لا بُدَّ أن مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي لاحَظ الديمقراطيّة الإسرائيليّة في أبْهى أشكالِها العُنصريّة والقَمعيّة عندما دَخل إلى قاعة الكنيست ليُلقِي كَلِمَته التي امتَدح فيها قرار رئيسه دونالد ترامب بنَقل السّفارة الأمريكيّة إلى القُدس المُحتلّة باعتبارِه قرارًا تاريخِيًّا، وأكّد لمُضيفيه اليَهود بأنّه سيَفتتح السّفارة في مَقرِّها الجَديد قبل نِهاية العام المُقبِل.
ففور دخول بنس إلى القاعة وَقف 13 نائِبًا عَربيًّا احتجاجًا، ومُلوّحين بصُورة القُدس، وقُبّة الصّخرة تحديدًا، مُذيّلة بجُملة تُؤكّد أنّها عاصِمة الدَّولة الفِلسطينيّة، فانْقضَّ عليهم رِجال الأمن ومَزّقوا الصُّور، وطَردوهم من القَاعة، وسط تَصفيق النوّاب “الدِّيمقراطيين” الإسرائيليين.
نُوّاب مُنتَخبون ويُمثِّلون ما يَقرُب من مِليون ونصف مِليون مُواطن عربي يتم طَردهم بهذهِ الطريقة القمعيّة، ويَعتبر الضيف الأمريكي هذهِ الخُطوة بأنّها تأكيدٌ على ديمقراطيّة دولة الاحتلال، هل هُناك تزوير أكثر من ذلك، وهل هُناك إهانة للديمقراطيّة وحُريّة التّعبير أكثر من هذهِ الإهانة؟
النوّاب العَرب الذين انحازوا لضمائِرهم، وتَطلّعات شَعبهم في إقامة دولته المُستقلّة وعاصِمتها القُدس المُحتلّة، كانوا في قِمّة الشجاعة، وعبّروا عن وِجهة نَظرهم وشَعبِهم من خَلفهم، بِطريقةٍ حضاريّة وديمقراطيّة في مُواجهة مُحتل قاتِل مُغتصب يَحظى بِدعم دولة تَدّعي أنّها زَعيمة العالم الحُر.
هذا الشّعب الذي رَفضَ استقبال نائب الرئيس الأمريكي على أرضِه في رام الله، وانتفض ثائِرًا ضِد قرار تَهويد المدينة المُقدّسة ونَقل السّفارة الأمريكيّة إليها، عَبّر عن مَشاعر الأُمّتين العَربيّة والإسلاميّة، وأكّد من خِلال شُهدائِه، ودِماء جَرحاه، واعتقال أسراه في سُجون الاحتلال، أنّه لن يَركعْ أبدًا، وسيُواصِل المُقاومة بأشكالها كافّة حتى تَحرير كامِل تُرابِه المُحتَل.
أصاب الدكتور أحمد الطيبي، وزَميلته عايدة توما، وزميله جمال زحالقة عندما أكّدوا على حَتميّة مُقاطعة الأمريكي بنس، وأن الشّعب الفِلسطيني لا يَستقبل العُنصريين، وفَضحوا زيف الديمقراطيّة الإسرائيليّة أمام العالم بأسْرِه، وهي تُصفّق لطَرد أعضاء بَرلمانيين مارَسوا أبسَط حُقوقهم في الاحتجاج السِّلمي المَشروع.
تحيّة إلى هؤلاء النوّاب الشُّجعان الذين لم يَخذلوا شَعبهم وقَضيّتهم مُطلقًا، وقالوا كلمة حَقْ في وَجه برلمان ظالِم، وأمام ضَيف يُمثّل دَولةً مُجرِمة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف