أكثر من مرة اسأل نفسي كيف سيفسر عدوانيتنا مؤرخ سيأتي بعد خمسين أو مئة سنة؟ ومتى حسب تقديره بدأوا في اسرائيل يدركون أن الدولة التي أقيمت في حرب الاستقلال على انقاض الوجود اليهودي في اوروبا، وبثمن دماء المقاتلين الناجين من الكارثة، تحولت في نظر غير اليهود الى وحش حقيقي؟
متى ادرك عدد من الاسرائيليين أن قسوتهم وقدرتهم على التنكيل بالأغيار، الفلسطينيين أو الافارقة، تنتقص من الشرعية الاخلاقية لوجودهم السيادي؟
الاجابة، ربما يقول المؤرخ، موجودة في نشاط اعضاء الكنيست ميكي زوهر وبتسلئيل سموتريتش وفي مشاريع القوانين لاييلت شكيد. قانون القومية الذي يبدو وكأنه صيغ من قبل اسوأ القوميين في اوروبا، هو فقط البداية. ولأن اليسار لم يتظاهر ضده في جادة روتشيلد، فقد شكل المسمار الاول في نعش اسرائيل القديمة والتي ستبقى منها وثيقة الاستقلال كمعروض متحفي. من هذا الأثر التاريخي سيكتشفون كيف كانت ستكون اسرائيل لو لم يتفكك المجتمع تحت ضغط التدمير الاخلاقي الذي سببه الاحتلال والابرتهايد في المناطق. لم يعد اليسار يستطيع التغلب على القومية السامة التي تطورت هنا والتي في صيغتها الاوروبية التي قامت تقريبا بتصفية اغلبية الشعب اليهودي.
المقابلتان اللتان أجرتهما رفيت هيخت مع سموتريتش وزوهر (هآرتس، 20/9/2017 و20/12/2017) تستحقان النشر في كل وسائل الاعلام اليهودية. ففيهما ينمو أمام انظارنا ليس مجرد فاشية اسرائيلية، بل عنصرية قريبة من النازية في مراحلها المتقدمة. ومثل اي ايديولوجيا ايضا نظرية العرق النازية مرت بمراحل تطور، وفي بدايتها قامت فقط بسحب حقوق الانسان والمواطن من اليهود. ربما أنه لولا الحرب العالمية الثانية فان المسألة اليهودية "كانت ستنتهي بطرد اليهود (بارادتهم) من اراضي الرايخ". في نهاية المطاف، الاغلبية الحاسمة لليهود تمكنت من الخروج من المانيا والنمسا. من المحتمل أن ذلك ايضا هو المستقبل الذي ينتظر الفلسطينيين.
اجل، ايضا سموتريتش وزوهر لا يريدان المس جسديا بالفلسطينيين، شريطة ألا يحتجوا على التسيد اليهودي. هم فقط يريدان سلبهم حقوق الانسان الاساسية، بدءا من الحكم المستقل في دولة خاصة بهم والتحرر من القمع، وحتى امكانية أنه في حالة ضم المناطق سيحظون بالمساواة في الحقوق في اسرائيل. من ناحية هذين الممثلين للاغلبية في الكنيست فان الفلسطينيين محكوم عليهم بأن يكونوا سكان محتلين الى الأبد. من الممكن ايضا أنه في مركز الليكود يفكرون بنفس هذه المفاهيم. التبرير بسيط: العرب ليسوا يهودا، لذلك هم لا يستحقون بالمطالبة لأنفسهم بالملكية على أي جزء من ارض الميعاد للشعب اليهودي.
حسب طريقة سموتريتش وزوهر وشكيد فان يهودي من بروكلين، الذي لم تطأ قدماه البلاد في أي يوم، هو صاحبها الشرعي، في حين أن الفلسطيني الذي هو وآباؤه واجداده ولدوا هنا، يعتبر غريبا يسكن في البلاد فقط بفضل عطف واحسان اليهود. يقول عضو الكنيست زوهر لهيخت إن "الفلسطيني لا يوجد له حق تقرير المصير الوطني لأنه ليس صاحب الارض في هذه البلاد. أنا أريد أن يكون ساكن حسب منطقي، ولأنه ولد ويعيش هنا فأنا لن أطلب منه الذهاب. من المؤسف أن أقول ذلك، لكن يوجد لهم نقص واحد بارز وهو أنهم لم يولدوا يهود".
من هنا يمكن الاستنتاج أنه حتى لو قام جميع الفلسطينيون بالتهود وأطلقوا السوالف وتعلموا التوراة، فهذا لن يساعدهم. هذا هو الامر ايضا بالنسبة للسودانيين وأبناءهم، الذين هم اسرائيليين في كل شيء: هكذا كان الامر لدى النازيين. بعد ذلك جاء الابرتهايد الذي يمكن أن يسري ايضا بشروط معينة على العرب مواطني اسرائيل. الاسرائيليون في معظمهم لا يبدو أنهم قلقين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف