يحسن أن نصغي جيدا الى الجدل العام الذي نشأ هنا منذ تم تأثيم موشيه قصاب في المحكمة: فهو ازدواجي على نحو مخيف. "اجل، لكن"؛ و"ربما كل ذلك افتراء"؛ و"من ذا يعلم ماذا حدث هناك بالضبط". آه من النساء "الشاعرات بالمرارة" و"الخطيرات"، أي فرية يفترين هذه المرة. وآه على الأزمان التي لن تعود بعد حين كان كل هذا مباحا لا يعترض عليه أحد. يثور توق خفي مرة اخرى الى تلك الايام الطيبة التي لم يعلم قصاب أنها قد انقضت. تثور مرة بعد اخرى اسئلة لماذا أرسلت أ الاولى رسالة حب ولماذا استمرت أ الثانية في العمل مع رب العمل، ولماذا صعدت الى غرفته ولماذا نزلت، ولماذا لم تقاوم بالقوة ولماذا لم تصرخ، ولماذا سكتتا ولماذا اشتكيتا. صحيح، لا يوجد كثيرون يعترضون بصراحة على الحكم، لكن روح الشك تهيمن على الجدل. حينما يكون الحديث عن مديني جنايات اخرى، القتل أو السطو أو الاحتيال أو الخيانة، يثق الجميع بالمحاكم بلا شكوك وبلا ترددات لكن حينما يبلغ الامر الجنايات الجنسية والاغتصاب على أيدي الرجال – يصبح كل شيء مغطى بالشك، وهو شك مريض كما ينبغي أن نقول. صحيح انه في جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي ينهض كل شيء ويسقط على ثقة المحكمة أو عدم ثقتها بروايات الطرفين لكنه لا سبيل اخرى سوى الاعتماد عليها وإلا سيتم تبرئة جميع المغتصبين والمتحرشين الذين لم ينفذوا تدبيرهم على الملأ. ماذا كان هناك في الغرف المغلقة لمصنع النسيج والفندق الفخم؟ كان ما قضت المحكمة بأنه كان. يتبين أنه اليوم ايضا حينما يقول المجتمع الاسرائيلي لا، يصعب ان نعلم ما الذي يعنيه. تم تأثيم قصاب في جهازين، بالاجماع لكنه لم يؤثم ولا بالاجماع بيقين لدى الجهاز العام. فما يزال غير قليلين يرونه ضحية – ضحية الظروف، وضحية القواعد التي تغيرت وضحية النساء العاصيات. بل ان المبالغين يقولون ان قصاب ضحية أصله. والمشتكيات في مقابله ما يزلن يحظين في اسوأ الحالات بنظرة مُهينة ومُحقرة وفي حالة أقل سوءا بعدم الثقة. وعلى كل حال، لا يُصورن على أنهن بطلات قوميات وشجاعات كما يستحققن. فمن الحقيقة أن لا واحدة منهن استجمعت الشجاعة لتبدو على الملأ – وهذا مخالف ايضا لضحايا جنايات اخرى ممن لا يستحيون أبدا من اظهار أنفسهم. ان قصاب الذي خرج في الاسبوع الماضي في حملة دعائية لتطهير اسمه، وقع على هذه الأوتار بالضبط: فهو الضحية، هو لا سواه. ومما يثير العجب كثيرا أن غير قليل من الناس في المجتمع الاسرائيلي في 2011 ليسوا على ثقة من ان هذا هو الواقع. عبر قصاب في مقابلات صحفية أجراها عن أسف، "اذا كنت سببت بالصدفة عدم ارتياح" – لكن ما هو عدم الارتياح المؤقت لعدد من النساء قياسا بالتنكيل العام الذي أجروه عليه. ويُستقبل هذا ايضا هنا بغير قليل من التأييد بل العطف. وأصبحت الاصوات التي تدعو الى العفو عنه تعلو لا لأنه كان رئيسا سابقا: فلا أحد طلب عفوا مشابها عن وزير المالية السابق الذي أُدين وسجن، أو عن رئيس الحكومة السابق الذي يوشك أن يحكم عليه. ولا أحد فكر في ان ابراهام هيرشزون الذي تبدو مخالفاته كالثلج اذا قيست بمخالفات قصاب، هو ضحية. لكن هيرشزون لص وقصاب مغتصب، واللص من القيادة عندنا يمضي الى السجن والمغتصب من القيادة الى العفو. في أساس كل هذا ما تزال توجد الشوفينية الرجولية بكامل مجدها. يتبين أنه برغم جميع التغييرات والثورات ما تزال هنا. أخفى عن العين وأقل سلامة من جهة سياسية لكنها ما تزال موجودة، حية تُرزق. وما يزال الرجال – الرجال خاصة لكن لا هم وحدهم ينظرون بعدم ثقة الى كل مشتكية وبمشاعر تفهم لكل مخالف قانون جنسي من قبيل قصاب. ما نزال نندد هنا بمغتصب الحوارات لكن لا بمغتصب غرف النوم. هو وهي وحدهما يعلمان ماذا كان هناك وماذا فعل هو وربما أرادت ذلك أصلا وندمت. لكن بعد محاكمتين أصبحنا جميعا نعلم ماذا كان هناك وأن ما فعله يثير الامتعاض. واذا لم يكن هذا مقنعا بقدر كاف فتعالوا نستل سلاح يوم القيامة قائلين: بماذا كنتم تشعرون لو أن أ. كانت إبنتكم؟.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف