- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2018-02-01
توقف المراقبون الفلسطينيون والمتابعون للمسألة الفلسطينية، خاصة بعد صدور البيان الختامي للمجلس المركزي الفلسطيني، الذي أعاد رسم العلاقة مع إسرائيل، أمام موجة من التصريحات التي وصفها البعض بـ«النافرة»، كونها تندرج في سياق معاكس لقرارات المجلس المركزي.
وقائع فلسطينية!
1) فيوم الثلاثاء الماضي (23/1/2018) حملت تقارير «الحياة» اللندنية، لمراسلها في بروكسل، نور الدين فريضي أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «طمأن وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي حول تمسك السلطة الفلسطينية بخيار المفاوضات من أجل الوصول الى حل الدولتين، دولة فلسطين الى جانب دولة اسرائيل تعيشان في سلام وأمان». وأنه أيضاً «جدد الالتزام بالاتفاقات المبرمة مع إسرائيل، ومطالبتها الوفاء بالتزاماتها بمقتضى الاتفاقات نفسها». وأنه «استجاب الى المساعي الأوروبية بتفادي الخطاب المتوتر إزاء الإدارة الأميركية». وأنه أشار الى قرار ترامب في شأن القدس «ولكن دون تسميته». وشدد «بأن الطريق الوحيد للوصول الى السلام هو المفاوضات بيننا وبين إسرائيل بمشاركة وإشراف دولي». وأضاف فريضي يقول إن رئيس السلطة الفلسطينية « تحفظ عن انتقاد السياسة الأميركية خلال الغداء مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي».
2) في السياق نفسه، تحدث وزير خارجية السلطة الفلسطينية في بروكسل، الى الصحافة المحلية، ونقلت عنه «يورونيوز» في 23/1/2018، قوله إن رئيس السلطة الفلسطينية أبلغ موسكو استعداده للقاء رئيس حكومة إسرائيل، في العاصمة الروسية، دون شروط مسبقة، لكن نتنياهو هو من يتهرب من الدعوة الروسية ومن اللقاء مع الفلسطينيين.
3) الخبر الثالث ما تناقلته الصحف (الشرق الأوسط 23/1/2018) تؤكد أن رئيس السلطة أبلغ الجانب الأوروبي استعداده للعودة الى المفاوضات في ظل رعاية مشابهة لصيغة مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، واقترح أن تكون اللجنة الرباعية هي المحور، يضاف لها دول أخرى، كالصين، ودول عربية أخرى، واعتبر ذلك «رعاية دولية»، لكنها خارج رعاية الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة.
4) الخبر الرابع صدر بيان عن اجتماع حكومة السلطة الفلسطينية يعيد التأكيد أن المفاوضات هي الخيار الرئيسي للسلطة الفلسطينية وهي «السبيل الوحيد للسلام مع إسرائيل».
5) وأخيراً، وليس آخراً، نقلت الوكالات الفلسطينية (27/1/2018) ما جاء في مكالمة بين زعيمة حزب ميرتس الإسرائيلي، وبين رئيس السلطة الفلسطينية أكد فيها أن السلطة « لم تسقط خيار المفاوضات بعد الأزمة التي تسببها إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل»، وأن «أوسلو قد مات»، ومع ذلك فإن السلطة ــ كما قالت الوكالات ــ «مازالت تلتزم التنسيق الأمني» مع الاحتلال.
