- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2018-04-05
تهيمن الاستعدادات المكثفة للجمعة الثانية من “مسيرات العودة الكبرى” قرب السياج الفاصل مع قطاع غزة على المشهد في قطاع غزة.
وغلبت المسيرات والاستعدادات الشعبية لهذا الحدث على أحاديث سكان قطاع غزة ، البالغ عددهم مليوني نسمة ، وسط ابتكار لوسائل بدائية متعددة من النشطاء الشباب للحد من استهدافهم من قناصة الجيش الإسرائيلي.
ومنذ يومين يتسابق مئات الشباب الفلسطينيين في جمع ونقل إطارات المركبات المطاطية ومراكمتها على طول السياج الفاصل تمهيدا لإشعالها خلال مسيرات غدا الجمعة.
وشوهدت أكوام مترامية من الإطارات البالية وقد سدت مداخل خيام الاعتصام التي نصبت للمتظاهرين في خمس مناطق رئيسية خصوصا في جنوب قطاع غزة.
وقال نشطاء إن الإطارات سيتم استخدامها وحرقها على طول الحدود ليشكل الدخان الأسود الكثيف المنبعث منها عائقا للرؤية أمام الجنود الإسرائيليين خلال المواجهات.
وقال أحد النشطاء الشباب ويدعى صدام محيسن لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) “نجهز الإطارات لجمعة الغد من أجل إحراقها حتى يغطي دخانها بيننا وبين القناصة من الجنود الإسرائيليين “.
وأضاف محيسن أن “هذا جزء من خطة المواجهة السلمية التي نسعى لها للتقليل من حجم عدد القتلى والإصابات برصاص الجيش الإسرائيلي خلال المسيرات.
وجند القائمون على الحملة العشرات من عربات الكارو و”التوك التوك” وحتى المركبات لنقل الإطارات إلى الأطراف الشرقية لقطاع غزة بالقرب من السياج الفاصل مع إسرائيل.
وقال مشاركون في الحملة إن خطوتهم جاءت بعد أن أيقنوا أهمية الإطارات المشتعلة ودورها المزدوج في التشويش على قناصة الجيش الإسرائيلي ومضايقتهم بدخانها الكريه.
ويعد حرق الإطارات المطاطية أسلوبا متعارف عليه لدى الفلسطينيين منذ إطلاقهم الانتفاضة الشعبية الأولى عام 1987 ، لكنها المرة الأولى التي يتم اللجوء إليه بهذا الحجم الكبير.
وأطلق نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “جمعة الكوتشوك” على مسيرات الجمعة المقبلة في إطار مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت يوم الجمعة الماضية.
إلى جانب ذلك ، تصاعدت دعوات لاصطحاب مرايا عاكسة لتشتيت انتباه الجنود الإسرائيليين خلال المسيرات إضافة إلى جمع الجرادل البلاستيكية لمقاومة الغاز المسيل للدموع.
وقال الناشط الشبابي نبيل عيد لـ (د.ب.أ) “كل أدواتنا سلمية ، ولا يمكن اتهامنا بالإرهاب كما تدعى إسرائيل ، وإلا ماذا يمكن تسمية قناصة الجنود المنتشرين على طول السياج الفاصل”.
وأضاف عيد بنبرات من التحدي “نريد أن نظهر للعالم كله الكثير من الصمود والتحدي لتحقيق حلم العودة والحرية من الاحتلال ، فهذا هو مطلبنا وحقنا المشروع”.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه توافد مئات الفلسطينيين إلى المناطق الشرقية لقطاع غزة على مدار أيام الأسبوع للمشاركة في خيام الاعتصام المقامة فيها.
وشهدت تلك الخيام فعاليات شعبية وثقافية متنوعة يريد القائمون عليها أن يعززوا استقطاب أكبر حشد شعبي ممكن فيها وإبقاء المشاركة في مسيرات العودة قويا.
ولوحظ توافد عائلات بأكملها إلى خيام الاعتصام كل يوم تقريباً ، ويقصد الكثيرون منهم الاستمتاع بالمناظر الخضراء للحقول الإسرائيلية خارج السياج الحدودي.
