قال باحثان إسرائيليان إن أسلوب التعامل مع المظاهرات الفلسطينية الحاصلة في المسلحة، يجب الذهاب لخيارات أخرى بعيدا عن استهداف المدنيين، من بينها تخفيف الحصار عن غزة، والعمل باتجاه إعادة إعمارها.
وقال أريئيل ليفيتا، نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، في ورقة بحثية نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، أن مسيرات العودة التي تشهدها حدود قطاع غزة تعيد من جديد طرح واقع استراتيجي عاصف أما صانع القرار في إسرائيل، بالضبط كما كانت الحرب الأخيرة الجرف الصامد 2014، لكن المواجهات الأخيرة على حدود القطاع تحولت إلى طابع اجتماعي مباشر بين مجتمعين، الفلسطيني والإسرائيلي، بدلا من اشتباك عسكري بين جيشين، ومن أجل أن تحقق فيه إسرائيل انتصارا فإنها مطالبة بإجراء تغيير في شكل هذه المواجهة.
وأضاف أن التغيرات الاجتماعية، والتطورات العالمية، والانفتاح التكنولوجي المتزايد، سواء في الاتصالات أو الوسائل القتالية، فضلا عن التغيرات الديموغرافية، تشكل ميادين رحبة لقوى غير دولانية كحزب الله وحماس، لتفرض أشكالا جديدة من المواجهة على إسرائيل، وتستهدف بالأساس جبهتها الداخلية، ولذلك فقد خاضت حماس وإسرائيل مواجهات عسكرية أخذت طابع الاستنزاف، وليس الضربة الواحدة، أو الحسم الواضح.
ورأى ليفيتا، وهو باحث في صندوق كارنيغي، أن المواجهة التي تخوضها حماس مع إسرائيل في هذه الآونة انتقلت من الوسائل العسكرية البحتة، كالدبابة والمدفعية والطائرات والصواريخ، إلى وسائل جديدة غير عنيفة مثل شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، والتقنية الجديدة، واستهداف الإسرائيليين بهذه الرسائل الاجتماعية، وخوض حرب نفسية عليهم.
ولذلك ذهب الفلسطينيون في غزة لمثل هذه المواجهة من هذا النوع الجديد، فقد لا يكون لهم قبل بمواجهة عسكرية بحتة قبالة إسرائيل، ولذلك ذهبوا لمواجهتها في الملعب الذي يحققون فيه انتصارا نسبيا عليها وهي الحرب الاجتماعية، واختاروا ديناميكية الجودو، بحيث يتم استثمار قوة الجيش الإسرائيلي لصالحهم.
وختم بالقول: في مسيرات العودة يسعى الفلسطينيون لاجتياح خط الهدنة مع إسرائيل، ولو بسقوط ضحايا مدنيين كثر برصاص الجيش الإسرائيلي المدجج بمختلف أنواع الأسلحة، وهم بذلك يخدمون إستراتيجيتهم المعلنة باللجوء لمقاومة غير عنيفة، فيما تواجهها إسرائيل بأساليب دامية وقاتلة، وكل ذلك أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، بما في ذلك المجتمع الإسرائيلي.
وبالتالي فإن مدى نجاح الفلسطينيين بإستراتيجيتهم الجديدة مرهون بأداء إسرائيل إزاءها، ما يعني أنه بعد مرور شهر على اندلاع هذه المسيرات، فإن تل أبيب مطالبة بإحداث تغيير في سياستها تجاهها.
ورأى الجنرال يوناتان شمشوني، المشارك بهذه الورقة البحثية، أبرز احتمالان جوهريان لمواجهة المسيرات: الأول ضرب واستئصال هذه الإستراتيجية الجديدة للفلسطينيين، وصولا لمواجهة عسكرية واسعة بغزة تفضي في النهاية للقضاء على حماس وإسقاطها، والثاني إيجاد إستراتيجية جديدة ذات طابع مدني تواجه ما تشنه علينا حماس من حرب بذات الأدوات والوسائل غير العنيفة.
وشرح شمشوني، وهو باحث في مشروع الدراسات الأمنية، قائلا: البديل الأول يتطلب من إسرائيل دفع أثمان بشرية وخسائر اقتصادية وأضرار سياسية، في حال اضطرت لإعادة احتلال القطاع، أو تدمير بناه التحتية، وعلى المدى البعيد ستكون مجبرة أن تدير شؤون سكانه، وما يعنيه ذلك من أعباء اقتصادية مرهقة لموازناتها المالية، وقد رأت طوال السنوات الخمسين الماضية كيف أن هذه الإستراتيجية سيئة، وتحولت مع مرور الوقت لتصبح أكثر سوءا.
أما البديل الثاني فيتطلب إدارة معركة اجتماعية تستهدف بالأساس المجتمعات الثلاثة التالية: الفلسطيني، الإسرائيلي، الدولي، هدفها العمل على المدى البعيد، وتعني أن هذه المواجهات لا تحسم بالضربة القاضية، وتسعى لتخفيض الكلفة البشرية الإسرائيلية، ولا تسعى لتصعيد عسكري قد يخدم حماس.
وأكد على أن هذه المواجهة الجديدة التي يجب أن تخوضها إسرائيل تستهدف السكان في غزة، بتوجيه رسائل توعوية نحوهم تقنعهم بعدم جدوى استمرار الصراع مع إسرائيل، وإحياء الأمل بالحياة جنبا إلى جنب معها ، وإقناع المجتمع الدولي بعدم مسؤولية إسرائيل عن عدم نجاح حماس بإدارة القطاع، ومنح إسرائيل الشرعية المطلوبة لمواجهة حركة المقاطعة العالمية بي دي أس، وتجنيد المجتمع الدولي لإعادة إعمار القطاع.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف