حالة من العجز أصابت الكيان الصهيوني، أمس الجمعة، بعد سحائب الدخان الأسود الكثيف، التي انطلقت باتجاهه نتيجة حرق الشبان الفلسطينيين المئات من إطارات السيارات في جمعة أطلق عليها المشاركون بالمسيرات "جمعة الكوشوك".
عجز الكيان انتقل من أوساط الجيش إلى المستوى السياسي، الذي حاول امتصاص الصدمة والادعاء أنه راض عن أدائه تجاه تلك المسيرات.
الجنرال "أورين شاكور" منسق الأنشطة الحكومية في الأقاليم في أواسط التسعينات يقول، في مقابلة له على صحيفة معاريف: "بعد أسبوع من أعمال الشغب على حدود غزة التي بدأت الأسبوع الماضي، نحن أمام واقع حاد للغاية، وسببه عدم التحدث مع الطرف الآخر، عندما لا تكون هناك عملية سلام ذات هدف واضح هذا هو ما يحدث، إن أعمال الشغب على حدود غزة لم تفاجئني وأتوقع أن تقترب المواجهة معها من جديد".
ويضيف شاكور بالقول: "يجب أن نتحدث مع الفلسطينيين، كان علينا أن نتواصل معهم وهو ما كان من الممكن أن يمنع أعمال الشغب الحالية، سأحاول أن أطرح الأمر بشكل مختلف إذ يجب علينا السماح بتسيير أمورهم الحياتية، وفتح ميناء، وإن لم نفعل ذلك فإنهم سيصعدون خطواتهم وهذ ما لا نأمل به".
وتوقع أن نفتح النار ويتصاعد الموقف، وقال: "بالرغم من وجود القبة الحديدية إلا أنهم يستطيعون تجاوزها، وإطلاق النار على المستوطنات المحيطة بالقطاع وربما المدن أيضا".
وفي أول رد فعل عملي على جمعة الكوشوك ذكر موقع والا العبري أن الكيان ألغى إدخال حمولة من أربع شاحنات من الإطارات كانت في طريقها إلى غزة وكان من المقرر وصولها يوم الأحد عبر معبر كرم أبو سالم، وفقا لمسؤول فلسطيني في المعبر فإنه "لم يتم وضع سياسة دائمة بشأن دخول الإطارات إلى قطاع غزة"
المعلق الإسرائيلي يوآف فاردي قال: "مسيرات العودة نجحت في وضع الفلسطينيين في بؤرة الاهتمام العالمي".
وبعد توافد كبريات الوكالات والقنوات والصحف الإعلامية الدولية إلى منطقة المسيرات على الحدود مع قطاع غزة لتغطية الأحداث هناك، سارع نتنياهو إلى إرسال مستشاره الإعلامي، لمقابلة الصحفيين الأجانب وشرح رؤية نتنياهو و"إسرائيل" أمام هؤلاء الصحفيين حول المسيرة ومنظميها.
المستشار ركز على أن المسيرة الهدف منها قص الجدار و التسلل "لإسرائيل" والإضرار بالمواطنين في كيانه كما ادعى.
وقالت القناة العبرية العاشرة: "بالنسبة لإسرائيل فإن استمرار التظاهرات على حدود قطاع غزة سيشكل مشكلة، فاذا تحولت حدود قطاع غزة لساحة حرب فيها عمليات إطلاق نار على الجنود، هذا يعني العودة لأيام "الجرف الصامد" في العام 2014".
تحت عنوان (مجرد التهديد باجتياز الحدود) في موقع هعوكتس كتب آفي رم تسوريف طالب الدكتوراه في تاريخ الشعب الإسرائيلي في جامعة بن غوريون: "مجرد تهديد الفلسطينيين باجتياز الحدود يشير إلى انعدام شرعية القوة الصهيونية، ويثير الرعب في أوساط الصهاينة، التهديد يكشف العنف الكامن في أصل القانون الذي يطرح نفسه كحدود وباستخدام التصنيف التاريخي المسمى (المتسلل)".
