ضاة المحكمة العليا في القدس، عند انعقادها كمحكمة عدل عليا، مرة اخرى حصلوا على ممر للنجاة. مرة اخرى لم يطلب منهم البحث في الحقيقة الثابتة الفاضحة أن اسرائيل لا تقوم بربط آلاف الفلسطينيين "على جانبي الخط الاخضر" بشبكة الكهرباء القطرية. ممر الهرب في هذه المرة وجد في قرية جب الديب، أسفل الهوروديون جنوب شرق بيت لحم. هذه القرية بحاجة الى شبكة كهرباء مهجنة "طاقة شمسية مدعومة بالسولار في الايام الباردة" التي اقامتها منظمة المساعدة الاسرائيلية – الفلسطينية "كوميت مي"، لأن اسرائيل لم تلتزم بتعهدها الدولي ولم تقم بربطها بشبكة الكهرباء.
إن كل من يتهمون المحكمة العليا باليسارية عليهم الهدوء. فقد اضاعت مئات الفرص للقول إن عدم التزويد بالكهرباء والمياه هو أمر غير قانوني. غير قانوني حسب قانون اسرائيل ومرفوض حسب القانون العبري. مئات المرات – عدد الالتماسات التي قدمت للمحكمة – سنحت الفرصة للمحكمة بأن تأمر الدولة بربط التجمعات السكانية الفلسطينية بشبكة الكهرباء، لكنها تملصت وفضلت استخدام مظلات تقنية. وعندما كانت وزيرة العدل اييلت شكيد ما تزال في المهد، فوت القضاة لدينا الفرصة المرة تلو الاخرى لانقاذ سمعة الاخلاق اليهودية وعدم وصمها بالشيطنة القومية وشهوة الترحيل.
إن ممر الهرب في جب الديب أراهم اياه العميد احفات بن حور، لكن هذا لم يكن قبل قيام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بحفر هذا الممر. حكومة هولندا التي قامت بتمويل منشأة الكهرباء المهجنة، غضبت من مصادرتها، وقد تعهد نتنياهو لها خطيا بأن الالواح الشمسية التي قامت اسرائيل بمصادرتها في نهاية حزيران ستعاد. فماذا يجب على بن حور أن يفعل، القائد المباشر ومبعوث المصادرين والهادئين في الادارة المدنية؟ لقد قام بابلاغ النيابة العامة التي ابلغت بدورها محكمة العدل العليا، بأنه قرر ارجاع الالواح الشمسية، ليس تقديرا لتعهدات الدولة للسكان المحميين، بل لسبب تقني: لقد تمت مصادرة الالواح الشمسية بعد مرور ثمانية اشهر على تركيبها وتشغيلها. والالتماس المستعجل الذي قدمه المحامي ميخائيل سفارد والمحامية ميخال فيسوبسكي أصبح لا حاجة اليه. يا للخسارة، لقد كان من المثير رؤية القضاة وهو يتلوون مرة اخرى بسبب قول (المفهومة والمقبولة من الحكومة الهولندية) إن عدم توفير الكهرباء وهدم المنشآت الكهربائية هي مخالفة للقانون الدولي الانساني.
إن الحبل الذي قدمه بن حور مكن النيابة العامة والقضاة من التهرب ايضا من نقاش حقيقة أن الادارة المدنية استخدمت بصورة خاطئة أوامر تعليمات الدفاع، أمر وضع اليد الذي تم تسليمه للسكان في جب الديب في يوم المصادرة استند الى المادة 60 في تلك الأوامر. هذا الأمر يربط المصادرة بمخالفة جنائية بواسطة المعدات التي تمت مصادرتها. هذا الامر لم يحدد المخالفة التي بسببها تمت مصادرة هذه المعدات. طلبات المحامين من الادارة المدنية لتفصيل المخالفة لم يتم الرد عليها. ويمكن الافتراض (ايضا استنادا الى رد المتحدث بلسان منسق عمليات الحكومة في المناطق على الصحافيين) أن التهمة هي مخالفة قوانين التخطيط والبناء. ولكن هذه مخالفة ادارية، غير مشمولة في تعليمات أوامر الدفاع، طريقة التعاطي معها مختلفة: أوامر وقف العمل والهدم، جلسات استماع، اعتراضات على الاوامر، التماسات، نقاشات ومفاوضات والالتماس لمحكمة العدل العليا.
حسب معرفة سفارد وفيسوبسكي، هذه هي المرة الاولى التي تستخدم فيها الادارة المدنية المادة 60 من اجل مصادرة معدات. هذه الحقيقة لا تعتبر مصادرة، كتبوا في التماساتهم. "إما أن يكون وضع الالواح الشمسية ليس بناء، ولهذا فان وضعها بدون تصريح لا يشكل مخالفة للقانون الذي يمكن من تطبيقه (كما نعتقد) أو أن المجال القضائي الذي تقع فيه منشآت كهذه هو قوانين التخطيط والبناء، واجراءات تطبيقه يجب تنفيذها بقوته ووفقا له فقط.
يبدو أن هناك من قام باستخدام الضغط على الادارة المدنية، قضاتها وهادميها، من اجل فصل القرية عن شبكة الكهرباء، المحاطة ببؤر استيطانية غير قانونية عدوانية ومدللة. قوانين التخطيط والبناء لم تمكن من عملية المصادرة، لذلك فان الهادمين توجهوا لبند لا صلة له بالتشريع العسكري.
مقابل هذا الشخص وقف من هو أقوى: ايضا تمثيل قضائي قوي، وموقف هولندا. التفاصيل كتبت، لكن هذا الامر يتسبب لنا بمتعة خاصة كي نعيد كتابته. لقد سبق عملية الارجاع احتجاج وادانة من قبل وزارة الخارجية الهولندية، احتجاج من قبل رئيس الحكومة الهولندي اثناء لقائه مع رئيس الحكومة الاسرائيلية قبل بضعة ايام من عملية المصادرة. وقد جرى نقاشان حول المصادرة، استجوابات قدمها اعضاء ثلاثة احزاب في البرلمان الهولندي، وردود مفصلة وواضحة حصلوا عليها من وزير الخارجية ووزيرة التعاون الدولي والتطوير الهولندي. في اطار النقاشات والردود على الاستجوابات تم الابلاغ عن اللقاء الذي جرى بين نتنياهو ونظيره الهولندي. وبعد
ذلك عن تعهده الخطي باعادة الالواح الشمسية (المتحدثة باسم مكتب رئيس الحكومة فضلت عدم الرد على سؤال هآرتس بهذا الشأن).
هولندا واوروبا، تبين أنه عندما تريدان شيئا فان اسرائيل تستجيب. تعرفون أن خرق القانون الدولي الذي قامت به اسرائيل في جب الديب ليس امرا شاذا. رجاء استمروا. من اجل الفلسطينيين واليهود الذين يعيشون في هذه البلاد.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف