- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2017-11-13
وصف فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الراحل الكبير الشهيد ياسر عرفات، بأنه «كان رجل حوار، ورجلاً تشاورياً، ويملك القدرة على المراجعة السياسية وتعديل خياراته، إذا ما تلمس أن هذه الخيارات قد وصلت إلى الطريق المسدود، ولم تعد ذات فائدة ترجى». كما أكد فهد سليمان أن «الحديث عن ياسر عرفات، هو الحديث عن الشهادة بأسمى معانيها، وحديث عن التاريخ، بأعمق معانيه وأكثر عبره ودروسه غنى وثراء».
وكان نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يتحدث في مهرجان كبير وحاشد، أقامته حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، في مخيم السيدة زينب، في جنوب العاصمة السورية دمشق، في الذكرى الـ13 لرحيل القائد ياسر عرفات.
وبإسم فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وفصائل م.ت.ف في سوريا، قال فهد سليمان: كان عرفات كبيراً، وكبيراً جداً، بحيث لم يكن يحتاج إلى ألقاب. فقد كان «الأخ أبو عمار» كما كان «الختيار»، تحّمل وإخوانه في قيادة فتح الحركة الوطنية الفلسطينية مسؤولية قيادة السفينة الفلسطينية في بحر عربي وإقليمي هائج، تجاوز معهم العوائق والصعاب، إلى أن بلوروا جميعاً البرنامج الوطني الفلسطيني (البرنامج المرحلي) برنامج العودة وتقرير المصير والإستقلال والسيادة، وإقتحم تحت راية هذا البرنامج، المنظمة الدولية للأمم المتحدة وهو يخاطب المجتمع الدولي ببلاغة سياسية «جئتكم أحمل البندقية بيد، وغصن الزيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي».
وعن الدور القيادي لأبو عمار داخل م.ت.ف، قال فهد سليمان: كان عرفات رجل حوار، ورجلاً تشاورياً. يحافظ على جلسات دورية اجتماعات اللجنة التنفيذية في م.ت.ف. وكنا، معه نعقد جولات من الحوار الوطني على مدى أسابيع وأشهر، قبل أن ندعو لدورة للمجلس الوطني الفلسطيني، نناقش القضايا الكبرى والصغرى، ولا ندخل المجلس إلا بعد أن يتم التوافق الوطني بيننا. وعندما إندلعت الإنتفاضة الأولى، عشنا أشهر من الحوار حتى بلورنا، الخطوة التاريخية في إعلان الإستقلال وقيام الدولة الفلسطينية في مواجهة المشاريع التصفوية الإسرائيلية والأميركية.
وأضاف فهد سليمان: يحسب لعرفات أنه، حين تولى قيادة م.ت.ف، انتهج أسلوباً تجاوز فيه أسلوب الحاج أمين الحسيني، الذي كانت قيادته ذات طابع نخبوي مقطوعة الجذور مع القاعدة الشعبية. كما تجاوز أسلوب أحمد الشقيري، الذي كان أسير المعادلات العربية، أما مع عرفات وإخوانه في القيادة الفلسطينية فقد إمتدت الجذور نحو القاعدة الشعبية تتفاعل مع نبضها السياسي الوطني، كما تحررت المنظمة من إسار الحالة العربية.
وقال فهد سليمان: إن عرفات كان يجيد قراءة اللحظة التاريخية، ويملك حساسية سياسية، وإن كان في الوقت نفسه، يمتلك أسلوبه الخاص في التعبير السياسي، ولعل واحدة من دلالات هذه المسألة، أنه، حين خروجه من بيروت، بعد الصمود البطولي للشعبين الشقيقين اللبناني والفلسطيني، سئل إلى أين هو ذاهب فرد بكل بساطة: إلى فلسطين. لم يرسم إتجاه السفر ولم يتحدث بالجغرافيا، لكنه تحدث في المعنى السياسي للرد الفلسطيني على الهجمة الإسرائيلية – الأمريكية، وماهي إلا سنوات حتى إنفجرت الإنتفاضة الشعبية الوطنية الكبرى، التي رسمت لنا طريق إعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في المؤتمر الوطني الفلسطيني في الجزائر في 5/11/1988.
ثم قال فهد سليمان مضيفاً: لقد اختلفنا مع عرفات بشأن إتفاق أوسلو، إذ رأى فيه سبيلاً إلى الحل، بينما رأينا فيه مشروعاً عقيماً. لكن عرفات كان يملك القدرة على رسم التكتيكات، في لحظة ما، ثم إعادة رسم تكتيكات أخرى، في لحظة ثانية، إذا ما تبين له خلل التكتيكات الأولى وعقمها. ولم يكن يتبنى استراتيجية واحدة لا يحيد عنها، بل كان يملك القدرة على بناء أكثر من استراتيجية، وطرح البدائل إذا ما تبين له فشل الاستراتيجية السابقة. وهذا هو مغزى قوله البليغ في الأمم المتحدة: «أحمل البندقية بيد، وغصن الزيتون باليد الأخرى» ففي حال أسقطوا غصن الزيتون، تبقى البندقية، أي المقاومة، هي الخيار البديل. لذلك نرى – مثلاً – أنه عندما اصطدم بالتعنت الإسرائيلي، وبالإنحياز الأميركي، بعد سبع سنوات على أوسلو، خرج من مفاوضات كامب ديفيد، ليعيد النظر بالاستراتيجية وليعلن الإنتفاضة الثانية بإعتبارها الخيار البديل لمفاوضات عميقة لا نوفر لشعبنا حقه في دولة مستقلة ذات سيادة، وللاجئين من أبنائه، العودة إلى الديار والممتلكات.
وتناول نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية كلمته الأوضاع العامة الفلسطينية فأكد على أهمية إتفاق 12/10/2017 لإنهاء الإنقسام، داعياً « لحمايته من محاولات عرقلته وزرع العوائق في طريقه من قبل المستفيدين من الإنقسام لدى الطرفين، والذين راكموا مصالح ومكاسب فئوية على حساب مصالح الشعب وحقوقه». وقال «إن صون إتفاق المصالحة، يكون بإمتلاك الإرادة السياسية وتحويله من إتفاق ثنائي إلى إتفاق وطني، من خلال تطويره بما ينسجم مع الإتفاقات الوطنية التي توجت حواراتنا الوطنية، كوثيقة الوفاق الوطني(2006)، وإتفاق 4/5/2011، وماتلاه، بما في ذلك قرارات المجلس المركزي في 5/3/2015، ومخرجات أعمال اللجنة التحضيرية في بيروت في كانون الثاني/يناير2017».
وقال «نحن مع قيادة واحدة، لكن يجب أن تكون هذه القيادة وليدة التوافق الوطني والشراكة الوطنية وتبنى على أساس برنامج موحد أجازته حواراتنا الوطنية في غزة والقاهرة وبيروت ونحن مع بندقية واحدة، تحمي شعبنا من عدوان الإحتلال وتسلطه. فنحن لسنا مشروع بناء دولة يتم بالتدريج، بل نحن مازلنا تحت الإحتلال، ونحن حركة تحرر وطني، من واجبها أن توحد قواها على أسس إئتلافية، وأن تنتهج كل الأساليب النضال المشروعة. لذلك لا نقبل أن يكون شعار سلطة واحدة، وقيادة واحدة، وبندقية واحدة، مدخلاً لتكريس سياسة التفرد، وسياسة تجاوز ما يتم التوافق عليه، لصالح بدائل هي موضع خلاف ولا تؤسس لبناء وحدة وطنية راسخة ولا تؤسس لشراكة وطنية».
وكان قد تحدث في المهرجان الأخ سمير الرفاعي عضو اللجنة المركزية لفتح، ومحمود الخالدي سفير دولة فلسطين في سوريا، وطالب موسى عضو قيادة حزب البعث – الفرع الفلسطيني.