي”، وهو يحدث عندما تتمكن منظمة جريمة من إدخال “أحد رجالها” في مبنى الدولة. المرحلة الثانية هي “التغلغل الإجرامي”، والذي يعرّفه نعيم بأنه يحدث “عندما ينتشر الالتهاب عبر جميع أجهزة الدولة في البلد المعني، وتنتشر الروابط مع الشركات الخارجية غير المشروعة”.
وأخيرا هناك المرحلة التي تسمى بمرحلة “الاستيلاء الإجرامي” وهي “حالة من الحكم المختل وظيفيا يكون فيه وكلاء الجريمة بارزين جدا في مناصب داخل سلطة الدولة بحيث لا يمكن تقييد أنشطتهم الإجرامية من قبل الدولة بصورة فعالة. في مرحلة معينة، قد تصبح المشاركة في أنشطة غير مشروعة جزءا من العقيدة المؤسسية للدولة أو فروعها الإدارية”.
أحد الأمثلة الشهيرة على اختراق إجرامي مزعوم في إسرائيل كان في العام 2003، عندما تم انتخاب عنبال غافريئيلي للكنيست عن حزب “الليكود”. في برقية مسربة نشرها موقع “ويكيليكس” في العام 2009، كتب السفير الأميركي لدى إسرائيل إن “إنتخاب عنبال غافريئيلي للكنيست في العام 2003 كنائبة عن ’الليكود’ يثير المخاوف بشأن تأثير الجريمة المنظمة في اللجنة المركزية للحزب. غافريئيلي هي ابنة زعيم جريمة مشبوه، وحاولت استخدام حصانتها البرلمانية لمنع تحقيقات في أعمال والدها”.
ويشير نعيم إلى روسيا وفنزويلا كمثالين على دول عرفت تغلغلا إجراميا، في حين أن غينيا-بيساو هي مثال على إستيلاء إجرامي كامل على الدولة.
ومن غير الواضح أين تقع إسرائيل في هذا السلم. في العام 2009، كتبت السفارة الأميركية عن “مشكلة آخذة بالازدياد” تتعلق بعناصر جريمة “تخترق المؤسسة الإسرائيلية وتقوم بإفساد مسؤولين حكوميين”.
في كتابه “حجر، ورقة، مقص: نظرية الألعاب في الحياة اليومية”، يصف لين فيشر مشكلة الفساد بأنها شبيهة بسيناريو “صيد الأيل” في نظرية الألعاب: مجموعة من الأشخاص تخرج في رحلة صيد أيل. إذا تعاونوا جميعهم معا، فمن المرجح أن ينجحوا في رحلتهم، ولكن إذا قرر عدد قليل منهم عدم صيد الأيل وصيد الأرانب بدلا من ذلك، التي يُعتبر صيدها أسهل، لمصلحتهم الخاصة، عندها سيفشل المشروع برمته وسيقرر المزيد من صيادي الأيل أنه من الأفضل لهم الاهتمام بمصلحتهم وصيد الأرانب.
عندما يصبح لديك مجتمع يقوم معظم أفراده باصطياد الأرانب، تكون العودة إلى صيد الأيل (عدم وجود فساد) سيناريو صعب للغاية. حتى لو قرر عدد قليل من الصيادين التوقف عن كونهم أنانيين والتعاون فيما بينهم، ستعود ديناميكية هذه المجموعة بسرعة إلى وضعية صيد الأرانب. ولكن الوضع ليس ميئوسا منه، لأن مجتمعات من صيادي الأيل قد ظهرت في الواقع بشكل عفوي عبر التاريخ، ويحدث ذلك، كما يقول فيشر، في كثير من الأحيان لأن عدد كبير من الأفراد يغيرون رأيهم حول ما الذي سيفعله أفراد آخرون من المجتمع ويبدأون بوضع ثقتهم أحدهم بالآخر.
من الواضح أن من مصلحة إسرائيل فرض النظام والقانون واقتلاع الجريمة من جذورها، وأحد الأسباب لذلك هو أن الدول الفاسدة تعاني من تداعيات اقتصادية وخيمة (الاقتصاد الروسي آخذ في التقلص، على الرغم من الإمدادات المستمرة للدخل من النفط). ولكن يبدو أن هناك الكثير من صيادي الأرانب في إسرائيل اليوم، الذين يهتمون بمصالحهم الشخصية، ولا يوجد في المقابل عدد كبير من صيادي الأيل. يمكن لذلك أن يتغير إذا شارك عدد أكبر من الإسرائيليين العاديين في الصراع لمحاربة الفساد. في حين أن النظام يظهر علامات انهيار، فإن معظم الإسرائيليين هم أشخاص شرفاء، يستحقون بشكل قاطع مجتمعا يتم فيه فرض سلطة القانون وتتم فيه محاربة واقتلاع الإجرام دون هوادة.