ملاحظات.. وإلى أين؟
1) أولاً بشأن «حل الدولتين»: مازالت السلطة تتحدث عن «حل الدولتين»، رغم أن الجانبين الإسرائيلي والأميركي يتجاهلانه، ويتجاهلان مشروع الدولة الفلسطينية؛ وكأن الجانب الفلسطيني بذلك يعترف بحق إسرائيل في الوجود، بينما هي في الوقت نفسه، لا تعترف بحق الفلسطينيين في دولة خاصة بهم. أضف لذلك أن المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الأخيرة (15/1/2018) «علق» الاعتراف بإسرائيل، الى حين أن تعترف هي بالدولة الفلسطينية، فلماذا الإصرار إذن، على مواصلة الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، مجاناً، وهي لا تعترف بالدولة الفلسطينية، ولماذا الإصرار، في الوقت نفسه، على انتهاك قرار المجلس المركزي وتجاهله، وإصدار تصريحات تعاكسه تماماً، وتمتهن الهيئة الوطنية التي اتخذت هذا القرار وتحط من شأنها وتستخف بها؟
2) في وقف التنسيق الأمني: اتخذ المجلس المركزي (5/3/2015) أي منذ حوالي ثلاث سنوات، قراراً واضحاً، وبإجماع أعضائه، بوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وجدد المجلس المركزي (في 15/1/2018) التأكيد على هذا القرار. ومع ذلك لا يتردد رئيس السلطة في تحدي الإرادة الوطنية، وإرادة المجلس المركزي ورئيسه (سليم الزعنون) وتحدي الإجماع الوطني، ليعيد التأكيد أن السلطة الفلسطينية لم تلتزم حتى الآن بوقف التنسيق الأمني. هنا من المفيد أن نتذكر أن اللجنة التنفيذية، وتحت الضغط الوطني، (وفي ذروة انتفاضة القدس وبوابات الأقصى في تموز/يوليو 2017) طلبت الى الأجهزة الأمنية تقديم مشروع لوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال. واختفى المشروع مع الكثير من المشاريع المماثلة، وتحول الى مجرد سراب. هذا الخبر نضعه في عهدة الكثيرين ممن دافعوا مطولاً عن السلطة الفلسطينية، وادعوا أنها اوقفت تنسيقها الأمني مع الاحتلال، منذ تموز/يوليو الماضي، كما نضع هذا الخبر، مرة أخرى، في عهدة اللجنة التنفيذية التي أحال اليها المجلس المركزي قراراته في 15/1/2018، فضلاً عن عهدة رئيس المجلس الوطني (وهو في الوقت نفسه رئيس المجلس المركزي) الأخ سليم الزعنون الذي بنفسه تلا علينا البيان الختامي للمجلس المركزي وقراراته.
3) في العودة إلى المفاوضات: المجلس المركزي، في دورتيه الأخيرتين، لم يسقط خيار المفاوضات. لكنه لم يعتبرها الخيار الوطني الوحيد، بل انتقد صيغة المفاوضات التي استمرت ربع قرن ولم تعد على الفلسطينيين إلا بالكوارث، بينما حصدت منها إسرائيل كنزاً من المكاسب الكبرى. ومن أهم الشروط التي رسمها المجلس المركزي للعودة إلى المفاوضات (كخيار من بين خيارات أخرى) هو وقف الاستيطان، وقفاً تاماً، في القدس وفي أنحاء الضفة الفلسطينية، خاصة تلك المشاريع الجهنمية التي رسمتها حكومة نتنياهو بتشييد مليون شقة استيطانية جديدة خلال عشر سنوات، من شأنها أن تستوعب خمسة ملايين مستوطن جديد، من بينها 300 ألف شقة في القدس وحدها، لإغراقها بحوالي مليون مستوطن أو أكثر. وخاصة (أيضاً) بعد أن اتخذت إسرائيل قراراً «بفصل» 140 ألف فلسطيني من أبناء القدس خارج «الحدود الإدارية» الاحتلالية للمدينة المقدسة، ليصبح المستوطنون هم الأغلبية والمقدسيون هم الأقلية في مدينتهم. فبأية صلاحية يعلن وزير خارجية السلطة استعداد رئيسه للقاء نتنياهو في موسكو وبدون شروط مسبقة. وما هو هدف هذا اللقاء إن لم يكن تمهيداً للمفاوضات. ومن هو صاحب القرار بالعودة إلى المفاوضات. وما هو المكسب من هذا اللقاء. يقال إن تصريح وزير خارجية السلطة كان هدفه «المكسب الدبلوماسي» (علماً أنه لم يحقق هذا المكسب الرخيص). وأي مكسب هذا الذي يتم على حساب مدينة القدس، وينتهك قرارات المجلس المركزي، وأية دبلوماسية هذه، سطحية، وساذجة، التي تنفذها وزارة خارجية السلطة، وتعطي لوزير، يعتقد أنه يتذاكى على الأوروبيين والروس، صلاحية التصرف بها منفرداً.
4) في العودة إلى المفاوضات (أيضاً): المجلس المركزي رسم للعودة إلى المفاوضات إطاراً، يتشكل من شرط مسبق هو وقف الاستيطان، بكل أشكاله. ومن ضرورة إيجاد آلية جديدة بديلة للآلية النافقة تحت الرعاية الأميركية المنفردة. البديل كما رسمه المجلس المركزي، مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وبموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تكفل للشعب الفلسطيني وتعترف له بحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف [دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران 67، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي كفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948. ورحيل الاحتلال والاستيطان من الأراضي التي احتلت منذ حزيران (يونيو) 1967]. هذه الصيغة، حتى الآن لم يتم تبنيها من قبل القيادة الرسمية في مواقفها المختلفة. تتحدث عن «آلية دولية» وعن «رعاية دولية»، لكنها تحيل هذا الأمر إلى اللجنة الرباعية، وليس إلى الأمم المتحدة. والفارق شاسع، بين هذه الصيغة وتلك. فالرباعية الدولية، وما يمكن أن يشتق منها قد تعيد الطرفين إلى اتفاق أوسلو (ألم يؤكد رئيس السلطة التزامه الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وألم يدعُ الاتحاد الأوروبي «لإقناع» إسرائيل بالعودة للالتزام بهذه الاتفاقات، في زيارته الأخيرة لبروكسل (23/1/2018). بينما صيغة الأمم المتحدة تقودنا إلى قرارات الشرعية الدولية، أي: مبدأ عدم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة. القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 ـــــ أي أنها ليست عاصمة لإسرائيل. التزام الدول بعدم نقل بعثاتها الدبلوماسية إلى القدس ما دامت تحت الاحتلال. إلغاء كل أشكال الاستيطان والتهويد ــــ القرار 2334 بإجماع مجلس الأمن الدولي نهاية العام 2016 ــــ حق الفلسطينيين بتقرير المصير. حقهم في الدولة المستقلة كاملة السيادة ـــــــ حق العودة للاجئين بموجب القرار 194 ــــــــ فلماذا تجاهل صيغة الأمم المتحدة والشرعية الدولية، واللجوء إلى صيغ ملتبسة، كالحديث الغامض عن صيغة «دولية» تفتح الباب لعودة قوية للولايات المتحدة للتحكم بآليات المفاوضات، وتعيد المفاوضات لتبقى تحت رحمة اتفاقات أوسلو البائسة والتي كثيراً ما قال رئيس السلطة أنها «ماتت».
5) في أن المفاوضات مازالت هي الخيار الرئيسي: إذا كان المجلس المركزي لم يسقط خيار المفاوضات، (بالشروط والآليات والمرجعية المذكورة أعلاه) إلا أنه لم يسقط الخيارات الأخرى بل تبناها في قراراته وكجزء من الإستراتيجية السياسية الجديدة والبديلة لاستراتيجية أوسلو والتزاماته المختلفة, فهو أولاً أسقط اتفاق أوسلو والتزاماته السياسية (الاعتراف بإسرائيل) والأمنية (وقف التنسيق الأمني) والاقتصادية (فك التبعية مع الاقتصاد الإسرائيلي) وبالتالي فإن المفاوضات التي تبناها المجلس المركزي كأحد الخيارات، تقع خارج اتفاق أوسلو، ولا علاقة بحل الدولتين، كما رسمها اتفاق أوسلو والاتفاقات المتناسلة منه، على يد الجانب الأميركي والإسرائيلي، وفي هذا السياق تبنى خيارات أخرى منها:
• خيار المقاومة والانتفاضة الشعبية. وكل أشكال المقاومة التي تكفلها الشرعية والدولية والقوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال, (بما فيها حق الدفاع عن سيادتها الوطنية، سيادة الأرض والشعب ـــــ بقوة السلاح ـــــ) وإذا كان البعض، في المجلس المركزي قد أصر، على التمسك بما أسماه «المقاومة الشعبية السلمية»، فلأسباب واضحة أراد منها الالتفاف على القرار ولا يكفي أن تكون «السلمية» من طرف واحد، وإلا وصفت بأنها «سلمية غبية وساذجة لا تقرأ التاريخ، إلا من زاوية طبقية معينة».
• خيار تدويل القضية والحقوق الوطنية. أي الذهاب بالقضية الفلسطينية إلى مؤتمر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وبموجب قرارات الشرعية الدولية التي تكفل الحقوق الوطنية المشروعة لشعب فلسطين، أي الصدام السياسي مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
• طلب العضوية العاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة بالصيغة القانونية المناسبة، أي (أيضاً) الصدام السياسي مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
• طلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وللقدس وللأرض المحتلة، (أي أيضاً الصدام السياسي مع الولايات المتحدة وإسرائيل).
• وأخيراً وليس آخراً، إحالة جرائم الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية بموجب قانون روما، ما يقود بالضرورة إلى الصدام السياسي مع الاحتلال ومع الولايات المتحدة.
الملاحظ، في هذا كله، أن القيادة الرسمية الفلسطينية تجاهلت كل هذه الخيارات، وأعادت التأكيد على خيار المفاوضات «سبيلاً وحيداً» وعلى «الالتزام بالاتفاقات الموقعة»، وعلى الالتزام بالاعتراف بإسرائيل (حل الدولتين) وعلى الالتزام بالتنسيق الأمني. أي العودة إلى الاستراتيجية الفاشلة لاتفاق أوسلو وتعليق الاستراتيجية الجديدة، الواردة في قرارات المجلس المركزي، على الرف حتى إشعار آخر.
6) في جدوى هذه السياسة: من حق المواطن الفلسطيني أن يسأل عن جدوى السياسة التي مازالت تتبعها القيادة الرسمية الفلسطينية، بما في ذلك جدوى تعطيل اللجنة التنفيذية، وتعطيل قرارات المجلس المركزي، والانشغال بجولات خارجية، تنتقل من عاصمة لأخرى.
قد تكون هذه الجولات مفيدة لو أنها، مثلاً، ذهبت في شرح قرارات المجلس المركزي تمهيداً لتنفيذها، وتوفير تأييد دولي لها، يعزز عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن حسب كل المصادر، لقد تجاهلت هذه الجوالات نتائج أعمال المجلس المركزي وأعادت التأكيد على خيارات أوسلو.
وقد يقال إن الهدف منها تجميع التأييد الدولي لصالح القضية الفلسطينية وضد قرار ترامب. الإجماع الدولي (ماعدا إسرائيل والولايات المتحدة و بعض الجزر الصغيرة) كان ضد قرار ترامب. أما الرهان على أن تكون أوروبا هي بديل الولايات المتحدة، فهو رهان خاسر مسبقاً لإدراك الجميع حدود الموقف الأوروبي، فضلاً عن نتائج زيارة بروكسل كانت سلبية اضطر فيها الجانب الفلسطيني لتقديم تنازلات إرضاء لأوروبا، فتحاشى انتقاد قرار ترامب، وتحدث عنه دون أن يذكر اسمه، وقبل «النصيحة القائلة» بعدم التوتير مع إدارة ترامب والولايات المتحدة.
كان يمكن لهذه الجولات أن تكون مثمرة لو أن اللجنة التنفيذية اجتمعت وطبقت قرارات المجلس المركزي، ومارست الضغوط على إسرائيل والولايات المتحدة وردت على إجراءات إسرائيل الميدانية بإجراءات ميدانية أخرى، ومضادة، تؤكد لإسرائيل أن إجراءاتها لن تقابل بعد اليوم بالشجب والاستنكار، فقط، بل بإجراءات معاكسة، تعدل ميزان القوى، وتؤكد للمجتمع الدولي أن الفلسطينيين ذاهبون في التحدي وفي مواجهة الاستحقاقات بإرادة قوية، وإنهم لن يقدموا بعد الآن أية تنازلات مجانية، كالتنازلات التي قدمها الوفد الفلسطيني في زيارته لبروكسل.
أين هي المرجعية الفلسطينية؟
بعد هذا، رغم أن الحديث لم ينتهِ بعد، لكون المسار السياسي لم يتوقف، يفترض أن نسأل: من هي المرجعية الوطنية ذات الصلاحيات التي بإمكانها أن ترسم حدود الحركة السياسية للقيادة الرسمية لتكف عن انتهاك قرارات الإجماع الوطني، وتجاوزها، بل كسرها، والعودة إلى القديم، الذي اعترفت القيادة الرسمية نفسها أنه مات.
نعتقد أن المرجعية تتوزع في ثلاثة اتجاهات:
1) الاتجاه الأول هو رئيس المجلس الوطني، رئيس المجلس المركزي، الأمين على قرارات المجلس، منذ أن اتخذت في العام 2015 وبالتالي من حقنا أن نطالب رئيس المجلس، من موقع أمانته التاريخية على قرارات تلاها هو شخصياً، أن يمارس الصلاحيات المطلوبة لوضع حد لأسلوب خرق القرارات وتجاهلها وتجميدها، والعمل بعكسها. وهذه مسؤولية تاريخية لا شك أن الأخ سليم زعنون يدرك أهميتها أكثر من سواه.
2) الاتجاه الثاني هو اللجنة التنفيذية، المطالبة أن تضع حداً لحالة التسيب التي تعيشها، وأن تضع حداً لسياسة الفشل في إدارة الشأن الوطني. آخر مظاهر هذا الفشل، فشلها في التحضير للمجلس المركزي. وعلى أعضاء «التنفيذية» أن يبدأوا منذ الآن وبشكل شجاع بوضع النقاط على الحروف، وأن يقدموا الخيار الوطني على كل الخيارات الأخرى، والمسؤولية الوطنية والمصالح الوطنية على كل المصالح الأخرى.
3) الاتجاه الثالث هو الشارع الفلسطيني بقواه السياسية، والتي لولا ضغوطها التراكمية، وإنجازاتها الوطنية، ولولا تضحيات الشارع نفسه، إن في تقديم الشهادة، أو المعتقلين، أو الناشطين يومياً في مواجهة الاحتلال، لما نجح المجلس المركزي في الوصول إلى ما وصل إليه من قرارات. وعلى الشارع وقواه السياسية أن يواصل المعركة، لوضع حد لسياسية التلاعب بالقرارات، وانتهاكها ووضع حد لمشروع أوسلو ليكون المشروع الوطني، والمشروع الوطني وحده، هو الملزم.
وواهم من يعتقد أنه بسياسة التهرب من مواجهة الاستحقاقات، يمكن تجاوزها والتحلل من أية واجبات نحوها.
هامش الخيار بات ضيقاً جداً. ولا مكان بعد اليوم لسياسة المناورات قصيرة النفس، والتكتيكات العارية، لأنها لن تحقق سوى الكوارث. وكفى الشعب الفلسطيني كوارث أوسلو لمدى ربع قرن من الزمن الأسود.