- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2018-01-18
اجتمع المجلس المركزي الفلسطيني يومي 14و15/1/2018، واستمع إلى خطاب مطول لرئيس اللجنة التنفيذية، كان بالإمكان إختصاره دون المس بمضمونه، خاصة أنه انتهى إلى خلاصات و«توصيات» كان قد عرضها صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على «لجنة العشرين»، المكلفة بإعداد الورقة السياسية التي ستقدم إلى المجلس المركزي، لكن اللجنة رفضت المصادقة على «توصيات» عريقات، فتسربت إلى خطاب الرئيس عباس، ودخلت على نص الخطاب الرسمي، كما أذاعته وكالة «وفا» الرسمية.
انتهت أعمال المجلس المركزي في ساعة متأخرة من ليل 15/1/2018، بعد أن تأخرت طويلاً لجنة الصياغة في الوصول إلى البيان الختامي. ما أكد وجود خلافات محتدمة بين أعضاء لجنة الصياغة حول الموقف من القضايا المدرجة على جدول أعمال المجلس، والتي تناولها المتحدثون في مداخلاتهم، ومنها مداخلة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تلاها على المجلس تيسير خالد، عضو مكتبها السياسي وعضو اللجنة التنفيذية، والتي أشارت في سياقها، وانطلقت في نصوصها إلى المذكرة السياسية التي تقدمت بها الجبهة إلى المجلس ورئيسه، ترسم فيها موقفها من تطور الأوضاع وترسم ملامح وعناوين واتجاهات الإستراتيجية السياسية الواجب إعتمادها في مواجهة التحديات والاستحقاقات الوطنية بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وبعد سلسلة القرارات الاستيطانية الاستعمارية لحكومة نتنياهو، مستفيدة من قرار ترامب، وبعد أن انكشفت الحقائق، كما حذرت منها الجبهة الديمقراطية حول ما يسمى «صفقة القرن» الأميركية لحل الصراع في المنطقة [راجع مذكرة وكلمة الجبهة في المجلس المركزي وراجع «توصيات» عريقات في مكان آخر من هذا العدد].
الولادة القيصرية
يعتقد المراقبون أنه لا يمكن فهم ما شهده المجلس المركزي من نقاشات ساخنة، وخلافات حادة في النظر إلى المجريات السياسية، ولا يمكن فهم أسباب تأخر «لجنة الصياغة» حتى ساعة متأخرة من ليل اليوم الثاني، دون العودة إلى الصيغة القيصرية لولادة دورة المجلس نفسها.
فقد جرى تغييب اللجنة التنفيذية المعنية بدعوة المجلس المركزي للاجتماع، وبالإعداد للاجتماع عبر تحضير الأوراق والتقارير السياسية الضرورية. ما حصل أن القيادة الرسمية الفلسطينية غيبت اللجنة التنفيذية، ودعت إلى ما سمي «إجتماعاً قيادياً فلسطينياً» ضم حوالي خمسين شخصاً من أعضاء في اللجنة التنفيذية، واللجنة المركزية لفتح، وحكومة السلطة الفلسطينية، وقادة في الأجهزة الأمنية، وموظفون في ديوان الرئاسة ووزارة الإعلام وسواها، لم يستغرق أكثر من ستين دقيقة، رفعه رئيس السلطة بدعوى السفر، دون أن يتخذ قراراً بأي من القضايا المطروحة على جدول أعمال الحالة الفلسطينية.
بعدها، ومن خلف اللجنة التنفيذية، وبالتشاور بين رئيس السلطة، ورئيس المجلس الوطني، أعلن عن موعد انعقاد المجلس المركزي، بعد أن مهدت لهذا الإعلان تسريبات على لسان أعضاء في مركزية فتح، «تنبأوا» حتى بالموعد المقرر لإجتماع «المركزي»، حتى دون أن يعلم به أعضاء اللجنة التنفيذية. ثم كشف أمين سر «التنفيذية» عن لجنة شكلت لتقديم ورقة سياسية إلى المجلس المركزي، عدد أفرادها عشرون شخصاً، تم «اختيارهم» من بين الخمسين الذي حضروا «الاجتماع القيادي».
رحلة «العشرين» وما بعدها
لم تنل «لجنة العشرين» موافقة جميع أعضائها، خاصة أن من بينها حالات لا ترتقي إلى المستوى الذي يؤهلها لتكون في موقع المسؤولية لصياغة ورقة سياسية ستكون معنية برسم اتجاهات النضال الوطني الفلسطيني للمرحلة الحالية والقادمة، في ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها القضية الوطنية. ولتجاوز هذا المأزق الذي إنجرت إليه الحالة الفلسطينية نتيجة تهميش المؤسسات الوطنية واستبدالها بسياسة التفرد، كلفت لجنة مصغرة بتقديم مشروع «الورقة» إلى «لجنة العشرين».
الورقة، كما تم التوصل إليها، وكما وصفها المراقبون، ليست في الواقع ورقة سياسية بالمعنى الفعلي للكلمة، بل هي محاولة لتلفيق مواقف متناقضة، بعضها سطحي جداً، وبعضها غامض، وبعضها اعتمد ما يسمى بالتقاليد السياسية الفلسطينية الموصوفة بالتخلف «لعبة تدوير الزوايا». لذلك عندما اجتمعت «لجنة العشرين» لمناقشة الورقة، وجدت نفسها أمام خلافات محتدمة، تطايرت فيها المواقف يميناً ويساراً، وانتهى الاجتماع بالإعتراف بفشل «لجنة العشرين»، فتم الإعلان عن «إنهيارها»، ووصولها إلى الطريق المسدود.
مثل هذه النتيجة شكلت صفقة للذين تجاوزوا اللجنة التنفيذية، والتقاليد الوطنية المتبعة في التحضير للمجلس المركزي القائمة على التشاور المسبق، وتبادل الآراء، والبحث عن التوافقات التي لا تلحق الضرر بالمسألة الوطنية. كما شكلت صفقة للذين حاولوا أن يتهربوا من الإستحقاقات السياسية التي أملتها على الحالة الفلسطينية التطورات الأخيرة، وأن ينصبوا «المطبخ» السياسي بديلاً للمؤسسات الوطنية.
بعد إنهيار «لجنة العشرين» نشطت الإتصالات، بين القوى الفاعلة في المجلس المركزي، [فتح، والجبهتين الديمقراطية والشعبية]، وتم التوافق على تشكيل لجنة من هذه الأطراف تحديداً، للبحث في إمكانية الوصول إلى «توافقات» إستدراكاً للأمر، وبحيث تحفظ المؤسسة ماء وجهها أمام الرأي العام الفلسطيني.
تقدمت إلى اللجنة المصفرة ورقتين، ورقة «توصيات» من صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية، (فتح) وورقة من قيس عبد الكريم (أبو ليلى) نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وتبين أن الورقتين تتصادمان في الكثير من المواقف والبنود والنقاط، ففي الوقت الذي قدمت ورقة الجبهة الديمقراطية مواقفها بلغة واضحة وصريحة وغير ملتبسة وحازمة وحاسمة بشأن إتفاق أوسلو، العلاقة مع الولايات المتحدة، والمفاوضات المنفردة، والإعتراف بإسرائيل، وباقي الملفات الأخرى، إتسمت «توصيات» عريقات بالغموض، والتناقضات، بحيث يسهل التلاعب في تفسيرها وتفتقر إلى الوضوح والحسم في الموقف من القضايا الكبرى.
ومرة أخرى وصلت هذه اللجنة إلى الطريق المسدود، وإتفق أن يكون المجلس المركزي هو الميدان ليقول كل طرف رأيه، على أن تحال القضايا، في نهاية المطاف إلى لجنة الصياغة للبيان الختامي.
