- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2018-01-08
هجمة غير مسبوقة على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، أونروا؛ يجزم بذلك المدير العام للهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، قائلا، إن هذه الهجمة التي تقودها الولايات المتحدة و(إسرائيل)، يتورط فيها أيضًا موظفون كبار في الوكالة، بهدف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
حاورت صحيفة “فلسطين”، هويدي، الذي يقول: “هذه الهجمة غير المسبوقة منذ بداية 2017″، مضيفا: “بعد فوز (الرئيس الأمريكي دونالد ترامب) بالسلطة في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أوعزت وزارة الخارجية في حكومة الاحتلال في 10 من الشهر نفسه، لمراكز الدراسات والأبحاث عندها لتوجيه رسالة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة للعمل على عدم المساهمة المالية في ميزانية الوكالة على اعتبار أنها تدعم (ما يسمى) الإرهاب”.
ويوضح أن الكرة تدحرجت أكثر فأكثر حتى وصلت إلى مطالبة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، بالعمل على تفكيك “أونروا” بزعم أن جهات فلسطينية تستخدم هذه الوكالة لتخزين الأسلحة.
ويتابع بأن ذلك جاء بعدما زعمت أونروا أنها اكتشفت “نفقا” تحت إحدى مدارسها في قطاع غزة، وعلى الرغم من دحض جيران المدرسة لهذه المزاعم، وتأكيدهم أن ما تتحدث عنه الوكالة هو بئر مهجور، فإن الأخيرة لم تأخذ بهذه الشهادة، بل منعت الصحفيين من تصوير هذا البئر، واتخذه نتنياهو ذريعة للمطالبة بتفكيك “أونروا”.
ويردف: “لا أستبعد أبدا أن يكون موظفون كبار في الأونروا متورطين بالفعل في السعي لإنهاء عمل الوكالة”.
ويدلل هويدي على ذلك بشواهد عدة، منها مؤتمر انعقد في عمان في ديسمبر/كانون الأول الماضي بعنوان “تطوير المناهج”، لكن تبين أنه يسعى إلى “تجميل” الاحتلال في الضفة وغزة.
ويشير إلى أنه كان مقررا للمؤتمر أن يستمر لخمسة أيام، لكنه استغرق ثلاثة فقط بعد “الفضيحة” التي أثيرت حوله، متهما موظفين كبارا –لم يسمهم- في “أونروا” بالتورط في ذلك.
ويقول هويدي، إن تولي مندوب دولة الاحتلال في الأمم المتحدة داني دانون منصب نائب رئيس الجمعية العامة، لمدة سنة، وإعطاءه بموجب ذلك صلاحية شطب أي بنود من جدول أعمال الجمعية، مكنه من شطب بند خاص بأن تكون ميزانية “أونروا” مستدامة وتلبي حاجة اللاجئين الفلسطينيين.
وذلك بحسب هويدي، على الرغم من أن مشروع قرار كهذا كان من الممكن أن يحصل على موافقة خاصة أنه مدعوم من الدول المضيفة واللجنة الاستشارية لـ”أونروا”، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
وينوه إلى أن وسائل إعلام عبرية ذكرت أن وفدا من وزارة خارجية الاحتلال كان قد توجه إلى واشنطن برئاسة نائبة وزير الخارجية تسيبي هوتوفلي، لمقابلة سيناتور أمريكي للنقاش حول كيفية إنهاء “أونروا”.
ويتابع هويدي، بأن “الضربة الكبرى” تمثلت في إصدار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وثيقة “غاية في الخطورة والأهمية في نفس الوقت، بعنوان: مبادئ وتوجيهات حول الحماية الدولية رقم 13 لتاريخ كانون الأول/ديسمبر 2017″؛ إذ ادعت المفوضية أنها وثيقة قانونية لكن بتقديرنا هي سياسية بالدرجة الأولى والهدف منها العمل على إنهاء الأونروا والقضاء على قضية اللاجئين وحق العودة”.
وهذه الوثيقة تشتمل على 20 صفحة، وفيها 50 توصية تدعو فيها لإنهاء “أونروا” ونقل خدماتها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بحجة أن الوكالة لم تعد قادرة على توفير الحقوق الإنسانية والحماية للاجئين الفلسطينيين، بحسب هويدي.
لكن المسؤول في شؤون اللاجئين، يشدد على أن دعوة نتنياهو إلى ضم خدمات الأونروا للمفوضية سياسية، وترمي للقضاء على قضية اللاجئين، مفسرا بأن رئيس حكومة الاحتلال لا يتطلع إلى الخيار الأول للمفوضية الخاص بتسهيل عودة اللاجئين إلى ديارهم في فلسطين، فهذا غير وارد “وفق التعنت الصهيوني”، وجرت التجربة سابقا مع لاجئين فلسطينيين في العراق تم رفض عودتهم.
ووفقا لهويدي، فإن الخيار الثاني للمفوضية يعمل على توطين اللاجئ في أماكن تواجده وهذا يتعارض مع الدول المضيفة، أما الخيار الثالث فهو عمل المفوضية على تسجيل أسماء اللاجئين والبحث عن دول في العالم تقبل بتوطينهم دون اختيار منهم ويمكن للعائلة الواحدة أن تتشتت.
والشعب الفلسطيني يرفض بشكل قاطع التوطين، ويتمسك بعودة كل اللاجئين إلى ديارهم في فلسطين المحتلة منذ سنة 1948.
ويرى هويدي أن 2017 كانت سنة “خطيرة وحساسة” بخصوص أونروا، وهذه الخطورة والحساسية انتقلت إلى بداية 2018، لافتا إلى تهديد لمندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة بقطع المساهمة المالية الأمريكية عن الوكالة إذا لم تعد السلطة الفلسطينية للمفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويبين أن هذا الموقف الأمريكي “ما هو إلا ابتزاز سياسي رخيص يستهدف الوجود الفلسطيني”، قائلا: “نحن مدركون تماما أن المفاوضات لن تجدي نفعا، وأن جلب الفلسطينيين إلى طاولتها هو لسلب المزيد من الحقوق الفلسطينية لصالح الكيان الإسرائيلي المحتل”.
ويتحدث هويدي عن “تحول خطير في السياسة الأمريكية تجاه أونروا”، محذرا من أنه إذا لم تتوفر مبادرات جادة من أعلى المستويات العربية والإسلامية والدولية بما في ذلك جامعة الدول العربية والدول المضيفة للاجئين، وحركة عدم الانحياز واتحاد البرلمانيين العرب، فإن هذه الخطوات الأمريكية سيُبنى عليها، وليس من المستبعد طرح الموضوع في الجمعية العامة للأمم المتحدة للعمل على إنهاء الوكالة واتخاذ قرار بذلك.
“لا يستهان به”
“الموضوع جد خطير”؛ يتابع هويدي كلامه، مطالبا المنظمات المحلية والإقليمية والدولية بالعمل على توعية الرأي العام بالخطورة الإنسانية والسياسية والأمنية إذا ما تم إنهاء عمل أونروا، مفسرا بأنه على الرغم من قلة الخدمات التي تقدمها الوكالة فهي في النهاية تغطي جزءا مهما من احتياجات اللاجئين على المستوى الصحي والتربوي والاجتماعي والبنية التحتية للمخيمات وغيرها من الخدمات.
وينوه إلى أن أونروا تقدم التعليم لنحو نصف مليون طالب في مناطق عملياتها الخمسة، وقرابة 30 ألف وظيفة للاجئين الفلسطينيين، “وهذا يجب ألا يستهان به”؛ وفق قوله.
وفي حال حدوث أي خطوات ترمي لتصفية أونروا فإن ذلك “سيضرب حق العودة”، بحسب هويدي.
ويقول: “كل الحراك الذي يجري الآن ليس لأجل اللاجئين والاهتمام بوضعهم الإنساني كما تطرح وثيقة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فلو أن الأخيرة بالفعل حريصة على الوضع الإنساني لهؤلاء اللاجئين عليها أن تدفع الدول المانحة باتجاه المساهمة في ميزانية الوكالة”.
ويضيف هويدي أنه “إذا توفرت الإرادة السياسية للدول المانحة أو للمجتمع الدولي، فإن 1% من الميزانية التي تُدفع لتغطية الحروب في العالم كفيلة بسد ميزانية الوكالة ويزيد”.
ويحذر من أن هدف المفوضية العليا للاجئين هو “سياسي بحت للعمل على إنهاء الأونروا”، قائلا: “ننظر إلى هذه الوثيقة (التي أصدرتها المفوضية) بخطورة”.
ويتمم المدير العام للهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي: “الغريب أن هذه الوثيقة جاءت بالتعاون مع وكالة أونروا، ونحن كهيئة وجهنا رسالة رسمية للمفوض العام لأونروا بيير كرينبول نطالبه بتوضيح موقف الوكالة من هذه الوثيقة، وما إذا كانت تقبل بمضامينها، لكن للأسف لم نحصل على رد حتى هذه اللحظة، ما يعني أن هناك بالفعل من كبار الموظفين في أونروا متورطين في هذا المشروع”.