- الكاتب/ة : عميره هاس
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-10-16
كم هي المسافة بعيدة بين شوكن 21 (مبنى "هآرتس") وبين قلندية، نابلس أو جيوس، لكنها ذكرتني بعدد من المقالات التي نشرت في "هآرتس" قبل عيد العرش. وقد ذكرتني مرة تلو الاخرى بمقدار فشلي في محاولة وصف وتوضيح السياسة الاسرائيلية حول تقييد الحركة. ولأنني سجلت عددا كبيرا من الكيلومترات من الكلمات عن سياسة الاغلاق منذ تم وضعها في كانون الثاني 1991، فأنا أعترف بمسؤوليتي الشخصية.
لقد انتقد وبحق عدد من زملائي في الصحيفة، بما في ذلك المقال الافتتاحي، تعليمات المستوى السياسي والعسكري لمنع خروج الفلسطينيين من الضفة الغربية طوال ايام العيد وبين الاعياد. وقد تطرق الكتاب الى القسوة التي تم المس من خلالها بحياة عشرات آلاف العمال، وكذلك العقاب الجماعي المتمثل بالحصار.
ولكن هذه المقالات تولد الانطباع بأنه في الايام العادية الحواجز مفتوحة أمام الجميع. واذا كان الامر كذلك فانها جديرة بالكلمة التي يستخدمها الجهاز العسكري "المعابر"، وكأن الامر يتعلق بمعابر حدودية بين دولتين سياديتين متساويتين. من النقد الذي كتب في هذه المقالات كان يمكن أخذ الانطباع أنه مثل الاسرائيلي العادي الذي يستطيع الصعود الى الحافلة أو الى سيارته ويسافر نحو الشرق بصورة حرة، وحسب رغبته، في كل ايام الاسبوع وفي أي وقت في اليوم، هكذا يستطيع ايضا الفلسطيني العادي أن يصعد الى نفس تلك الشوارع الفاخرة وأن يسافر نحو الغرب، الى البحر والقدس والى العائلة في الجليل كما يشاء، تقريبا في كل يوم وفي كل ساعة، باستثناء أيام السبت والاعياد.
تعالوا اذا نعيد قول ذلك ثانية: الاغلاق لم يرفع منذ فرضه على سكان القطاع والضفة الغربية (لا يشمل شرقي القدس) في 15 كانون الثاني 1991. ولكننا الآن نعرفه بعد 26 سنة؟ الاغلاق هو اعادة الخط الاخضر، لكن باتجاه واحد ولشعب واحد. هو غير موجود بالنسبة لليهود، لكنه موجود بالنسبة للفلسطينيين (مع البديل الجديد – جدار الفصل).
احيانا يكون الاغلاق شاملا بصورة أقل واحيانا أكثر. أي أنه احيانا يحصل عدد اكبر من الفلسطينيين على تصاريح الدخول الى اسرائيل، واحيانا يحصل عدد أقل أو لا يحصل أحد على التصاريح اطلاقا، "غزة". ولكن دائما يدور الحديث عن عدد قليل من الفلسطينيين الذين تمنحهم اسرائيل التصاريح. وفي الاساس لأن قطاعات من اقتصاد اسرائيل (البناء والزراعة، والمخابرات ايضا) بحاجة اليه. على مدى عقدين تقريبا احترمت اسرائيل حق حرية الحركة لجميع الفلسطينيين، باستثناء بعض الحالات، وقد دخلوا اليها وتنقلوا بين الضفة والقطاع دون الحاجة الى تصاريح محددة بفترة زمنية. ومنذ كانون الثاني 1991 فصاعدا تسلب اسرائيل حق حرية الحركة من جميع الفلسطينيين في هذه المناطق باستثناء بعض الحالات الاستثنائية حسب معايير وحصص تحددها حسب ما تراه مناسبا.
كانون الثاني 1991 هو تاريخ بعيد بالنسبة لكثير من القراء ومن يهتمون، الذين ولد عدد منهم بعد هذا التاريخ. ولكن بالنسبة لكل فلسطيني فوق عمر 42 سنة، فان كانون الثاني 1991 هو أحد التواريخ الكثيرة التي تحدد تراجع سلبي في حياتهم.
في تاريخ الجغرافيا في سيطرتنا على الفلسطينيين، يجدر بهذا التاريخ أن يتم التحقيق فيه كحجر اساس (ليس الاول أو الوحيد) في الابرتهايد الاسرائيلي: بلاد واحدة من البحر الى النهر، شعبان، حكومة واحدة سياستها تقرر حياة الشعبين. هذا معروف. نظامي قانون منفصلين، بنيتان اساسيتان منفصلتان وغير متساويتين، متطورة لأحد الشعبين ومتخلفة أو متدهورة للشعب الآخر. ولا يقل أهمية عن ذلك: حرية الحركة لأحد الشعبين ودرجات مختلفة من التقليص تصل الى مستوى غياب حرية الحركة للشعب الآخر. بحر؟ قدس؟ الاصدقاء الذين يعيشون في الجليل؟ كلهم بعيدون عن قلقيلية مثل البعد عن القمر، ليس فقط في فترة الاعياد.