ما بين دورة 2018 ودورة 2015
التحضير لدورة 2018، إختلفت كثيراً عن التحضيرات للدورة الماضية التي إنعقدت منذ حوالي ثلاث سنوات، أي في 5/3/2015. تلك الدورة وضعت ملفاتها على طاولة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد تشكل من بين أعضاءها لجنة صياغة، إنعقت على صياغة ورقة سياسية خطوة متقدمة في تطوير الموقف السياسي الفلسطيني، خاصة وأن هذه الورقة شكلت الأساس للبيان الختامي للمجلس الذي رسم مواقف واضحة من التنسيق الأمني، والتبعية الإقتصادية لإسرائيل، وفك الإرتباط بأوسلو، وإطلاق إنتفاضة شعبية، وتدويل القضية الوطنية في الأمم المتحدة وفي محكمة الجنايات الدولية. وكما يقول المراقبون، هي الورقة نفسها التي إستندت إليها اللجنة التنفيذية في 21/7/2017 وفي 12/8/2017 في رسم الموقف الداعم لإنتفاضة القدس وبوابات الأقصى، في مواجهة إجراءات التهويد الإسرائيلي. وهي نفسها الورقة التي شكلت سقفاً سياسياً للتحرك الدبلوماسي والسياسي، الفلسطيني وعلى الصعيد العربي والدولي. وهي التي أعادت تقديم المؤسسة الوطنية (آنذاك) إلى الرأي العام الفلسطيني في موقعها المسؤول عن إدارة الشأن الوطني.
بينما ما جرى في دورة 2018 مختلف تماماً، ويعتقد المراقبون أن هذا الإختلاف تعود أسبابه إلى الظرف السياسي الذي يتحكم بالقيادة الرسمية الفلسطينية.
ففي العام 2015، كانت هذه القيادة تقف أمام وعود أميركية وأوروبية، وتراهن على أن هذه الوعود سوف تثمر وتصل بالعملية التفاوضية إلى ما ترجوه هذه القيادة، حتى أن الرئيس عباس وقف في دورة الأمم المتحدة عام 2016، يبشر الفلسطينيين أن عام 2017 سيكون حتماً «عام رحيل الإحتلال».
وبالتالي كانت القيادة الرسمية تعتقد أنها أمام هوامش سياسية تمكنها من التحرك والمناورة، لذلك لم تر غضاضه في أن تشكل قرارات المجلس المركزي (2015) سقفاً سياسياً، تجعل منها ورقة تكتيكية للوصول إلى ما تبتغيه من حلول سقفها أوسلو «حل الدولتين» الأميركي.
لكن هذه المرة، تجد القيادة الرسمية الفلسطينية نفسها مكبلة اليدين والحركة وبدون هوامش تتيح لها التحرك هنا أو هناك. وكما إعترف رئيس السلطة في كلمته أمام المجلس المركزي الأخير، فإن قرارات ترامب ونتنياهو أنهت مفاوضات الحل الدائم، ولم تبقِ لهذه المفاوضات أية ملفات، حين أخذ الطرفان قراراتهما بشأن القضايا المتبقية للمفاوضات. بالمقابل، وكما يقرأ المراقبون، لم تحسم القيادة الرسمية، موقفها بعد للخروج تماماً من تحت سقف أوسلو، رغم الحديث أن أوسلو قد مات وإنتهى.
ولم تحسم موقفها للخروج من تحت الرعاية الأميركية، فهي مازالت تراهن على دور ما بعض قادة الدول العربية في توفير رواق خلفي، تتسلل منه لمواصلة الحديث مع الأميركيين. وهذا ما يفسر قول بعض أركان السلطة أن قرار مقاطعة الأميركيين يقتصر على الفريق المعني بالمفاوضات [أي كوستنر وغرينبلات] أما باقي الجهات الأميركية فستبقى الخطوط معها مفتوحة بلا عوائق. وهذا ما يفسر مثلاً دعوة القنصل الأميركي في القدس لحضور جلسه إفتتاح المجلس المركزي، وما يفسر كذلك الإبقاء على مكتب م.ت.ف في واشنطن مفتوحاً حتى الآن، وما يفسر عدم دعوة القيادة الرسمية «الأشقاء العرب» قطع علاقاتهم مع الولايات المتحدة، بعد قرار ترامب وبعد «الصفقة» التي وجهها للقيادة الفلسطينية (على حد تعبير الرئيس عباس نفسه).
لذلك عاندت القيادة الفلسطينية، عبر ممثليها في لجنة الصياغة للبيان الختامي للمجلس المركزي (2018) لعدم الذهاب في الحسم إلى نهاياته، وترك الأبواب مواربة في أكثر من قضية ومحور عمل.
... وولادة قيصرية أخرى للبيان الختامي
إنقسمت لجنة صياغة البيان الختامي، إلى تيارين رئيسين، تمحور كل منهما حول موقف خاص به من العديد من القضايا الجوهرية والتي تشكل عناوين القضية الوطنية.
• إتفاق أوسلو: وجهة نظر تدعو لقرار واضح بسحب الإعتراف بإسرائيل، وإلغاء واضح وصريح لإتفاق أوسلو وإلتزماته السياسية والأمنية والإقتصادية بينما دعت وجهة نظر أخرى إلى إحالة هذا الأمر إلى «القيادة» واللجنة التنفيذية لتأخذ به قراراً في الوقت المناسب، ثم قدم هذا الفريق وجهة نظر تدعو إلى تعليق الإعتراف على أن تترك للقيادة تعيين الوقت المناسب للتنفيذ. إلى أن جاء «الحل الوسط» بتعليق الإعتراف، بإعتباره قراراً نافذاً، ورهناً بإعتراف إسرائيل بدولة فلسطين لا يخضع لسياسة إستنساب من قبل القيادة. والأمر نفسه جرى مع إتفاق أوسلو، إذ جرى إعادة التأكيد على وقف التنسيق الأمني (البعض قال لا داعي لهذا القرار فالتنسيق متوقف!) وفك الإرتباط بالإقتصاد الإسرائيلي. لكن أبقى البيان «خيطاً» مازال ممدوداً نحو أوسلو، حين ذكر مسألة «قضايا الحل الدائم»، وهي عبارة من بقايا أوسلو يمكن أن تشكل الثغرة التي ستحاول القيادة أن تتسلل منها نحو «آليات جديدة» للإتفاق المذكور.
• العلاقة مع الولايات المتحدة: دعت وجهة النظر الأولى إلى قطع العلاقات مع الولايات المتحدة ووقف الرهان، وقفاً كاملاً، على دور لها في رعاية أية عملية سياسية، نظراً لموقفها العدائي من القضية الفلسطينية وجهة النظر الأخرى، (وهي وجهة النظر التي وردت في «توصيات» عريقات «توصيات» الرئيس عباس) توافق على مبدأ إخراج الولايات المتحدة من العملية السياسية، لكنها ترهن عودتها إلى هذه العملية بالتراجع عن قرارها بشأن القدس، الأمر الذي إعتبره أصحاب وجهة النظر الأولى إستمرار للرهان الفاشل على الولايات المتحدة، ومحاولة لزرع الأوهام حول إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى لعب دور «الراعي النزيه والمحايد»، وثغرة تتسلل منها القيادة الرسمية لمواصلة «الحوار» مع الولايات المتحدة «لإقناعها» بالعودة عن قرارها، إما مباشرة أو مع «الأشقاء العرب».
• في العلاقة الوطنية: إحتدام الخلاف حول هذه القضية. بين من إنتقد بشدة سياسة تهميش والمؤسسات لصالح المطبخ السياسي، ودعا إلى إعادة بناء هذه المؤسسات على أسس إئتلافية تشاركية الأمر الذي يتطلب دعوة «لجنة تفعيل وتطوير م.ت.ف» للإجتماع فوراً لإعادة بناء الوحدة الوطنية الجامعة، والتوافق على البرنامج الوطني للمرحلة القادمة، ووضع الإجراءات الكفيلة بإعادة بناء المؤسسات بموجب الإنتخابات الشاملة وبنظام التمثيل النسبي الكامل. بينما إتخذ الطرف الآخر موقفاً غامضاً، ودعا إلى عبارات فضفاضة، غير ملزمة متروكة للظرف السياسي المناسب؛ في محاولة مكشوفة للتهرب من إلتزامات الوحدة الوطنية ومتطلباتها، ولعدم «تقييد» القيادة الرسمية بآليات وحدوية ملزمة تعيد الإعتبار للمؤسسة. وكان واضحاً أن جوهر هذه النقطة مرتبط بمصير القرارات كلها، وبآليات تنفيذها، وبتخوف حقيقي من أن يكون مصيرها كمصير قرارات 5/3/2015 التي بقيت معلقة حتى اللحظة ولم يتم العمل بها.
• المصالحة والعقوبات على غزة: كان الخلاف واضحاً بين من يريد رفع العقوبات فوراً عن قطاع غزة، وبين من يريد إبقاءها سلاحاً بيد السلطة بذريعة الضغط على حماس لتمكين حكومة السلطة الفلسطينية من تولي مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة.
• الكنيسة الأرثوذكسية: إنقسم الموقف بين ما جاء في البيان الختامي حول دعم أبناء الطائفة الأرثوذكسية الفلسطينية العربية في تحركها لصون أملاك الكنيسة وبين من دعا إلى موقف جذري، يؤكد على ضرورة تعريب الكنيسة وسحب الإعتراف بالبطريرك ثيوفيليوس، بإعتباره هو المسؤول الأول عن الفساد الذي يستشري في الكنيسة وعن قرار بيع أملاك الكنيسة الوقفية في القدس للمؤسسات الصهيونية (يذكر أن رئيس الحكومة رامي الحمدالله لبى دعوة ثيوفيليوس إلى العشاء الإحتفالي بالميلاد الشرقي، وأن رئيس السلطة لبى دعوته للقداس الإحتفالي رغم إرادة أبناء الطائفة الذين قاطعوا ثيوفيليوس واستقبلوه عند مداخل بيت لحم وكنيسة المهد بالتظاهرات الغاضبة لموقفه من أوقاف الكنيسة وبيعه لها للمستوطنين اليهود.
• حول الموقف من أشكال النضال: ورد في البيان نص حمل في طياته تناقضاً، هو «حل وسط» بين الفريقين الأول الذي دعا إلى تأكيد حق الشعب الفلسطيني بكل أشكال النضال ضد الإحتلال بإعتباره حقاً تكفله القوانين الدولية، وأكد على ضرورة حماية الإنتفاضة لكن تدخلاً مباشراً من الرئيس عباس أضاف صفة «السلمية» للإنتفاضة ما ألحق الضرر بالنص، وأوضح مدى التناقض وحجم الخلافات الدائرة خلف الأبواب في صياغة البيان الختامي.
ولذلك عندما طرح البيان الختامي للتوصيات لم يلقَ الإجتماع المطلوب، فقد امتنعت عن التصويت، الجبهتان الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين، وحركة فدا، والمبادرة الوطنية، وقد جاء التحفظ والإمتناع إحتجاجاً على البنود الغامضة الواردة في البيان.
هل إنتهت معركة المجلس المركزي؟
نعم إنتهت معركة المجلس المركزي. لكن المعركة الوطنية لم تنتهِ بالطبع. وهي المعركة، كما يعتقد المراقبون، تتوجه بشكل رئيسي ومركز ضد السياسيتين الأميركية والإسرائيلية. وهذا ما يتطلب ممارسة كل أشكال الضغط لقطع الطريق على أية محاولة لتفسير قرارات المجلس بشكل إستنسابي، وإعطاءها تفسيرات مغايرة، أو اللجوء إلى تعطيل المؤسسات، خاصة اللجنة التنفيذية، لتعطيل دورها في تحويل قرارات المجلس إلى خطط وإجراءات ورسم آليات للتنفيذ، أو تعطيل الإجتماع الدوري للمجلس المركزي، لإبقاء القرار المنفرد بيد «المطبخ السياسي» الذي فرض نفسه بديلاً للمؤسسات.