- الكاتب/ة : شبتاي شافيت/رئيس الموساد الاسبق
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2018-04-26
نشرت مادلين اولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية في الاعوام 1997 إلى 2001، والمؤرخة في تعليمها مؤخرا مقالا في "نيويورك تايمز"، بعنوان "هل يمكننا وقف الفاشية ام لعلنا تأخرنا؟". والفكرة المركزية في المقال هي ان الديمقراطية، التي تطورت في العالم الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، آخذة في الخبو وتخلي مكانها لميول حكم الفرد والفاشية. فالرجل الذي يجلس اليوم في البيت الابيض هو، برأيها، محفز لهذه الميول.
في قراءة المقال لا يمكنك الا تعجب كم هي المفاهيم التي تظهر فيه تشبه بل وتتماثل وما يجري عندنا. فالمفهوم الاول هو أن المحيط الذي يتميز بتهديدات الارهاب، الشروخ الطائفية، الحدود المهددة وغير المستقرة، الوساطة الاجتماعية منفلتة العقال والناس الانفعاليين ذوي المزايا التهكمية، يشكل منحدرا سلسا يؤدي بالدول من الديمقراطية إلى حكم الفرد والفاشية.
مفهوم ثان: اذا كان زعيم دولة ديمقراطية لا يفهم جوهر الديمقراطية، لا يحميها ومستعد لان يموت من اجلها، فسيجد نفسه، ربما حتى بغير وعي، في الرواق المؤدي إلى حكم الفرد والفاشية. تشير اولبرايت بالطبع إلى الرئيس ترامب. أما أنا فأشير، بالتداعي، إلى رئيس الوزراء نتنياهو.
مفهوم اضافي: فكرة "شعب وحده يسكن"، التي يطورها ترامب، تقف بخلاف تام مع الاستراتيجية اللازمة للدفاع عن الفكرة الديمقراطية – ائتلافات واسعة وتوافقية، مجتمعاتدمنفتحة، اقتصادات متكاملة وغير متنافسة، حدود مفتوحة وغيرها. في بلادنا المعذبة يظهر بوضوح التفضيل لسياسة "تسكن وحدك"، التي تدهورنا إلى حكم الفرد، والعوذ بالله، ربما أيضا إلى الفاشية في اسفل الطريق. فأنا أكفر بذر الرماد في العيون الذي يقوم به رئيس الوزراء إذ يقول ان وضعنا الدولي لم يسبق أن كان أفضل.
يتباهى نتنياهو بالطابور الطويل من زعماء العالم الذين يأتون الينا. والاختبار هو من بين كل اولئك سيأتي لمساعدتنا في يوم الامر. فهل سيأتي مثلا زعيم الهند الذي غمس قدميه مع نتنياهو في مياه البحر ولكنه يواصل اقامة منظومة علاقات متفرعة مع اكبر اعدائنا – إيران (تساؤل: هل التكنولوجيات العسكرية التي نوردها له، لن تتسرب إلى إيران)؟.
ترامب، الذي اعترف بالقدس كعاصمة إسرائيل، ليس في اطار اتفاق شامل لانهاء النزاع، ساهم بذلك في تعميق عزلتنا. وعندما يقرر بوتين، اردوغان، وخامينئي مستقبل الشرق الاوسط، فإن ترامب ليس فقط لا يجد من الصواب أن يرسل مندوبا عنه إلى المحادثات، بل يعلن عن نيته اخلاء القوة الأميركية الصغيرة المنتشرة في شرق سورية في أقرب وقت ممكن. اما الجالسون في القدس فقد أشاحوا بعيونهم عن ان ترى أن ترامب ينظر إلى العالم عبر الثقب الذي في القرش، وليس عبر الحلف القيمي غير المكتوب الذي قام بين إسرائيل والولايات المتحدة منذ عشرات السنين (لوزير الأمن ووزير المالية اقترح الا يتفاجآ اذا ما اعلن الأميركيون في اطار التقليصات العرضية في الميزانية الأميركية عن تقليص للمساعدات لإسرائيل أيضا). تكتب اولبرايت فتقول: "لقد هاجم ترامب جهاز القضاء، احتقر الاعلام، دافع عن استخدام التعذيب، سامح العنف الشرطي، دعا مؤيديه إلى ايذاء معارضيه ووصف اختلافات بسيطة كخيانة؛ شهر بشكل ثابت بمحافل انفاذ القانون الفيدرالية؛ اتهم المهاجرين والدول التي جاءوا منها. تصريحاته تكون احيانا جد بعيدة عن الحقيقة ويمكن أن تفسر كجهل، ولكنها موجهة مسبقا لزيادة الانشقاق الديني، الاجتماعي والعرقي". افلا يبدو هذا معروفا في مطارحنا؟ ولمن سيسألون ما الذي يمكن عمله؟ هنا أيضا يمكنني أن اقتبس اولبرايت، التي رغم عمرها الثمانين لا تزال متفائلة. اولا من اجل الدفاع عن الحقيقة. الدفاع عن الاعلام، وليس للتعاطي معها كعدو الجمهور بل كمن مهمته الدفاع عن الجمهور. الدفاع عن المبدأ بانه لا احد فوق القانون؛ لا ترامب ولا نتنياهو. كل واحد منا يجب أن يساهم بدوره في تعزيز القاعدة الديمقراطية. الانصات الشديد لرفاقنا. الدق على كل باب لتشجيع مرشحين مناسبين على الدخول إلى الساحة السياسية. واخيرا ولكن أولا في اهميته – تجاهل القول التهكمي بان "لا يوجد ما يمكن عمله"!