- تصنيف المقال : موقفنا
- تاريخ المقال : 2018-04-07
في يوم الأرض، بدا واضحا في المشهد المهيب، تطلُع الفلسطينيين إلى إطار كياني يجمعهم ويذود عنهم. فقد بدا وضع كيانهم السياسي ملتبسا يوطد في وجدانهم قلقا عميقا.
في يوم 30 مارس الماضي، كان الحراك يُذكّر بضرورة العمل على عدة مسارات، من خلال الإرادة الشعبية. لقد قرأ العرب الأقربون الرسالة، مثلما قرأها الإسرائيليون والأميركيون والأوروبيون، وبات ملف المأزق الاجتماعي الاقتصادي الفلسطيني، وقلبه ملف التردي العميق في أخلاقيات الحكم، على سطح الملفات التي تتطلب تدابير عاجلة، تساعد الفلسطينيين على إعادة الاعتبار بالوسائل الديمقراطية لمنظومة الحكم الوطني، وملء الأطر التي لم يتبقَّ منها سوى أسمائها وذكراها، وإنهاء الحصار والإقصاء، وفتح ثغرة في الجدار الإسرائيلي المسدود، وكبح جماح الدواعش اليهود، ووقف كرة النار الأميركية المتدحرجة، قبل أن تصل إلى ساحة العرب وتضاعف أسباب التوتر والفوضى المتمادية في الهدم .
كلمة الرئيس محمود عباس، مساء يوم الجمعة (30/3/2018) تعليقاً عل المذبحة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مسيرات «يوم الأرض والعودة»، لم ترتقِ إلى مستوى الحدث الكبير:
كلمة الرئيس عباس لم تقرأ الحدث في سياقه السياسي، وأن الانفجار الشعبي في قطاع غزة، جاء تعبيراً عن واقع حال القطاع، السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني. ضد مشروع ترامب. ضد الاحتلال. ضد الانقسام. ضد التفكك السياسي وضد سياسة إهمال القطاع وتحويله إلى كبش محرقة، في خدمة سياسة هذا الطرف أو ذاك.
فالكلمة جاءت قصيرة مختصرة، هادئة، حتى أنها تجاهلت ذكر اسم غزة وقطاع غزة، وكأنها كانت تتحدث مكان في المريخ او عن مكان في المجهول. بينما كانت كلمة 19/3/2018، رداً على محاولة اغتيال رئيس وزراء السلطة، صاخبة، متوترة، صارخة، تحمل في طياتها التهديد والوعيد، ليس لإسرائيل، وليس للولايات المتحدة بل لحماس ولقطاع غزة.
لقد أضاعت كلمة الرئيس فرصة تاريخية، و تجاهلت وحدة الشعب، ووحدة قواه السياسية في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، ومخيمات الشتات وبلاد اللجوء والمهجر، وتجاهل الرئيس كونه «رئيساً للشعب الفلسطيني»، فلم يبادر إلى دعوة القوى السياسية الفلسطينية، دون استثناء، لاجتماع عاجل وفوري، يحضره الجميع (الجميع يعني الجميع) لبحث الحالة الفلسطينية وما وصلت إليه الأمور، وما ترسمه الولايات المتحدة من خطط وخطوات، وما تعمل حكومة الاحتلال على فرضه في الواقع والميدان، ولجوئها إلى السياسة الدموية دون أي وازع أو رادع، وبكل وقاحة وصفاقة، وفي تحد فظ للمجتمع الدولي. اجتماع يدعو له «رئيس شعب فلسطين» لإنقاذ القضية الفلسطينية من حالة التدهور التي تشهدها على يد السياستين الأميركية والإسرائيلية وعلى الصعيد الإقليمي، ولإنقاذ الحالة الوطنية من التشرذم والتفتت والتشظي.
كما أضاعتكلمةالرئيس فرصة تاريخية لاقتحام الأمم المتحدة، ودعوة الجمعية العامة إلى دورة استثنائية لمناقشة القضية الفلسطينية، بما في ذلك طلب العضوية العاملة لدولة فلسطين، والدعوة لمؤتمر دولي ترعاه الأمم المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية، وبموجب قرارات الشرعية الدولية، وطلب الحماية الدولية للأرض والشعب، ضد الاحتلال والاستيطان، وطلب انعقاد المحكمة الدولية لمحاكمة جرائم الحرب الإسرائيلية، بعيداً عن التسويف والوعود والأوهام والرهانات الفاشلة وسياسة التردد والانتظار والترقب والتي أثبتت عدم جدواها.
لماذا لم تدعَى اللجنة التنفيذية، للاجتماع. باعتبارها القيادة اليومية للشعب الفلسطيني؟. حتى الحكومة لم تعقد جلسة طارئة، وهي السلطة التنفيذية التابعة لسلطة الحكم الإداري الذاتي تحت الاحتلال.
حتى «الجمع القيادي»، الذي جمعه الرئيس عباس يوم 19/3/2018، لإلقاء خطابه وفيه إعلان حرب على حماس وقطاع غزة، لم يدعَى هو الآخر. كل ما حصل أن القيادة الرسمية الفلسطينية احالت الامر على موظف في وزارة الخارجية هو المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة. في وقت يدرك فيه الجميع أن ما طلب منه، لم يكن للمرة الأولى (طلب الحماية لشعب فلسطين) فقد سبق وأن طلبته السلطة الفلسطينية في أكثر من بيان، كما طلبه رئيس السلطة نفسه في كلمته أمام مجلس الأمن في 20/2/2018، دون أن يتحول هذا الطلب إلى خطوة إجرائية، تأخذ طريقها إلى الفعل وفقاً لأنظمة عمل الأمم المتحدة. كان واضحاً أن إحالة الأمر إلى المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة ما هي إلا محاولة لتنفيس الأجواء، والتهرب من استحقاقات ما جرى، بل والتهرب من المسؤولية الوطنية والأخلاقية نحو الشعب الفلسطيني، الذي استمرت المذبحة تفعل فعلها في صفوف شبابه وشاباته، منذ صباح يوم الجمعة وحتى حلول الليل .. ولم تتوقف حتى الآن.
يوم الأرض، وإن كان موعده هو 30/3 من كل عام، إلا أنه تحول إلى فعل يومي لدى الشعب الفلسطيني.
ومسيرة العودة وأن كانت تنظم في يوم النكبة، إلا أن النضال ضد مشاريع الاستيطان بات عملاً يومياً، والربط بين الأرض والعودة لا يحتاج لشروحات وتفسيرات.
المهم، أن الانتفاضة الشعبية في الضفة والقدس والقطاع، شهدت نقلة نوعية، وأن أيام الغضب (أيام الجمعة) سوف تستمر بأساليب وأشكال مختلفة، وصولاً إلى يوم النكبة (15/5/2018) وهو أمر يتطلب تجاوز حالة التردد لدى السلطة الفلسطينية، ونقل تجرية اللجنة الوطنية في قطاع غزة إلى كل مكان، على طريق تحويلها إلى قيادة وطنية موحدة، تضم القوى والفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والحقوقية، وغيرها، لفرض إرادة الشارع، ووصول الصوت إلى كل المؤسسات، خاصة اللجنة التنفيذية، التي باتت مسؤولة عن تطبيق قرارات المجلس المركزي، ومن أجل تطوير الانتفاضة نحو انتفاضة شاملة، تفرض البديل السياسي لاتفاق أوسلو.
مدير الموقع