- الكاتب/ة : : دوريت الدار ـ افيدان
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-09-19
ليس هناك ما يعوض عما تراه العين. فأنا اعرف قصة عائلة شماسنة منذ سنين. أقرأ، وأساسا أسمع، قصتها الحزينة التي تدور بين المحاكم، في محاولات التصدي للمسألة القانونية والقرار بطردهم من بيتهم. وحتى بعد الحسم النهائي، تواصلت مساعي الصد. ثمانية نفوس في شقة من غرفتين في الشيخ جراح في القدس الشرقية. ثمانية نفوس، ثلاثة اجيال، الجد (84 عاما)، مريض وعاجز، الجدة لطيفة المظهر، إبنهما محمد، زوجته، اطفالهما. مدخل صغير، والغرفتان تحت مستوى الطريق.
أخليت العائلة من بيتها في ليلة 4 ـ 5 ايلول. ومنذئذ وهم في الشارع. عفواً، في الزقاق الضيق والمهمل. ممتلكاتهم جمعت ونقلت إلى مخازن دائرة الإجراءات. والتكلفة والحساب الهائل سيقدم إليهم. في غضون نحو ساعة دخل مستوطنون إلى الشقة. ويوم الجمعة من اسبوع الاخلاء ذهبنا للقاء العائلة.
وصلنا في الصباح. على كراسي بلاستيكية بيضاء جلس ابناء العائلة والاصدقاء من سكان الحي، وكانت الوضعية، مع الفارق، هي وضعية خيمة عزاء، ولكن بلا خيمة. أمامهم طاولة مغطاة بالنايلون، صحن حمص، بضعة ارغفة. تفضلوا، تقول أم العائلة. اعتذر أني سبق أن أكلت. إذاً قهوة عربية على الأقل، كما يقترح أحد الجيران بعبرية طليقة. أمامه كومة من الكؤوس الصغيرة الورقية، وترموس من القهوة. ضيافة في كل الظروف.
أنا لا أتكلم العبرية، ولكن الاتصال موجود، هو اتصال تأييد وأسى. فالقلب يتفطر إذ فجأة تأخذ القصة وجها. اطفال أبناء العائلة يتراكضون في الزقاق مع رفاقهم. والبيت، العقار البائس، مغلق. كاميرات الحراسة وحدها تنظر إلي، والانتركوم الجديد بارز، غريب في هذا المحيط. وقد علقت هذه بسرعة البرق من المستوطنين الذين سيطروا على البيت، «لإنقاذه». دونم هنا ودونم هناك. وكأنه لم تمر عشرات السنوات منذ تلك القصيدة.
أنا لا أتكلم العبرية، ولكن الاتصال موجود، هو اتصال تأييد وأسى. فالقلب يتفطر إذ فجأة تأخذ القصة وجها. اطفال أبناء العائلة يتراكضون في الزقاق مع رفاقهم. والبيت، العقار البائس، مغلق. كاميرات الحراسة وحدها تنظر إلي، والانتركوم الجديد بارز، غريب في هذا المحيط. وقد علقت هذه بسرعة البرق من المستوطنين الذين سيطروا على البيت، «لإنقاذه». دونم هنا ودونم هناك. وكأنه لم تمر عشرات السنوات منذ تلك القصيدة.
ويوجد علم ايضا. علم اسرائيل، علمي، الذي يوظف لأغراض كلها شر، يرفرف مرفوعا على عامود نصب على سطح البيت. فتيان التلال وواحد مع قميص جماعة «لهافا». أغادر مصدومة.
نحن نعود في الظهيرة، مع زجاجات ماء وتصبيرات للأطفال. وللوقاية من شمس أيلول الحارة رفعوا مظلة بلاستيكية زرقاء، ومن تحتها كانت الحرارة حتى أكثر. والآن، يجلسون في الطرف الآخر من الزقاق، إذ أن الشمس تسير في مسارها. هناك أجواء ذات معنى، مسيرة تأييد ستأتي. أحد الاطفال يرغب في إنزال العلم. في مدخل البيت آريه كينغ، الذي يكرس ايامه لظلم الفلسطينيين، وبضعة فتيان تلال وشبان مدرسة دينية مهملين، في وردية الحراسة للمستوطنات في قلب الاحياء العربية.
يدعو كينغ افراد الشرطة المتواجدين في كل زاوية. فهل لديه رقم الهاتف النقال للشرطي؟ يأتي شرطيان. عيون الاطفال تشخص اليهما. أحد الشرطيين، يتكلم العربية من بيته، يتوجه إليهم بنظرة مهددة. لا أفهم فحوى القول، ولكني أرى ردود فعل الطفل. يقول كينغ بسكينة إنه حاول الدخول إلى بيتي، بيته؟ البيت ليس مسجلا على اسمه.
زع الأطفال الفلسطينيين لا يؤثر على كينغ، «بارد كالخيار» بقميصه الاخضر.
مسيرة التأييد تقترب. أحد سكان الحي يرفع علم فلسطين ويسير باتجاهها. وفي ثوان يمسك افراد الشرطة بتلابيبه. اشعر أنني ضائعة وسأفتقده. ماذا لو كان رفع علم الولايات المتحدة؟ كل شيء سيكون على ما يرام، يقول الشرطي الثاني. النشيط الفلسطيني بات في داخل السيارة الشرطية، في طريقه إلى محطة شليم. لا، ليس كل شيء على ما يرام. أحاول أن أجيب، ولكن لم يعد هناك من أجيبه. نسافر نحو المسيرة المثيرة للانطباع، ما لا يقل عن 200 نشيط اسرائيلي ساروا من وسط القدس نحو الحي الشرقي، كمن يأتون ليقولوا نقف معا إلى جانبكم، سنكافح معا ضد الإخلاءات المرتقبة التالية، ضد الشر وضد القاء الناس الأبرياء إلى الشارع، محرومين من كل شيء. ليس الجميع آريه كينغ، لسنا كلنا سُطاة نسلب الفقير آخر ما يملك.