- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2017-09-14
الزيارة المستمرة لوفد حركة حماس للقاهرة، ح ّركت لدى بسطاء الناس، مشاعر بالتفاؤل الحذر يَّج المصالحة الوطنية. األنظار في قطاع غزة، المكتوي أكثر من الفلسطينيين في الضفة مشدودة إلى ما يصدر من تصريحات تنطوي على وعود سبق لهم أن ألفوها، وتكررت على مسامعهم عشرات المّرات، لكن النتائج كانت دائما المزيد من خيبات األمل. لكن حدس الناس وتجربتهم الطويلة مع خيبات األمل، جعلتهم يتطلعون إلى الحد األدنى من النتائج اإليجابية، وهو الحصول على تسهيالت لتخفيف الحصار .فيما يتعلق بأزمة الكهرباء ومعبر رفح، وبدرجة أقل التبادل التجاري من يدخل إلى غزة يصاب بمرض التفاؤل غير الموضوعي، المنسق الخاص لعملية السالم في الشرق األوسط، مالدينوف، ما أن دخل غزة يوم أمس، حتى أطلق تصريحا ينطوي على ترحيب بالتطورات التي يعتبرها إيجابية في القاهرة، كممثل لألمم المتحدة، يكرر .مالدينوف التأكيد على مخاطر استمرار االنقسام، وأهمية تحقيق الوحدة، ويعتبر أن غزة جزء ال يتجزأ من أي دولة فلسطينية مستقلة شخصيا متحمس له، لكنه يعرف كما يعرف غيره تصريح مالدينوف محمول على الموقف التقليدي الذي تتخذه األمم المتحدة، ويبدو أنه .وربما أكثر أن األحداث تجاوزت إمكانية تحقيق السالم على أساس رؤية الدولتين في القاهرة، تبدو حماس أنها أبرأت ذمتها إزاء موضوع إنهاء االنقسام، حين وضعت اللجنة اإلدارية وديعة لدى مصر من دون أن .تشترط إلغاء العقوبات على قطاع غزة أوال فضال تستكمل حماس بذلك، عملية تأكيد مصداقيتها في العالقة مع القاهرة، ذلك أنها تؤكد ثقتها بمصر، واستعدادها لتعميق خيار العالقة، عن أنها تحتاج إلى الضمانة المصرية، حتى ال يكون حل اللجنة اإلدارية، خطوة منفردة ال يتبعها أية خطوات أخرى كما حصل بالنسبة .لحل حكومتها، واستبدالها بحكومة الوفاق الوطني سريعا من قبل حركة فتح، سواء في بيان اللجنة المركزية، أو على لسان عضو اللجنة عزام األحمد، الذي أكد أن حركته لن الرد جاء .تلتقي بحركة حماس في القاهرة، قبل إعالن األخيرة حل اللجنة اإلدارية وتمكين حكومة الوفاق من أداء مهماتها في قطاع غزة من المؤكد أن مصر ستتابع االتصال والحديث مع القيادة الفلسطينية واللجنة المركزية لفتح، لكنها على األرجح لن تغامر بالتفريط في الثقة التي حصلت عليها من حماس، إذا هي لم تحصل على ضمانات من قبل حركة فتح. وحتى تحصل على مثل هذه الضمانات، فإن على القاهرة أن تجيب عن األسئلة المتعلقة بتفاهمات حماس مع النائب محمد دحالن، وأيضا حول طبيعة عالقة مصر بحماس حين تتمكن حكومة الوفاق من بسط سيطرتها على الوضع في القطاع. فضال عن ذلك، فإن حركة حماس تتمسك بقوة، بضرورة استيعاب موظفيها في .االطار الوظيفي للسلطة، وهذه مسألة معقدة يختلف الطرفان على كيفية معالجتها والسؤال األهم هو أن حماس وضعت ثقلها خلف خيار القاهرة، كخيار رئيسي، دون أن تفرط بحلم التواصل مع الخيارات األخرى، سواء إيران وتحالفاتها، أو قطر أو تركيا، لكن حركة فتح التي تظل تتحدث عن إيجابية العالقة مع القاهرة، تتجه نحو خيارات أخرى القاهرة .ليست األولى من بينها أو األهم كيف يمكن والحال على ما هو عليه من تعقيدات أن ننتظر تحريك عملية المصالحة، التي تتطلب »مصالحة« بين حركة فتح، والقاهرة التي تنظر إلى رد اللجنة المركزية على أنه يحمل رسالة ضمنية للقاهرة من أنها لن تستجيب ألي جهد تقوم به، ما لم تعلن هي أو حماس حل اللجنة اإلدارية، والقبول باشتراطات الرئيس محمود عباس؟ في كل األحوال ال نعتقد أن وضع الموقف من اللجنة اإلدارية وتمكين حكومة الوفاق وديعة لدى مصر أن حماس التي تبدو مرتاحة من عالقتها بالقاهرة، بأن ذلك يعني إمكانية قبولها بمعادلة اقبل أو ارفض. مرة أخرى تدور الساقية من دون أن تحرك المياه الغائرة في قعر الوادي، غير أن زيارة وفد حماس الذي يمثل كل وجهات النظر، لم تكن دون فائدة. من غير المرجح أن تؤدي مرونة الحركة إزاء موضوع المصالحة إلى مصالحة، لكن ذلك يساعدها على تعزيز عالقاتها وثقتها بالقاهرة ورغبتها في دفع عجلة تحقيق التفاهمات معها، أو مع تيار محمد دحالن. وباالجمال يمكن الذهاب إلى ما هو أبعد، لرؤية مغزى ذلك على الحركة ورؤيتها السياسية، حيث أنها تمضي .قدما في اتجاه التكيف لعملية االحتواء التي تلقى استجابة من القاهرة معنى ذلك أن على الكل أن يراقب بعين مفتوحة التحوالت التي تشهدها حركة حماس، وتتجاوز الوثيقة السياسية، وهذه المرة، ليس عبر التصريحات وكثير الكالم، وإنما عبر العمل والممارسة والكثير منها. نعم متأخرة هذه التحوالت في سياسة الحركة، وممارستها السياسية، متأخرا خير من أن ال تأتي. غير أن االمتحان، الذي ينتظر مدى مصداقية هذه التحوالت، يعود إلى لكن على قول المثل المأثور: أن تأتي الميدان سواء على المستوى الوطني العام أو على مستوى كيفية التعامل مع المجتمع في قطاع غزة، ومع عناصر الفعل الفلسطيني السياسية واالجتماعية؟