- تصنيف المقال : دراسات
- تاريخ المقال : 2018-05-03
أصدرت مؤسسة القدس الدولية ورقة بحثية تحت عنوان “تطوّرات الموقف الأمريكي من القضيّة الفلسطينيّة في عهد ترمب” تتناول القضية الفلسطينية في الموقف الأمريكيّ منذ بدء الانتخابات الرئاسية وما قبلها حتى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة وما بعده، هذا وقد أعدّت الورقة الباحثة المتخصصة في الشأن المقدسي براءة درزي، ضمن ثلاث عناوين رئيسة تشمل القدس، والاستيطان و”صفقة القرن” التي تسعى الإدارة الأمريكيّة لتحقيقها في فلسطين والمنطقة.
الورقة تتناول تطور الموقف الأمريكيّ فيما يتعلق بالاستيطان، لا سيما بعد لقاء جمع ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكيّة حينذاك، ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في شباط (فبراير) 2017، حيث صدر بيان عن البيت الأبيض جاء فيه: أنّ وجود المستوطنات ليس عقبة أمام السلام، وإنْ كان بناء مستوطنات جديدة أوْ توسيع المستوطنات القائمة خارج حدودها الحالية يمكن ألّا يساعد في تحقيق السلام، مع إشارة البيان إلى أنّ إدارة ترمب لم تتخذ موقفًا رسميًا حيال النّشاط الاستيطانيّ.
ورأت الدراسة أنّ هذا الموقف من الاستيطان شكّل مظلة وسندًا لاستمرار النشاط الاستيطانيّ وتصاعده في الضفة الغربية في القدس المحتلة في السنة الأولى من ولاية ترمب، حيث بدأت إسرائيل في عام 2017 ببناء 2783 وحدة استيطانية، بزيادة 17 بالمائة مقارنة بالمعدّل السنوي منذ تولي نتنياهو رئاسة الحكومة عام 2009.
وتابعت: لا شكّ في أنّ زيادة الاستيطان لا ترتبط حصرًا بموقف ترمب وفريقه، ولكن يمكن القول إنّ إدارة ترمب أوجدت أرضيّة خصبة لتعزيز الاستيطان، ولعلّ ما كُشف عنه من دعمٍ ماليٍّ قدّمه ترمب وكوشنر لمستوطنات في الضفة يقول الكثير في هذا السياق، على حدّ تعبير الدراسة.
واعتبرت الورقة البحثية أنّ الضوء الأخضر الأمريكيّ لم يشجّع على البناء الاستيطاني وحسب، بل كذلك على طروحات لضمّ مستوطنات الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، وهي طروحات تشكّل جزءًا من العقيدة الصهيونية، ولكنّها باتت تظهر بشكلٍ متسارعٍ مستفيدةً من موقف ترمب وإدارته.
وفيما يتعلق بالقدس، بيَّنت الورقة موقف ترمب الشهير بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، مشيرةً إلى تغريدة له على موقع تويتر في 3/1/2018 قال فيها إنّ القدس، وهي الجزء الأصعب في المفاوضات، قد أسقطت عن الطّاولة، بحسب قوله.
وأكّدت الورقة أيضًا على أنّ هذا الخطاب أوْ “الرّؤية” قد أنتجت مزيدًا من التعنّت الإسرائيليّ، ومزيدًا من فرض الوقائع على الأرض، ومزيدًا من التمسّك بالاستيطان والتّهويد والاعتداء على الفلسطينيّين والإمعان في قتلهم، كما في مسيرات العودة الكبرى.
وساقت الورقة البحثيّة قائلةً إنّ إتمام نقل السّفارة سيكون مصادقة أمريكيّة على سياسة الاحتلال القائمة على إنشاء وقائع على الأرض وفرضها كحقائق ملزمة للآخرين ولا يمكن الرّجوع عنها، وهو أمر سينطبق على المستوطنات، وعلى تعريف اللاجئين وفق المنظور الإسرائيليّ، وما يترتب على ذلك من نتائج على حقّ العودة، وفي المسجد الأقصى كذلك.
وفيما يتعلق بصفقة القرن، أشارت الورقة البحثية إلى أنّ هذه صفقة تتصف بالغموض وغياب أيّ أطرٍ واضحةٍ للحل، وهي عبارة ملطفة لإنهاء القضية الفلسطينية عبر تصفية ما تبقّى من مواضيع عالقة أجّلت إلى مفاوضات الحلّ النهائي، ومنها القدس واللاجئون. ولعلّ “إسقاط القدس عن الطاولة” والتصويب على الأونروا يقولان الكثير عن أركان “الحلّ” الذي يتصوره ترمب.
وشدّدّت الورقة البحثيّة على أنّ إدارة ترمب لا تملك حلّاً، ولا رؤية للحلّ، ولا استعدادًا له، وتحاول أنْ تتخطّى ذلك بمزيد من التخبّط، وبخطوات اعتباطيّة تتلقّفها دولة الاحتلال لفرض مزيد من الحقائق على الأرض بما يسمح لها بأن توجّه السلوك الأمريكيّ ضمن سياقات معينة تخدم المصالح الإسرائيليّة.
وعلى ما يبدو، أوضحت، فإنّ إهمال القضية الفلسطينية على المستوى الرسميّ العربيّ والإسلاميّ، وعدم جدّية الإدارة الأمريكية في التعامل معها يفتح الباب أمام دولة الاحتلال لفرض رؤيتها، وهو ما أشارت إليه ورقة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي من إعداد عاموس يدلين وأساف أوريون، حول مؤتمر ميونيخ للأمن القومي الذي عقد في 15-18/2/2018، بالقول إنّه مع تهميش القضيّة الفلسطينية صار بإمكان إسرائيل مجالًا أوسع لتقديم مبادراتها، ولعلّ عهد ترمب هو الأنسب لها والأكثر ملاءمة، على حدّ تعبيرها.