ويقضى أخرون أوقاتهم في لعب كرة القدم، في حين يتم جلب أطفال المدارس بالحافلات إلى المنطقة ، ويطيرون الطائرات الورقية، بينما يغني شباب آخرون ويرقصون الدبكة الشعبية.
كما يتواجد عشرات من البائعين في المناطق الحدودية حيث يبيعون المشروبات الساخنة من الشاي والقهوة والحلويات بعد أن وجدوا في المسيرات فرصة لكسب بعض المال.
وأطلق فنانون تشكيليون من غزة اليوم الخميس مبادرة لرسم جدارية داخل مخيم العودة شرق مدينة غزة للحث على أكبر مشاركة شعبية في المسيرات غدا الجمعة.
وكان تم إطلاق مسيرات العودة غير المسبوقة من لجنة تنسيقية تضم فصائل فلسطينية وجهات حقوقية وأهلية يوم الجمعة الماضية بالتزامن مع إحياء يوم الأرض الفلسطينية.
ويريد القائمون عليها استمرارها لتصل ذروتها حتى يوم 15 من الشهر المقبل الذي سيصادف مرور 70 عاما على ما يسميه الفلسطينيون “النكبة” وقيام دولة إسرائيل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي من غزة وسام عفيفة إن “مسيرة العودة المستمرة ومخيماتها تؤسس لمدرسة سلمية على الطريقة الفلسطينية تستوحي بعضا من ثورات الماضي التي اجتاحت الكرة الأرضية، وتضيف جديدا سيلهم المقهورين والمحتلين المحاصرين حول العالم اليوم ومستقبلا”.
وأضاف عفيفة لـ (د.ب.أ)، أن الفلسطينيين اليوم “ينتفضون بأجسادهم أمام السياج وقناصة الجيش الإسرائيلي للمطالبة بحقوقهم التي بدا أن العالم تجاهلها ولم يعد يعترف بها إلا بالشعارات فقط”.
ويعتبر عفيفة أن الرسالة الفلسطينية من قطاع غزة اليوم “هي الإصرار على تحقيق حلم العودة للاجئين، وأنه في يوم ما سيتمكن أبناء اللاجئين من الجلوس على تلال فلسطين الخضراء، ليقرأوا تاريخ ثورات أباءهم ضد الاحتلال”.
وقتل 17 فلسطينيا بينهم 14 بالرصاص وثلاثة بالقصف المدفعي الإسرائيلي منذ يوم الجمعة الماضية في أطراف شرق قطاع غزة إلى جانب مئات الجرحى غالبيتهم العظمى بالرصاص الحي.
وطالبت منظمات حقوقية فلسطينية بتدخل دولي لوقف استهداف الجيش الإسرائيلي للمتظاهرين سلميا شرق قطاع غزة.
وقال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ، ومقره غزة ، راجي الصوراني إن مسيرات العودة تؤكد أن “الاحتلال وإزالته هو الهم الأكبر والرئيس في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
واعتبر الصوراني لـ (د.ب.أ)، أن مسيرات غزة “تأتي تعبيراً عن الغضب ورفض الحصار غير الإنساني وغير القانوني بحسب توصيف كل المؤسسات الدولية والأممية والمجتمع المدني الدولي، والذي لا يزال مستمراً منذ 11 عاماً”.
واتهم الصوراني الجيش الإسرائيلي بتعمد استهداف المتظاهرين الفلسطينيين بإطلاق النار بشكل مباشر وبقنابل الغاز المسيل للدموع رغم أنهم لا يشكلون أي تهديد لجنوده بما يتطلب تدخلا دوليا فورا.
وأضاف “نحن من جانبنا كما لاحقنا ولازلنا مجرمي الحرب وكل من تورط في إصدار الأوامر سياسياً وعسكرياً وأمنياً سنلاحق من أعطى الأوامر بالقتل المتعمد للمتظاهرين سلميا في قطاع غزة”.