ثار كثيرون في اليمين ضد اقوال رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، في جلسة افتتاح دورة الكنيست. الوزيرة ميري ريغف اعتبرتها استخفافاً بارادة الشعب. وقالت إن هذا خطاب غير ديمقراطي. وحذر الرئيس من ثقافة سياسية فيها «الاغلبية المتوفرة هي التي تقرر». يمكن تفهم ريغف، حيث إن كل قوانين الديمقراطية سنت بالاغلبية المتوفرة. إن الدستور يشمل قرارات ديمقراطية للاغلبية العرضية، التي اجتمعت في السابق وسنتها. فلماذا يثور ريفلين ضد قرارات الاغلبية العرضية الحالية.
في خطابه اعترف ريفلين أنه في السابق كان من المنتقدين البارزين للثورة القانونية التي قادها رئيس محكمة العدل العليا السابق، اهارون براك. الانتقاد الذي وجه في حينه (وما زال يوجه من قبل اليمين) الى «اختراق حدود السلطة التشريعية بوساطة السلطة القضائية»، يمكن وصفه بصورة فظة بأنه توتر بين القيم السابقة والقيم الحالية. يمكن وصف السلطة القضائية بأنها وصية فعلية على القوانين والمبادئ التي تعبر عن ارادة شعب «الأمس» (التي تبلورت على شكل قوانين وسوابق يحكم بناء عليها القضاة) وارادة شعب «اليوم»، كما يتم التعبير عنها بوساطة السلطة التشريعية.
اليسار يتهم اليمين بأن هذه ليست «قيم اليوم»، بل هي فقدان للقيم. واليمين يتهم اليسار بالنفاق: بنية القوة القديمة، قال بنيامين نتنياهو وصرخت ريغف، ترفض تمكين بنية القوة الجديدة من الحكم.
يوجد في الموقف التكنوديمقراطي لليمين الجديد سحر. الديمقراطية تعني حكم الشعب، وما هو الافضل من سؤاله ما الذي يريده؟ المشكلة هي في مفهوم «شعب»، أي قائمة المدعوين: من الذي نقوم بدعوته، وفي الاساس من الذي لا نقوم بدعوته للمشاركة في الانتخابات؟ ليس صدفة أن ريفلين هو الذي عبر عن عدم رضاه من الاغلبية العرضية في اسرائيل. فهو يؤيد الضم الكامل لـ «المناطق» واعطاء مواطنة متساوية لكل الفلسطينيين. وهو شخص معروف كـ «ديمقراطي حقيقي». لماذا حقيقي؟ لأنه يعرف أن الديمقراطية تعني أنه لكل شخص صوتا. اذا أراد اليمين اللعب بصورة تقنية، وتقليص الديمقراطية لتصبح آلية اجرائية فقط، وبالعكس، أن يعطي لنحو 13 مليون شخص يعيشون تحت حكم اسرائيل «بهذا الشكل أو ذاك» حق التصويت، عندها يمكنه الادعاء بلا كذب أنه يعبر عن رغبة الاغلبية.
سيقولون وبحق إن اليسار ايضا لا يؤيد اعطاء حق التصويت للفلسطينيين. هذا صحيح، لكن اليسار غير معني بضم «المناطق». إن ذخر قيمه السياسية يعترف بأن هذا وضع غير عادل، يجب السعي الى اصلاحه بوساطة دولتين لشعبين. ولكن اليمين الذي يريد الضم معني فقط بالسيادة على الاراضي الفلسطينية، وليس معنيا بالفلسطينيين أنفسهم، وهو غير مستعد لدعوتهم الى اللعبة الديمقراطية. وفي الوقت ذاته هو غير مستعد لتحريرهم من اجل الذهاب الى دولة خاصة بهم. اذا كان ريفلين ديمقراطيا حقيقيا، فان نتنياهو وريغف هما ديمقراطيان غير حقيقيين. وفي حالة قانون «توسيع حدود القدس»، فهو يوفر نظرة على انواع الاحتيال التي يقتضيها مشروع الديمقراطية الوهمي لاسرائيل. مستوطنات سيتم ضمها الى حدود القدس البلدية، لكن ليس حدود القدس السياسية. هذه حدود بلدية «خرائطية» كرد على التهديد الديمغرافي. أي الديمقراطي. الوزير اسرائيل كاتس صاغ الهدف: «هذا سيضعف سيطرة العرب في العاصمة».
المشروع الديمقراطي لليمين في اسرائيل يستوجب فعالية تشريعية من اجل منع الاقلية من التحول الى اكثرية. لأنه معني بأن يعطي فقط لاكثرية يهودية حق التقرير وليس لأكثرية حقيقية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف