- الكاتب/ة : أوري افنيري
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2017-11-08
أكره الحقائق المفهومة بذاتها. القيم يمكن أن تفهم بذاتها، لكن التصريحات السياسية لا تفهم بذاتها. عندما أسمع مقولة سياسية مفهومة بذاتها أبدأ بالشك.
الحقيقة السياسية المفهومة جداً بذاتها في هذه الاثناء تتعلق بإيران. فهي عدونا اللدود، وهي تريد إبادتنا، لذلك يجب علينا تدمير قدراتها قبل ذلك. من الواضح أن الاتفاق النووي بين ايران والدول الخمس الاعضاء في مجلس الامن اضافة الى المانيا، هو تهديد فظيع. كان يجب علينا إصدار الأوامر لقادة الولايات المتحدة من اجل قصف ايران بالقنابل النووية وأن لا نبقي منها شيئا. وفي الحالة غير المعقولة جداً وهي أن يرفض الأميركيون مطالبنا، كان يجب علينا قصف إيران بأنفسنا، قبل حصول آيات الله على الوسائل التي تمكنهم من تدميرنا.
كل هذه حقائق مفهومة من تلقاء ذاتها. ولكن حسب رأيي، هي كلام فارغ وتفاهات، لا يوجد فيها أي شيء مفهوم بذاته، ولا يوجد فيها أي أساس للمنطق، ولا يوجد فيها اساس جيوسياسي وتاريخي وعملي. نابليون قال ذات مرة إذا أردنا فهم سياسة دولة معينة فيجب علينا النظر إلى الخارطة. الجغرافيا مهمة أكثر من الايديولوجيا، حيث إن الايديولوجيات تتغير مع الوقت، في حين أن الجغرافيا لا تتغير. الدولة الايديولوجية المتعصبة جدا في القرن العشرين كانت الاتحاد السوفييتي. فقد كرهت جدا سابقتها روسيا القيصرية، وتكرهها وريثتها روسيا فلادمير بوتين. ولكن انظروا الى الأمر المدهش: القياصرة، ستالين، وبوتين أيضا يتبعون السياسة الخارجية ذاتها. سيتقلب كارل ماركس في قبره.
عندما ظهر بنو اسرائيل في التوراة، كانت ايران دولة حضارية. قام الملك قورش بإرسال اليهود الى القدس، وأسس ما سمي "الشعب اليهودي". وحتى الآن اليهود مدينون له بالعرفان. عندما أقيمت دولة اسرائيل في العام 1948 رأى بن غوريون في ايران حليفة طبيعية، والآن هذا يبدو غريباً، كيف أنه حتى وقت قريب كانت ايران الدولة الاكثر تأييداً لإسرائيل في الشرق الاوسط. بن غوريون كان سياسياً عرف كيف يقرأ الواقع، وهو لم يكن ينوي صنع السلام مع العرب، لأن السلام كان مقرونا بترسيم الحدود ويمنع اسرائيل من التوسع، لذلك بحث عن حلفاء من خارج العالم العربي.
نظر بن غوريون الى الخارطة، ورأى أن العرب المسلمين محاطون بكيانات غير عربية أو غير اسلامية. فقد كان المارونيون في لبنان (غير المسلمين) وتركيا (اسلامية غير عربية) والاكراد (مسلمون غير عرب) وايران (اسلامية غير عربية) واثيوبيا (غير عربية وغير اسلامية) وغيرها. على خلفية هذه الخارطة وضع بن غوريون خطة كبيرة: "حلف الضواحي". وهذا كوّن شراكة لكل الكيانات المحيطة بالعالم العربي، وهي كيانات خشيت من القومية العربية لجمال عبد الناصر المصري وشركائه في العالم الاسلامي السني. أحد أكبر المتحمسين لهذه الفكرة كان الشاه الايراني الذي تحول الى واحد من الاصدقاء المقربين لاسرائيل.
"ملك الملوك" كان ديكتاتورا عنيداً، ومعظم رعاياه كانوا يكرهونه، لكن في عهده تحولت ايران إلى وطن آخر لاسرائيليين كثيرين. تحولت طهران الى مركز لرجال أعمال إسرائيليين، أصبح بعضهم أثرياء جدا. خبراء في "الشاباك" قاموا بتدريب الشرطة السرية المكروهة في ايران، التي تسمى "سباك". ضباط كبار في جيش الدفاع الاسرائيلي تنقلوا بحرية عبر ايران الى المنطقة الكردية في العراق ودربوا هناك قوات البشمارغا، وهي القوات الكردية التي حاربت نظام صدام حسين في العراق. ومن المعروف أن الشاه نفسه لم يحلم بمنح الاستقلال للمنطقة الكردية في ايران. انتهى هذا النعيم فجأة عندما قرر الشاه تسوية أُموره مع صدام حسين لإنقاذ عرشه الملكي، إلا أن ذلك لم يساعده. آيات الله (رجال الدين الشيعة) الذين كانوا يحظون بشعبية كبيرة قاموا بإسقاط الشاه ومملكته، وأنشأوا بدلاً منها الجمهورية الإسلامية الشيعية. وبقيت إسرائيل في الخارج.
مع كل ذلك، هل ايران الشيعية هي عدو فظيع لاسرائيل؟ أشك في ذلك. وكدليل على ذلك، عندما كان تحريض آيات الله ضد اسرائيل في ذروته، تم تنفيذ صفقة غريبة بين ايران واسرائيل. وقد سميت "ايران كونترا"، وكان أساسها: سياسيون أميركيون ارادوا تزويد السلاح لمتمردين يمينيين في نيكاراغوا، التي كان اليسار يسيطر عليها. منع القانون الأميركي ذلك. لذلك توجهوا الى اسرائيل. وفرت اسرائيل السلاح لآيات الله - نعم – وحصلت على الثمن. ونقلت الاموال لاصدقائنا في واشنطن الذين قاموا بنقله الى الارهابيين اليمينيين في نيكاراغوا، الذين سموا "كونتراس". خلال هذه القضية سافر صديقي، عميرام نير، الذي كان في حينه موظفاً في الحكومة، إلى طهران، والتقى هناك مع آيات الله. عندما يناسب الأمر أهدافهم، فان آيات الله كانوا يعقدون بدون تردد الصفقات مع إسرائيل، التي هي "الشيطان الأصغر". ايران كانت بحاجة للسلاح الذي قامت اسرائيل بتوفيره لها، لأنها كانت في حالة حرب ضد صدام حسين في العراق. ساعدت اسرائيل ايران في تلك الحرب لأنها خشيت من صدام حسين. لذلك ساعدت اسرائيل ايضا في دفع الولايات المتحدة لمهاجمة العراق. وقد نجح هذا الغزو أكثر مما هو متوقع، حيث تم تدمير العراق، وكذلك أيضا الحاجز التاريخي أمام دخول ايران الى الشرق الاوسط.
هذا يبدو مثيراً. خطة بن غوريون الكبيرة وقفت على رأسها: في هذه الاثناء "ضواحي" لبنان وايران، بمساعدة تركيا، هي العدو الاكبر لنا، في حين أن الكتلة الاسلامية السنية (السعودية ودول الخليج والاردن ومصر) هي الصديقة المكشوفة لنا أو شبه السرية.
سمعتُ قارئا نفد صبره وهو يصرخ: ما هذا الهراء؟ ماذا عن الخطر النووي؟ ماذا لو أن آيات الله المجانين حصلوا على القنبلة النووية وقاموا بإبادتنا؟ أنا لا أخاف، أيضا إذا حصلت ايران على القنبلة النووية فسأنام بهدوء. لماذا؟ لأن اسرائيل لديها سلاح نووي ولها قدرة على الضربة الثانية. قصف اسرائيل يعني ايضا تدمير ايران. يمكن أن حكام ايران الحاليين متعصبون ومجانين (أشك في ذلك)، لكنهم ليسوا انتحاريين. لا توجد أي اشارة واحدة تشير الى هذا الاتجاه. لهذا يبدو أنهم بالتحديد اشخاص منطقيون جداً.
لماذا، اذاً، يسمع الايرانيون تهديدات مخيفة على اسرائيل؟ يوجد لهم سبب منطقي: انهم يأملون أن يصبحوا قوة رائدة في العالم الاسلامي، والطريق الاسهل لذلك هي شتم اسرائيل. طالما أن اسرائيل لم تصنع السلام مع الفلسطينيين فان الشعوب العربية في كل مكان ستكره اسرائيل. قادة ايران الحاليون أفضل بكثير في إسماع الشتائم عن "الشيطان الاصغر". كما أن هناك خبراء يصادقون على أنه في الآونة الاخيرة ضعفت مكانة الاسلام في ايران، وبدلاً منه تعززت مكانة القومية الايرانية. عبادة الملك قورش، الذي سبق النبي محمد بـ 1200 سنة، آخذة في الانتشار.
إضافة الى ذلك فانه منذ اكتشفت القنبلة النووية لم تهاجم أي دولة نووية دولة اخرى لديها سلاح نووي. الهجوم على دولة نووية معناه الانتحار. حتى أن الولايات المتحدة "الشيطان الاكبر" لا تتجرأ على مهاجمة كوريا الشمالية الصغيرة بعد أن حصلت الاخيرة بحكمة على السلاح النووي.
لذلك أنا سأنام بهدوء حتى لو اصبحت ايران دولة نووية، ولكنّ عيناً من عينيّ ستبقى مفتوحة.
الحقيقة السياسية المفهومة جداً بذاتها في هذه الاثناء تتعلق بإيران. فهي عدونا اللدود، وهي تريد إبادتنا، لذلك يجب علينا تدمير قدراتها قبل ذلك. من الواضح أن الاتفاق النووي بين ايران والدول الخمس الاعضاء في مجلس الامن اضافة الى المانيا، هو تهديد فظيع. كان يجب علينا إصدار الأوامر لقادة الولايات المتحدة من اجل قصف ايران بالقنابل النووية وأن لا نبقي منها شيئا. وفي الحالة غير المعقولة جداً وهي أن يرفض الأميركيون مطالبنا، كان يجب علينا قصف إيران بأنفسنا، قبل حصول آيات الله على الوسائل التي تمكنهم من تدميرنا.
كل هذه حقائق مفهومة من تلقاء ذاتها. ولكن حسب رأيي، هي كلام فارغ وتفاهات، لا يوجد فيها أي شيء مفهوم بذاته، ولا يوجد فيها أي أساس للمنطق، ولا يوجد فيها اساس جيوسياسي وتاريخي وعملي. نابليون قال ذات مرة إذا أردنا فهم سياسة دولة معينة فيجب علينا النظر إلى الخارطة. الجغرافيا مهمة أكثر من الايديولوجيا، حيث إن الايديولوجيات تتغير مع الوقت، في حين أن الجغرافيا لا تتغير. الدولة الايديولوجية المتعصبة جدا في القرن العشرين كانت الاتحاد السوفييتي. فقد كرهت جدا سابقتها روسيا القيصرية، وتكرهها وريثتها روسيا فلادمير بوتين. ولكن انظروا الى الأمر المدهش: القياصرة، ستالين، وبوتين أيضا يتبعون السياسة الخارجية ذاتها. سيتقلب كارل ماركس في قبره.
عندما ظهر بنو اسرائيل في التوراة، كانت ايران دولة حضارية. قام الملك قورش بإرسال اليهود الى القدس، وأسس ما سمي "الشعب اليهودي". وحتى الآن اليهود مدينون له بالعرفان. عندما أقيمت دولة اسرائيل في العام 1948 رأى بن غوريون في ايران حليفة طبيعية، والآن هذا يبدو غريباً، كيف أنه حتى وقت قريب كانت ايران الدولة الاكثر تأييداً لإسرائيل في الشرق الاوسط. بن غوريون كان سياسياً عرف كيف يقرأ الواقع، وهو لم يكن ينوي صنع السلام مع العرب، لأن السلام كان مقرونا بترسيم الحدود ويمنع اسرائيل من التوسع، لذلك بحث عن حلفاء من خارج العالم العربي.
نظر بن غوريون الى الخارطة، ورأى أن العرب المسلمين محاطون بكيانات غير عربية أو غير اسلامية. فقد كان المارونيون في لبنان (غير المسلمين) وتركيا (اسلامية غير عربية) والاكراد (مسلمون غير عرب) وايران (اسلامية غير عربية) واثيوبيا (غير عربية وغير اسلامية) وغيرها. على خلفية هذه الخارطة وضع بن غوريون خطة كبيرة: "حلف الضواحي". وهذا كوّن شراكة لكل الكيانات المحيطة بالعالم العربي، وهي كيانات خشيت من القومية العربية لجمال عبد الناصر المصري وشركائه في العالم الاسلامي السني. أحد أكبر المتحمسين لهذه الفكرة كان الشاه الايراني الذي تحول الى واحد من الاصدقاء المقربين لاسرائيل.
"ملك الملوك" كان ديكتاتورا عنيداً، ومعظم رعاياه كانوا يكرهونه، لكن في عهده تحولت ايران إلى وطن آخر لاسرائيليين كثيرين. تحولت طهران الى مركز لرجال أعمال إسرائيليين، أصبح بعضهم أثرياء جدا. خبراء في "الشاباك" قاموا بتدريب الشرطة السرية المكروهة في ايران، التي تسمى "سباك". ضباط كبار في جيش الدفاع الاسرائيلي تنقلوا بحرية عبر ايران الى المنطقة الكردية في العراق ودربوا هناك قوات البشمارغا، وهي القوات الكردية التي حاربت نظام صدام حسين في العراق. ومن المعروف أن الشاه نفسه لم يحلم بمنح الاستقلال للمنطقة الكردية في ايران. انتهى هذا النعيم فجأة عندما قرر الشاه تسوية أُموره مع صدام حسين لإنقاذ عرشه الملكي، إلا أن ذلك لم يساعده. آيات الله (رجال الدين الشيعة) الذين كانوا يحظون بشعبية كبيرة قاموا بإسقاط الشاه ومملكته، وأنشأوا بدلاً منها الجمهورية الإسلامية الشيعية. وبقيت إسرائيل في الخارج.
مع كل ذلك، هل ايران الشيعية هي عدو فظيع لاسرائيل؟ أشك في ذلك. وكدليل على ذلك، عندما كان تحريض آيات الله ضد اسرائيل في ذروته، تم تنفيذ صفقة غريبة بين ايران واسرائيل. وقد سميت "ايران كونترا"، وكان أساسها: سياسيون أميركيون ارادوا تزويد السلاح لمتمردين يمينيين في نيكاراغوا، التي كان اليسار يسيطر عليها. منع القانون الأميركي ذلك. لذلك توجهوا الى اسرائيل. وفرت اسرائيل السلاح لآيات الله - نعم – وحصلت على الثمن. ونقلت الاموال لاصدقائنا في واشنطن الذين قاموا بنقله الى الارهابيين اليمينيين في نيكاراغوا، الذين سموا "كونتراس". خلال هذه القضية سافر صديقي، عميرام نير، الذي كان في حينه موظفاً في الحكومة، إلى طهران، والتقى هناك مع آيات الله. عندما يناسب الأمر أهدافهم، فان آيات الله كانوا يعقدون بدون تردد الصفقات مع إسرائيل، التي هي "الشيطان الأصغر". ايران كانت بحاجة للسلاح الذي قامت اسرائيل بتوفيره لها، لأنها كانت في حالة حرب ضد صدام حسين في العراق. ساعدت اسرائيل ايران في تلك الحرب لأنها خشيت من صدام حسين. لذلك ساعدت اسرائيل ايضا في دفع الولايات المتحدة لمهاجمة العراق. وقد نجح هذا الغزو أكثر مما هو متوقع، حيث تم تدمير العراق، وكذلك أيضا الحاجز التاريخي أمام دخول ايران الى الشرق الاوسط.
هذا يبدو مثيراً. خطة بن غوريون الكبيرة وقفت على رأسها: في هذه الاثناء "ضواحي" لبنان وايران، بمساعدة تركيا، هي العدو الاكبر لنا، في حين أن الكتلة الاسلامية السنية (السعودية ودول الخليج والاردن ومصر) هي الصديقة المكشوفة لنا أو شبه السرية.
سمعتُ قارئا نفد صبره وهو يصرخ: ما هذا الهراء؟ ماذا عن الخطر النووي؟ ماذا لو أن آيات الله المجانين حصلوا على القنبلة النووية وقاموا بإبادتنا؟ أنا لا أخاف، أيضا إذا حصلت ايران على القنبلة النووية فسأنام بهدوء. لماذا؟ لأن اسرائيل لديها سلاح نووي ولها قدرة على الضربة الثانية. قصف اسرائيل يعني ايضا تدمير ايران. يمكن أن حكام ايران الحاليين متعصبون ومجانين (أشك في ذلك)، لكنهم ليسوا انتحاريين. لا توجد أي اشارة واحدة تشير الى هذا الاتجاه. لهذا يبدو أنهم بالتحديد اشخاص منطقيون جداً.
لماذا، اذاً، يسمع الايرانيون تهديدات مخيفة على اسرائيل؟ يوجد لهم سبب منطقي: انهم يأملون أن يصبحوا قوة رائدة في العالم الاسلامي، والطريق الاسهل لذلك هي شتم اسرائيل. طالما أن اسرائيل لم تصنع السلام مع الفلسطينيين فان الشعوب العربية في كل مكان ستكره اسرائيل. قادة ايران الحاليون أفضل بكثير في إسماع الشتائم عن "الشيطان الاصغر". كما أن هناك خبراء يصادقون على أنه في الآونة الاخيرة ضعفت مكانة الاسلام في ايران، وبدلاً منه تعززت مكانة القومية الايرانية. عبادة الملك قورش، الذي سبق النبي محمد بـ 1200 سنة، آخذة في الانتشار.
إضافة الى ذلك فانه منذ اكتشفت القنبلة النووية لم تهاجم أي دولة نووية دولة اخرى لديها سلاح نووي. الهجوم على دولة نووية معناه الانتحار. حتى أن الولايات المتحدة "الشيطان الاكبر" لا تتجرأ على مهاجمة كوريا الشمالية الصغيرة بعد أن حصلت الاخيرة بحكمة على السلاح النووي.
لذلك أنا سأنام بهدوء حتى لو اصبحت ايران دولة نووية، ولكنّ عيناً من عينيّ ستبقى مفتوحة.