وأضاف: "مسيرة العودة تمس عصب الرعب العميق جداً المتعلق ب (السيادة الإسرائيلية)، وهذا فقط هو ما يفسر قتل 26 من المتظاهرين العزل المقتربين من السياج، وحتى لو اجتازوا السياج الذي عدُّوه هدفاً لهم هكذا فقط يمكننا فهم النقاش الإسرائيلي الداخلي حول ما يسمى احتجاجات غير عنيفة، وهو ما يعني بالمفهوم الإسرائيلي أن تكون على مقاس القوانين الإسرائيلية السيادية، وإذا ما خالفتها فتلقائياً تصبح عنيفة".
مصطلح العودة مصطلحٌ مخيف في الأدبيات الصهيونية، ومن المحظور ذكره أو التطرق للشعب الفلسطيني المهجر، فكل حديث عن الماضي الفلسطيني قبل 1948 يتناقض جذرياً مع الواقع الصهيوني الذي يرى أن مجرد وجود الفلسطينيين ولو كانوا عزلاً هو تهديد.
آلون بن دافيد المراسل العسكري كتب مقالا في صحيفة معاريف بعنوان: "نتنياهو وسياسة اللامعلوم" جاء فيه: "إذا سألت رئيس الوزراء عما يريد تحقيقه في الحرب القادمة على قطاع غزة، فلن تحصل على إجابة، فهو لا يريد أن يحتلها، ولا يحاول الإطاحة بحماس ماذا يريد إذن؟".
ويتابع: "كُره نتنياهو للقرارات معروف بين افعل ولا تفعل كان يفضل هو عدم الفعل، أكمل هذا الأسبوع تسع سنوات متتالية كرئيس للوزراء، يصعب الإشارة إلى قرار هام اتخذه طوال هذه الفترة حاول تقديم رؤية للمستقبل بخصوص "يهودا والسامرة"، وضمان أغلبية يهودية في "إسرائيل" لم يضع أي استراتيجية بشأن غزة".
ويؤكد بقوله: "قادنا عدم القدرة على اتخاذ القرار إلى حرب مدتها 50 يومًا، وهي تهدد بأن تقودنا إلى حرب أخرى، يجب ألا نقلل من أحداث نهاية الأسبوع في غزة، لقد خرجت منها منتعشة، وحظيت باهتمام العالم، والآن سوف ترغب في الاستمرار بقوة أكبر، ويأمل نتنياهو مرة أخرى أن يخلصه الجيش من الحاجة لاتخاذ قرار، وسوف يفعل القناصة الإسرائيليون كل شيء للحفاظ على الحدود".
المقاومة الفلسطينية أثبتت قدرتها على التكيف مع الأوضاع واستغلال الموارد المتاحة من أجل كشف حقيقة الاحتلال الصهيوني، ولفت نظر العالم إلى أساليب العنف المستخدمة من قبله باتجاه المتظاهرين العزل.
وأضاف المحلل تمسك الكيان بالحل العسكري سيجلب عليه نقم العالم بعد أن نقلت وسائل الإعلام الغربية تفاصيل سلمية المسيرات وعنف الكيان تجاهها بالمقابل، هذا سيدفع الكيان للاعتراف بخسارة خياره العسكري والاتجاه نحو حل سياسي يخفف من حدة التصعيد الحالي.
وأكد المحلل أنه يتوجب على المقاومة استجلاب المزيد من الوعي العالمي ببلورة خطة استراتيجية محددة الأهداف، يشارك فيها الكل الفلسطيني في الداخل والشتات من أجل وضع القضية الفلسطينية من جديد على سلم الأوليات.
أن استخدام الخيار السلمي الذي انتهجته غزة مؤخرا أثبت نجاعته؛ إذ تم استخدامه بالمكان والزمان المناسب، والتنوع في الفعاليات في خِيم العودة استقطب العديد من المشاركين، وهو ما يُلزم الحفاظ على مستوى عالٍ من الإبداع للإبقاء على هذا الاستقطاب.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف