كتب أوري سافير*: خلافات مفاجئة نشبت بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول مسألة تفسير اتفاق المصالحة بين فتح وحماس. رد فعل إسرائيل كان انعكاسيًا تقريبًا، فقد جمدت الاتصالات مع حكومة السلطة الفلسطينية (سيما فيما يخص القضايا العاجلة في الأمن والمساعدات الإنسانية)، الولايات المتحدة من جانبها استمرت في إجراء حوار مع رام الله، حتى على مستوى البيت الأبيض وعلى مستوى وزارة الخارجية أيضًا، المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات هو من يقود هذه الاتصالات، ومعه سفير الولايات المتحدة في تل أبيب ديفيد فريدمان وطاقم القنصلية في القدس. يبدو ان شعار الإدارة الأمريكية "امنحوا اتفاق المصالحة فرضته".
وحسب دبلوماسي أمريكي رفيع، فقد أوضحت الإدارة للرئيس الفلسطيني أبو مازن أنها لا تنوي التدخل والعمل ضد الاتفاق الفلسطيني الجديد، وأنها تطالب حماس بتفكيك سلاحها، وإن لم يكن ما بين عشية وضحاها. الدبلوماسي الأمريكي لا يستبعد بعد انقشاع الضباب بين الحركتين الفلسطينيتين إمكانية ان ترسم واشنطن خطوطًا توجيهية لمفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين (دون ان تضمن فيه حماس).
نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس قرر ان يزور المنطقة خلال الأسابيع القريبة القادمة (ديسمبر) من أجل الالتقاء برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومع الرئيس أبو مازن، وفي القاهرة أيضًا مع الرئيس السيسي. نائب الرئيس يعتبر صقرًا سياسيًا، لكن وبعد ان كرر وزير الخارجية ركس تيلرسون الممارسة الفعلية لجميع مجهودات السلام في المنطقة؛ يبدو ان الزيارة من شأنها ان تكون ذات أهمية خاصة.
في هذه الأثناء، غرينبلات ينفذ أوامر الرئيس بالإبقاء على أمل مواصلة التفاوض. وحسب مصادر أمريكية فإن أهداف الإدارة الأمريكية هي الحفاظ من طرف واحد على السياسة الموالية جدًا لإسرائيل، وفي المقابل تعزيز العلاقات مع مصر (والسعودية) كثقل مناهض لإيران. صهر ترامب جارد كوشنير يفترض ان يزور الرياض مرة أخرى في الأيام القليلة القادمة.
الرئيس دونالد ترامب ما يزال عليه ان يقرر: هل ينوي ان يرسم خطوطًا توجيهية للبدء بالمفاوضات، رغم معارضة نتنياهو لمثل هذه العملية؟، الدافع الأساسي لمثل هذه العملية - حتى انه كان من بين الوعود الانتخابية التي أطلقها ترامب خلال السباق إلى البيت الأبيض - هي رغبة الإدارة في التعاون مع مصر بالحرب المستمرة ضد التطرف الإسلامي. وحسب الدبلوماسي الأمريكي فإن ترامب يولي أهمية كبرى لإعلانه (21 مايو) في المؤتمر العربي الإسلامي - الأمريكي. وربما يريد إتمام الأمور والخروج بالإعلان من واشنطن عن تجدد العملية السلمية في الشرق الأوسط.
الدبلوماسي الأمريكي أشار إلى أن الخطوط التوجيهية قد تتضمن سلسلة من البنود؛ على سبيل المثال ان تجري مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين دون مشاركة حماس، وأن تقوم على أساس صيغة متفق عليها، أحد معاييرها يكون حل الدولتين لشعبين. على حماس ان تفكك جناحها العسكري، وعلى الفلسطينيين الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية.
بالنسبة لإسرائيل سيكون عليها ان تقتصر البناء في المستوطنات على حاجة الزيادة الطبيعية فقط. الحدود النهائية تحدد بحيث تستجيب لاحتياجات إسرائيل الأمنية وتوفر حرية الحركة للفلسطينيين؛ بهذا الخصوص يتم التوافق على إجراءات أمنية صارمة، وكذلك على خطوات لمحاربة الإرهاب، بما في ذلك تواجد إسرائيل على امتداد نهر الأردن. التعاون الأمني يتحقق بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والأردن والسعودية على أساس إعلان الرياض.
مكون لا يقل أهمية، وهو إيجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، سواء من خلال عودتهم للمناطق الفلسطينية أو من خلال برنامج تعويضات دولية. وأخيرًا تتضمن الخطوط التوجيهية تطبيعًا للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل على أساس مبادرة السلام العربية 2002. هذه الافكار تناقش حاليًا في مجلس الأمن القومي، بتوجيه من مستشار الأمن القومي الجنرال هربرت مكماستر.
الدبلوماسي الأمريكي قال لنا ان هدف الخطوط التوجيهية هو ان تجعل من الصعب على نتنياهو رفض ما يطرحه الرئيس الأمريكي، الذي يعتبر الأكثر ولاءً لإسرائيل في السنوات الأخيرة.
مصدر رفيع في الخارجية الإسرائيلية تحدث إلينا اعترف بأن إمكانية صياغة الخطوط التوجيهية للمفاوضات المستقبلية نوقشت بالفعل خلال لقاء المبعوث الأمريكي غرينبلات لإسرائيل. وحسب قول المصدر الإسرائيلي فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعارض فكرة ان يكون نزع سلاح حماس أحد اهداف المفاوضات (كما يقترح الأمريكيون)، فهو يعتبر ذلك شرطًا مسبقًا للمفاوضات.
في الجانب الفلسطيني رد مصدر رفيع من منظمة التحرير بالتشكيك بالأفكار التي طرحها الأمريكيون. الرئيس عباس متشجع من التعاون بين مصر والولايات المتحدة في قضايا مثل اتفاق المصالحة وإمكانية إجراء مفاوضات السلام مستقبلًا، لكن فحوى الموقف الأمريكي غير مقبولة لديه. وأضاف المصدر الرفيع من منظمة التحرير مؤكدًا على ان الإدارة الأمريكية أوضحت لرام الله أنها حرة في طرح مواقفها بشأن المفاوضات حول الحل النهائي.
وإلى ذلك، محاولة توقع الإعلان عن هذه الخطوط التوجيهية أو الإعلان عن بدء المفاوضات، وكأنها محاولة للتوقع المسبق لأعمال دونالد ترامب، وهي كما تعرفون مهمة مستحيلة.
اوري سافير هو رئيس الوفد الاسرائيلي لمفاوضات أوسلو
المقال باللغة الانجليزية في موقع المونيتور الأمريكي

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف