- الكاتب/ة : الدكتور الياس عاقلة
- تصنيف المقال : دراسات
- تاريخ المقال : 2018-07-08
القدس ليست أوروشليم
للدكتور الياس عاقلة
يستشهد الإسرائيليون بكتاب التوراة/العهد القديم كوثيقة تاريخية لإثبات حقهم المزعوم في "إستعادة" فلسطين؛ أرض إلههم الموعودة . وللتأكيد على هذا الحق الباطل وعلى خرافة أرض الميعاد قامت المؤسسة الصهيونية العالمية ، منذ تأسيسها ، بتوظيف علماء آثار غربيين مسيحيين لإيجاد ولتقديم البراهين "التاريخية" لحق يهود الكيان الإسرائيلي الحالي لفلسطين . تقديم هذه البراهين أصبح ضرورياً خاصة بعد أن قام البروفسور المشهور "يوليوس فيلهاوسن" مدير المؤسسة الألمانية لنقض الدراسات التوراتية بنشر كتابه “Prolegomena zur Geschichte Israels” عام 1883 حيث ادعى أن قصص التوراة/العهد القديم عبارة عن خرافات كُتبت أثناء السبي البابلي لإهدافٍ دينية وسياسية .
تم تجنيد مستشرقين دينيين وعلماء آثار غربيين ، أمثال "وليام فوكس أولبرايت William Fox Albright" لدحض انتقادات "فيلهاوسن". وقد حصلت أبحاث "أولبرايت" على تصديق من هيئة الدراسات التوراتية وهي مؤسسة ممولة سريا من الصهيونية العالمية ، وهدفها نشر دراسات توراتية لغسل أدمغة طلاب اللاهوت . وكغيره من علماء الآثار الغربيين حصل "أولبرايت" على جوائز تشريفية (براطيل) من جمعية أصدقاء أميركا لمؤسسة الآثار في إسرائيل " American Friends of the Israel Exploration Society". فقد جاءت مؤلفاته أمثال "لماذا يحتاج الشرق الأوسط الى اليهود Why the Near East Needs the Jews" دعاية صهيونية عنصرية فاضحة حيث تجاهل الكثير من الآثار الفلسطينية الراجعة الى آلاف السنين بينما اعتمد على الأساطير الإسرائيلية الباطلة غير المؤرخة في فلسطين.
معظم علماء الآثار التوراتية الغربيين مسيحيون يؤمنون بالمسيحية اليهودية ، ويعتقدون أن توراة العهد القديم وثيقةً دينيةً تاريخيةً مؤسسةً لأناجيل العهد الجديد . وبحسب تعاليمهم التوراتية كان من الضروري لهم إثبات حقائق أساطير التوراة على الواقع ليرسخوا حقائق إيمانهم المسيحي . لكن بسبب جهلهم باللهجات السامية العربية وبالعادات الإجتماعية البدوية وبجغرافيا البلاد فقد جاءت تحليلاتهم للمكتشفات الآثارية مشوهةً ومغلوطةً ومنحازةً ، إذ نسبوها الى الأساطير التوراتية التي تربوا عليها بدل أن يعتمدوا على الأساليب العلمية في تحليلاتهم .
وبسبب كتاباتهم وتعاليمهم الجامعية المغلوطة والمنحازة هذه ارتكب هؤلاء العلماء مذبحةً تاريخية لكل التاريخ الفلسطيني ، حيث تجاهلوا وجود الفلسطينيين في المنطقة عبر آلاف السنين حتى قبل أسطورة هجرة إبراهيم الى المنطقة . فقد اعتبروا فلسطين مجرد مسرحاً جغرافياً فارغاً من السكان لم تصبح له أهميةٌ تُذكر إلا بعد أن سكنها الإسرائيليون .
ورغم أن الكثير من علماء الآثار والمؤرخين الغربيين تنتابهم شكوك حول حقيقة قصص التوراة بسبب عدم وجود أدلةٍ آثارية تثبت حقيقتها ، إلا أن أحداً منهم لم يجرؤ أن يصرح بها أو يكتب عنها خوفاً من الإنتقام الصهيوني لكل من يجرؤ على ذكرها كما حدث لللاهوتي المؤرخ والمحاضر الجامعي "ثوماس ل. ثومبسون" . ففي كتبه "تاريخ قصص آباء التوراة The Historicity of the Patriarchal Narratives" لعام 1974 ، و "التاريخ القديم للإسرائيليين: شعب من المصادر الآثارية المكتوبة Early History of Israelite; People from the Written and Archaeological Sources" لعام 1992 ، وخاصة كتاب "التوراة في التاريخ: كيف خلق الكاتبون الماضي The Bible in History: How Writers Create a Past" لعام 1999 ، تجرأ "ثومبسون" على اقتراح إعتبار التوراة مجرد عملٍ أدبي بدلاً من وثيقة تاريخية . وبسبب هذا واجه "ثومبسون" هجومات ونقد ذريع من مؤرخين توراتيين أمثاله حيث لقبوه بـ "توراتي إختزالي biblical minimalist" ، كما أدى ذلك الى فصله من وظيفته التعليمية في جامعة "ماركيت Marquette" في ولاية "ويسكونسين" الأميركية .
بعد قيام دولة إسرائيل الصهيونية أصبح علم الآثار هوساً وطنياً للإسرائيليين بحثاً عن جذورٍ لهم في فلسطين لتبرير ولتأكيد احتلالهم العسكري للبلاد . ولكن بعد 70 عاماً من التنقيبات الأثرية حول وأسفل الحرم الشريف والمسجد الأقصى (ما يسمى إسرائيلياً بجبل الهيكل) بحثاً عن هيكل سليمان المزعوم لم يتم اكتشاف أي أثر ولو صغير ليؤكد أسطورة سليمان . وبعد التنقيبات الكثيرة الفاشلة في مختلف أنحاء فلسطين عن جذورٍ إسرائيلية لم ينل علماء الآثار الإسرائيليون إلا خيبات أمل كبيرة ، فجميع هذه التنقيبات لم تظهر إلا آثاراً تاريخية لسكان المنطقة الأصليين – الفلسطينيين – وقليلاً من آثارٍ لحملاتٍ عسكرية مصرية وفارسية ورومانية قديمة .
"زئيف هيرتسوغ Ze’ev Herzog" عالم الآثار الإسرائيلي والمحاضر في جامعة تل أبيب لعلم الآثار تعاون مع "ييغال يادين" السياسي والعسكري في تنقيبات أثرية في مختلف أنحاء فلسطين ، إلا أنهما لم يجدا أي أثر لجذورٍ إسرائيلية في المنطقة . فلم يستطع في احدى محاضراته إلا أن يوافق مع "فيلهاوسن" الألماني حيث صرح أن لديه شكوكاً عن حقيقة الخروج الإسرائيلي من مصر بما أنه لم يتم اكتشاف أي أثر لهم في صحراء سيناء ، وأن الوصايا العشر لم تُنَزَّل على جبل سيناء ، وأن يشوع لم يحتل فلسطين . كما صرح عن شكوكٍ جديةٍ حول إمكانية وجود مملكة داوود وسليمان، وحتى إن وُجدت فقد كانت عبارة عن قبيلة صغيرة .
أما المؤرخ والمحاضر الجامعي الإسرائيلي "شلومو ساند" فقد سدد ضربةً قاسمةً للأساطير التوراتية في كتابه "إبتكار الشعب اليهودي The Invention of the Jewish People" . ففي أحدى محاضراته صرح أن اليهود لم يكونوا أبداً شعباً واحداً ذا عرقٍ خالص ، بل أنهم عدة جماعات من بلدان مختلفة (يهودي أوروبي أبيض، يهودي إفريقي أسمر، يهودي عربي بُني اللون، ويهودي صيني أصفر، وهكذا) اعتنقوا الديانة اليهودية . ويؤكد أنه لا توجد صلة قرابة بين "الشعب اليهودي" الحالي وبين الإسرائيليين القدامى ، وأن تاريخهم عبارة عن أساطير كاذبة . كما أنه صرح لجريدة "هآرتس" الإسرائيلية أنه لا جذور لليهود في فلسطين ولذلك فإن دولة إسرائيل الحالية ثمار فكرٍ صهيوني إستعماري .
"إسرائيل فينكلشتاين" عالم آثار إسرائيلي آخر ومحاضر في جامعة تل أبيب صرح في كتابه "الكشف عن التوراة: نظرة آثارية جديدة لإسرائيل القديمة ولأصول كتبها المقدسة The Bible Unearthed: Archaeology’s New Vision of Ancient Israel and the Origin of its Sacred Texts" أن قصص التوراة خيالية الأصل كتبها من أسماهم بـ"كتبة استنساخ خياليين creative copywriter" لتمرير أجنداتٍ سياسية . ويفند وصف التوراة لإسرائيل كإمبراطورية عظمى بأوروشليم عاصمة لها حيث بنى سليمان هيكلاً عظيماً ، إذ يصف "فينكلشتاين" مدينة إوروشليم كقرية قبلية صغيرة حقيرة لا تضاهى عظمة العواصم الآشورية والفارسية والمصرية في ذلك الوقت ، وحتى هيكل سليمان لا يمكن مقارنته مع عظمة الهياكل المصرية. ويقول أنه بعكس الإعتقادات السائدة فإن اليهود لم يتجهوا الى اوروشليم للصلاة بل الى معابد صغيرة في سامراء (سبسطية الحالية) وفي بيت إيل.
علم الآثار بكل تنقيباته يظهر بوضوح لا شبه فيه أنه لاجذور يهودية في فلسطين . فلسطين لم تكن قط إسرائيل القديمة ومدينة القدس لم تكن أبداً إوروشليم . حتى أن قصص التوراة نفسها تخبرنا ذلك بوضوح تام.
قدم مؤرخون عرب كثيرون ، أمثال الدكتور كمال صاليبي والدكتور أحمد داوود والدكتور فاضل الربيعي ، أبحاثاً تاريخيةً وآثارية تثبت عدم صحة القصص التوراتية . وسنتناول هنا كتابين للدكتور فاضل الربيعي "فلسطين المتخيلة: أرض التوراة في اليمن القديمة" في مجلدين كبيرين و "القدس ليست أوروشليم" ، حيث أثبت صحة المضمون التاريخي والجغرافي لهذين المؤلفين كلٌ من المؤرخين اليمنيين المخضرمين الدكتور حسين عبدالله العمري والدكتور يوسف عبدالله. وقد اتخذ الربيعي كلاً من كتاب التوراة بالنص العبري وكتاب "صفة جزيرة العرب" للجغرافي والرحالة اليهودي اليمني المشهور الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني في القرن الثامن الميلادي ، وكتاب "الجغرافية" للجغرافي اليوناني "بطليموس" ومن الشعر الجاهلي مراجعاً له في أبحاثه.
ويصرح الربيعي أن المؤرخين الغربيين أخطئوا في ترجمة قصص التوراة بسبب جهلهم بالجغرافيا العربية وباللهجات العربية البدوية خاصة المتعلقة بتسمية الأماكن والقبائل البدوية القديمة . فبعض القبائل سُميت نسبة الى زعيم قبيلتهم مثل بنو إسرائيل أي أولاد قبيلة اسم زعيمها إسرائيل، والبعض الآخر سُمي نسبة الى ديانته مثل اليهود نسبة الى الإله يهوه ، أو الفلستيم/الفالستيم (مختلفون عن الفلسطينيين) نسبة الى الإله فالس، أو نسبة الى أماكن إقامتهم مثل بيت يبوس أي اليبوسيين ، بنو ليخم نسبة الى بيت ليخيم ، أو حسيديم نسبة الى وادي حسيد ، والحاسمونيين/الحاشمونيين نسبة الى منطقة حسم أو حشم ، ومصريم/مصرايين نسبة الى مصرين في اليمن.
ويؤكد الربيعي في كتبه أن بني إسرائيل واليهود عبارة عن قبيلتين بدويتين مختلفتين في اليمن خاضا صراعاً فيما بينهما، وهذا ما جاء ذكره في كتاب صموئل الثاني أصحاح 2 الذي وصف انقسام مملكة اليهود الى قسمين متحاربين الأول مملكة إسرائيل (بنو إسرائيل) والثاني مملكة يهوذا (اليهود). كما أن القرآن الكريم يذكر بني إسرائيل كقبيلة مختلفة عن اليهود عبدة يهوه . وكذلك شعراء الجاهلية وشعراء العباسيين والأمويين يذكرون بني إسرائيل واليهود كقبيلتين مختلفتين .
نشأت اليهودية الأصلية كديانة عربية في منطقة جنوب غرب جزيرة العرب ما يُعرف اليوم باليمن . كان اليهود الأصليون عرباً . في العصور الجاهلية والإسلامية لم يكن غريباً أن يكون المرء عربياً في الأصل ويهودياً أو فالستينياً أو مسلماً أو مسيحياً في الديانة.
يقارن الربيعي في كتبه أسماء الأماكن الجغرافية والقبلية التي ذكرتها قصص التوراة مع الأسماء التي وصفها الهمداني وبطليموس والشعراء العرب ليثبت أن فلسطين الحالية لم تكن إسرائيل القديمة وأن القدس لم تكن أوروشليم وأن حوادث القصص التوراتية حصلت في اليمن وليس في فلسطين . وسنكتفي هنا بذكر القليل والكافي لإثبات هذه الحقيقة .
تخبرنا الأصحاحات الثلاث الأولى من كتاب "نحميا" أن الملك الفارسي "أرتحشستا" أطلق سراح "نحميا" وبعض القبائل اليهودية من السبي ليعودوا الى أوروشليم (أور-سالم) ليعيدوا بناء أسوارها وهيكلها . هناك أيضا وصف تفصيلي بالأسماء لأبواب وأبراج وجدران المدينة ، حيث يصف الكتاب عشرة أبواب للمدينة : باب الواد ، باب القمامة ، باب العين/النافورة ، باب الضأن ، باب السمك، الباب القديم ، باب الماء ، باب الحصان ، باب الشرق وباب ميفكاد ، بينما لمدينة القدس الحالية ثمانية أبواب فقط وبأسماء مختلفة كلياً . وهناك أسماء لمواقع أخرى في المدينة ذكرها كتاب "نحميا" مثل بئر التنين ، الجدار العريض ، بركة شيلا ، حديقة الملك ، برج المائة ، برج هانانيل ، برج الأفران ، وقصر الحاكم خلف النهر، وكلها أسماء أماكن ونهر لا وجود لها في مدينة القدس الفلسطينية . من الواضح أن سفر "نحميا" وصف مدينة مختلفة تماماً (أور-سالم اليمنية) عن مدينة القدس الحالية .
كما يوضح الربيعي أن كتب التوراة القديمة تصف مملكة إسرائيل في جغرافيا مختلفة تماماً عن جغرافيا فلسطين ، ويذكر هنا كتاب "يشوع" خاصة الذي يذكر أسماء الممالك التي هزمها مثل عاي ، جارموث ، لاشيش ، إجلون ، جيزير ، ماكيدا ، أفيق وغيرها ، وكلها أسماء غريبة عن فلسطين الحالية بينما تُعرف معظمها الى اليوم في اليمن . أسفار "يشوع 14 – 21" تعطي أسماء الممالك التي قسمها "يشوع" على قبائل إسرائيل وهي أيضا أسماء غريبة عن فلسطين .
كما يتفحص الربيعي أسماء القبائل اليهودية التي أُطلق سراحها من السبي البابلي . وهناك قائمتان لأسماء هذه القبائل ، الأولى في أصحاح "عزرا 8" والثانية في أصحاح "نحميا 7" . وقد ذكر الحمداني في كتابه جميع هذه الأسماء ذاكراً القبائل اليمنية العربية القديمة . لم تعرف فلسطين هذه الأسماء لسكانها . كل هذه الأسماء لمناطق جغرافية وأسماء القبائل اليهودية التي تذكرها كتب التوراة لا تتطابق على الجغرافيا الفلسطينية ولا على أسماء سكان فلسطين ، بل تتطابق على الجغرافيا والقبائل اليمنية القديمة حسب وصف الهمداني .
وبحسب الربيعي لم يرد اسم فلسطين في السجلات الفرعونية ولا الفارسية ولا الرومانية إلا عام 330 ميلادية في السجلات الرومانية لإدارة إراضي بلاد الشام بعد الاحتلال الروماني . وقد أُطلق اسم فلسطين على الساحل الغربي الجنوبي لبلاد الشام ، وأن مدينة القدس الحالية كانت تُعرف باسم "إيلْيا" وكانت قرية صغيرة هضبية اتخذها الرومان مركزيا عسكرياً لجيوشهم . وكان يسكن المنطقة الغساسنة والنبطيون وهم قبائل عربية مسيحية . وعندما اعتنق قيصر روما "أوغسطين" المسيحية أراد تجنيد هذه القبائل المسيحية في حروبه ضد المملكة الفارسية الوثنية ، فقام بتسمية "إيليا" بـ "أوروشليم" . ثم أمر أحبار اليهود بترجمة كتب التوراة من العبرانية الى اللاتينية . وجاءت الترجمة مليئة بأخطاء لغوية وتحريفات سياسية مقصودة هدفت الى تحويل فلسطين الحالية وعاصمتها القدس الى مملكة إسرائيل القديمة بعاصمتها أوروشليم/اور-سالم.
ويجادل الربيعي هنا قائلاً بما أن التوراة قد كُتبت في أعوام 500 قبل الميلاد تقريباً وبما أن اسم فلسطين لم يُعرف إلا في عام 330 ميلادياً فمن غير المنطقي أن تكون توراة فالستيم هي فلسطين الحالية ، كما أنه من المستحيل أن تكون أوروشليم/أور-سالم مدينة القدس الحالية.
يكتب السياسيون ورجال الدين والقادة العسكريون المنتصرون أحداث التاريخ بأكاذيبهم وتحريفاتهم لأهدافٍ سياسية ودينية من أجل السيطرة على الشعوب .
اليهودية ديانة اعتنقتها مجموعات مختلفة قومياً وعرقياً . فهناك يهود أميركيون ، ويهود بريطانيون ، ويهود فرنسيون ، ويهود أفارقة ، ويهود صينيون ، ويهود خازار وغيرهم من مختلف القوميات والأعراق ، وجميعهم لا تربطهم صلة عرقية أو تاريخية للقبائل اليهودية اليمنية العربية القديمة .
قامت الصهيونية ، وهي حركة استعمارية ، بخطف الديانة اليهودية وكذلك الديانة المسيحية التي حرفتها الى المسيحية اليهودية ، لإغراء اليهود والمسيحيين لبناء المشروع الصهيوني الإستعماري -إسرائيل العظمى – على أنقاض جميع العالم العربي إبتداءاً باحتلال فلسطين التي تُلقب إحتيالاً بالأرض المقدسة وبأرض الميعاد .
لن يستطيع العالم العربي ، وفي مقدمته فلسطين ، التحرر والتخلص من المشاريع الصهيونية الإستعمارية إلا بعد تطهير تاريخه ودياناته السماوية الحقيقية – مسيحية وإسلامية – من الخرافات التوراتية المحرفة سياسياً ودينياً.
للدكتور الياس عاقلة
يستشهد الإسرائيليون بكتاب التوراة/العهد القديم كوثيقة تاريخية لإثبات حقهم المزعوم في "إستعادة" فلسطين؛ أرض إلههم الموعودة . وللتأكيد على هذا الحق الباطل وعلى خرافة أرض الميعاد قامت المؤسسة الصهيونية العالمية ، منذ تأسيسها ، بتوظيف علماء آثار غربيين مسيحيين لإيجاد ولتقديم البراهين "التاريخية" لحق يهود الكيان الإسرائيلي الحالي لفلسطين . تقديم هذه البراهين أصبح ضرورياً خاصة بعد أن قام البروفسور المشهور "يوليوس فيلهاوسن" مدير المؤسسة الألمانية لنقض الدراسات التوراتية بنشر كتابه “Prolegomena zur Geschichte Israels” عام 1883 حيث ادعى أن قصص التوراة/العهد القديم عبارة عن خرافات كُتبت أثناء السبي البابلي لإهدافٍ دينية وسياسية .
تم تجنيد مستشرقين دينيين وعلماء آثار غربيين ، أمثال "وليام فوكس أولبرايت William Fox Albright" لدحض انتقادات "فيلهاوسن". وقد حصلت أبحاث "أولبرايت" على تصديق من هيئة الدراسات التوراتية وهي مؤسسة ممولة سريا من الصهيونية العالمية ، وهدفها نشر دراسات توراتية لغسل أدمغة طلاب اللاهوت . وكغيره من علماء الآثار الغربيين حصل "أولبرايت" على جوائز تشريفية (براطيل) من جمعية أصدقاء أميركا لمؤسسة الآثار في إسرائيل " American Friends of the Israel Exploration Society". فقد جاءت مؤلفاته أمثال "لماذا يحتاج الشرق الأوسط الى اليهود Why the Near East Needs the Jews" دعاية صهيونية عنصرية فاضحة حيث تجاهل الكثير من الآثار الفلسطينية الراجعة الى آلاف السنين بينما اعتمد على الأساطير الإسرائيلية الباطلة غير المؤرخة في فلسطين.
معظم علماء الآثار التوراتية الغربيين مسيحيون يؤمنون بالمسيحية اليهودية ، ويعتقدون أن توراة العهد القديم وثيقةً دينيةً تاريخيةً مؤسسةً لأناجيل العهد الجديد . وبحسب تعاليمهم التوراتية كان من الضروري لهم إثبات حقائق أساطير التوراة على الواقع ليرسخوا حقائق إيمانهم المسيحي . لكن بسبب جهلهم باللهجات السامية العربية وبالعادات الإجتماعية البدوية وبجغرافيا البلاد فقد جاءت تحليلاتهم للمكتشفات الآثارية مشوهةً ومغلوطةً ومنحازةً ، إذ نسبوها الى الأساطير التوراتية التي تربوا عليها بدل أن يعتمدوا على الأساليب العلمية في تحليلاتهم .
وبسبب كتاباتهم وتعاليمهم الجامعية المغلوطة والمنحازة هذه ارتكب هؤلاء العلماء مذبحةً تاريخية لكل التاريخ الفلسطيني ، حيث تجاهلوا وجود الفلسطينيين في المنطقة عبر آلاف السنين حتى قبل أسطورة هجرة إبراهيم الى المنطقة . فقد اعتبروا فلسطين مجرد مسرحاً جغرافياً فارغاً من السكان لم تصبح له أهميةٌ تُذكر إلا بعد أن سكنها الإسرائيليون .
ورغم أن الكثير من علماء الآثار والمؤرخين الغربيين تنتابهم شكوك حول حقيقة قصص التوراة بسبب عدم وجود أدلةٍ آثارية تثبت حقيقتها ، إلا أن أحداً منهم لم يجرؤ أن يصرح بها أو يكتب عنها خوفاً من الإنتقام الصهيوني لكل من يجرؤ على ذكرها كما حدث لللاهوتي المؤرخ والمحاضر الجامعي "ثوماس ل. ثومبسون" . ففي كتبه "تاريخ قصص آباء التوراة The Historicity of the Patriarchal Narratives" لعام 1974 ، و "التاريخ القديم للإسرائيليين: شعب من المصادر الآثارية المكتوبة Early History of Israelite; People from the Written and Archaeological Sources" لعام 1992 ، وخاصة كتاب "التوراة في التاريخ: كيف خلق الكاتبون الماضي The Bible in History: How Writers Create a Past" لعام 1999 ، تجرأ "ثومبسون" على اقتراح إعتبار التوراة مجرد عملٍ أدبي بدلاً من وثيقة تاريخية . وبسبب هذا واجه "ثومبسون" هجومات ونقد ذريع من مؤرخين توراتيين أمثاله حيث لقبوه بـ "توراتي إختزالي biblical minimalist" ، كما أدى ذلك الى فصله من وظيفته التعليمية في جامعة "ماركيت Marquette" في ولاية "ويسكونسين" الأميركية .
بعد قيام دولة إسرائيل الصهيونية أصبح علم الآثار هوساً وطنياً للإسرائيليين بحثاً عن جذورٍ لهم في فلسطين لتبرير ولتأكيد احتلالهم العسكري للبلاد . ولكن بعد 70 عاماً من التنقيبات الأثرية حول وأسفل الحرم الشريف والمسجد الأقصى (ما يسمى إسرائيلياً بجبل الهيكل) بحثاً عن هيكل سليمان المزعوم لم يتم اكتشاف أي أثر ولو صغير ليؤكد أسطورة سليمان . وبعد التنقيبات الكثيرة الفاشلة في مختلف أنحاء فلسطين عن جذورٍ إسرائيلية لم ينل علماء الآثار الإسرائيليون إلا خيبات أمل كبيرة ، فجميع هذه التنقيبات لم تظهر إلا آثاراً تاريخية لسكان المنطقة الأصليين – الفلسطينيين – وقليلاً من آثارٍ لحملاتٍ عسكرية مصرية وفارسية ورومانية قديمة .
"زئيف هيرتسوغ Ze’ev Herzog" عالم الآثار الإسرائيلي والمحاضر في جامعة تل أبيب لعلم الآثار تعاون مع "ييغال يادين" السياسي والعسكري في تنقيبات أثرية في مختلف أنحاء فلسطين ، إلا أنهما لم يجدا أي أثر لجذورٍ إسرائيلية في المنطقة . فلم يستطع في احدى محاضراته إلا أن يوافق مع "فيلهاوسن" الألماني حيث صرح أن لديه شكوكاً عن حقيقة الخروج الإسرائيلي من مصر بما أنه لم يتم اكتشاف أي أثر لهم في صحراء سيناء ، وأن الوصايا العشر لم تُنَزَّل على جبل سيناء ، وأن يشوع لم يحتل فلسطين . كما صرح عن شكوكٍ جديةٍ حول إمكانية وجود مملكة داوود وسليمان، وحتى إن وُجدت فقد كانت عبارة عن قبيلة صغيرة .
أما المؤرخ والمحاضر الجامعي الإسرائيلي "شلومو ساند" فقد سدد ضربةً قاسمةً للأساطير التوراتية في كتابه "إبتكار الشعب اليهودي The Invention of the Jewish People" . ففي أحدى محاضراته صرح أن اليهود لم يكونوا أبداً شعباً واحداً ذا عرقٍ خالص ، بل أنهم عدة جماعات من بلدان مختلفة (يهودي أوروبي أبيض، يهودي إفريقي أسمر، يهودي عربي بُني اللون، ويهودي صيني أصفر، وهكذا) اعتنقوا الديانة اليهودية . ويؤكد أنه لا توجد صلة قرابة بين "الشعب اليهودي" الحالي وبين الإسرائيليين القدامى ، وأن تاريخهم عبارة عن أساطير كاذبة . كما أنه صرح لجريدة "هآرتس" الإسرائيلية أنه لا جذور لليهود في فلسطين ولذلك فإن دولة إسرائيل الحالية ثمار فكرٍ صهيوني إستعماري .
"إسرائيل فينكلشتاين" عالم آثار إسرائيلي آخر ومحاضر في جامعة تل أبيب صرح في كتابه "الكشف عن التوراة: نظرة آثارية جديدة لإسرائيل القديمة ولأصول كتبها المقدسة The Bible Unearthed: Archaeology’s New Vision of Ancient Israel and the Origin of its Sacred Texts" أن قصص التوراة خيالية الأصل كتبها من أسماهم بـ"كتبة استنساخ خياليين creative copywriter" لتمرير أجنداتٍ سياسية . ويفند وصف التوراة لإسرائيل كإمبراطورية عظمى بأوروشليم عاصمة لها حيث بنى سليمان هيكلاً عظيماً ، إذ يصف "فينكلشتاين" مدينة إوروشليم كقرية قبلية صغيرة حقيرة لا تضاهى عظمة العواصم الآشورية والفارسية والمصرية في ذلك الوقت ، وحتى هيكل سليمان لا يمكن مقارنته مع عظمة الهياكل المصرية. ويقول أنه بعكس الإعتقادات السائدة فإن اليهود لم يتجهوا الى اوروشليم للصلاة بل الى معابد صغيرة في سامراء (سبسطية الحالية) وفي بيت إيل.
علم الآثار بكل تنقيباته يظهر بوضوح لا شبه فيه أنه لاجذور يهودية في فلسطين . فلسطين لم تكن قط إسرائيل القديمة ومدينة القدس لم تكن أبداً إوروشليم . حتى أن قصص التوراة نفسها تخبرنا ذلك بوضوح تام.
قدم مؤرخون عرب كثيرون ، أمثال الدكتور كمال صاليبي والدكتور أحمد داوود والدكتور فاضل الربيعي ، أبحاثاً تاريخيةً وآثارية تثبت عدم صحة القصص التوراتية . وسنتناول هنا كتابين للدكتور فاضل الربيعي "فلسطين المتخيلة: أرض التوراة في اليمن القديمة" في مجلدين كبيرين و "القدس ليست أوروشليم" ، حيث أثبت صحة المضمون التاريخي والجغرافي لهذين المؤلفين كلٌ من المؤرخين اليمنيين المخضرمين الدكتور حسين عبدالله العمري والدكتور يوسف عبدالله. وقد اتخذ الربيعي كلاً من كتاب التوراة بالنص العبري وكتاب "صفة جزيرة العرب" للجغرافي والرحالة اليهودي اليمني المشهور الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني في القرن الثامن الميلادي ، وكتاب "الجغرافية" للجغرافي اليوناني "بطليموس" ومن الشعر الجاهلي مراجعاً له في أبحاثه.
ويصرح الربيعي أن المؤرخين الغربيين أخطئوا في ترجمة قصص التوراة بسبب جهلهم بالجغرافيا العربية وباللهجات العربية البدوية خاصة المتعلقة بتسمية الأماكن والقبائل البدوية القديمة . فبعض القبائل سُميت نسبة الى زعيم قبيلتهم مثل بنو إسرائيل أي أولاد قبيلة اسم زعيمها إسرائيل، والبعض الآخر سُمي نسبة الى ديانته مثل اليهود نسبة الى الإله يهوه ، أو الفلستيم/الفالستيم (مختلفون عن الفلسطينيين) نسبة الى الإله فالس، أو نسبة الى أماكن إقامتهم مثل بيت يبوس أي اليبوسيين ، بنو ليخم نسبة الى بيت ليخيم ، أو حسيديم نسبة الى وادي حسيد ، والحاسمونيين/الحاشمونيين نسبة الى منطقة حسم أو حشم ، ومصريم/مصرايين نسبة الى مصرين في اليمن.
ويؤكد الربيعي في كتبه أن بني إسرائيل واليهود عبارة عن قبيلتين بدويتين مختلفتين في اليمن خاضا صراعاً فيما بينهما، وهذا ما جاء ذكره في كتاب صموئل الثاني أصحاح 2 الذي وصف انقسام مملكة اليهود الى قسمين متحاربين الأول مملكة إسرائيل (بنو إسرائيل) والثاني مملكة يهوذا (اليهود). كما أن القرآن الكريم يذكر بني إسرائيل كقبيلة مختلفة عن اليهود عبدة يهوه . وكذلك شعراء الجاهلية وشعراء العباسيين والأمويين يذكرون بني إسرائيل واليهود كقبيلتين مختلفتين .
نشأت اليهودية الأصلية كديانة عربية في منطقة جنوب غرب جزيرة العرب ما يُعرف اليوم باليمن . كان اليهود الأصليون عرباً . في العصور الجاهلية والإسلامية لم يكن غريباً أن يكون المرء عربياً في الأصل ويهودياً أو فالستينياً أو مسلماً أو مسيحياً في الديانة.
يقارن الربيعي في كتبه أسماء الأماكن الجغرافية والقبلية التي ذكرتها قصص التوراة مع الأسماء التي وصفها الهمداني وبطليموس والشعراء العرب ليثبت أن فلسطين الحالية لم تكن إسرائيل القديمة وأن القدس لم تكن أوروشليم وأن حوادث القصص التوراتية حصلت في اليمن وليس في فلسطين . وسنكتفي هنا بذكر القليل والكافي لإثبات هذه الحقيقة .
تخبرنا الأصحاحات الثلاث الأولى من كتاب "نحميا" أن الملك الفارسي "أرتحشستا" أطلق سراح "نحميا" وبعض القبائل اليهودية من السبي ليعودوا الى أوروشليم (أور-سالم) ليعيدوا بناء أسوارها وهيكلها . هناك أيضا وصف تفصيلي بالأسماء لأبواب وأبراج وجدران المدينة ، حيث يصف الكتاب عشرة أبواب للمدينة : باب الواد ، باب القمامة ، باب العين/النافورة ، باب الضأن ، باب السمك، الباب القديم ، باب الماء ، باب الحصان ، باب الشرق وباب ميفكاد ، بينما لمدينة القدس الحالية ثمانية أبواب فقط وبأسماء مختلفة كلياً . وهناك أسماء لمواقع أخرى في المدينة ذكرها كتاب "نحميا" مثل بئر التنين ، الجدار العريض ، بركة شيلا ، حديقة الملك ، برج المائة ، برج هانانيل ، برج الأفران ، وقصر الحاكم خلف النهر، وكلها أسماء أماكن ونهر لا وجود لها في مدينة القدس الفلسطينية . من الواضح أن سفر "نحميا" وصف مدينة مختلفة تماماً (أور-سالم اليمنية) عن مدينة القدس الحالية .
كما يوضح الربيعي أن كتب التوراة القديمة تصف مملكة إسرائيل في جغرافيا مختلفة تماماً عن جغرافيا فلسطين ، ويذكر هنا كتاب "يشوع" خاصة الذي يذكر أسماء الممالك التي هزمها مثل عاي ، جارموث ، لاشيش ، إجلون ، جيزير ، ماكيدا ، أفيق وغيرها ، وكلها أسماء غريبة عن فلسطين الحالية بينما تُعرف معظمها الى اليوم في اليمن . أسفار "يشوع 14 – 21" تعطي أسماء الممالك التي قسمها "يشوع" على قبائل إسرائيل وهي أيضا أسماء غريبة عن فلسطين .
كما يتفحص الربيعي أسماء القبائل اليهودية التي أُطلق سراحها من السبي البابلي . وهناك قائمتان لأسماء هذه القبائل ، الأولى في أصحاح "عزرا 8" والثانية في أصحاح "نحميا 7" . وقد ذكر الحمداني في كتابه جميع هذه الأسماء ذاكراً القبائل اليمنية العربية القديمة . لم تعرف فلسطين هذه الأسماء لسكانها . كل هذه الأسماء لمناطق جغرافية وأسماء القبائل اليهودية التي تذكرها كتب التوراة لا تتطابق على الجغرافيا الفلسطينية ولا على أسماء سكان فلسطين ، بل تتطابق على الجغرافيا والقبائل اليمنية القديمة حسب وصف الهمداني .
وبحسب الربيعي لم يرد اسم فلسطين في السجلات الفرعونية ولا الفارسية ولا الرومانية إلا عام 330 ميلادية في السجلات الرومانية لإدارة إراضي بلاد الشام بعد الاحتلال الروماني . وقد أُطلق اسم فلسطين على الساحل الغربي الجنوبي لبلاد الشام ، وأن مدينة القدس الحالية كانت تُعرف باسم "إيلْيا" وكانت قرية صغيرة هضبية اتخذها الرومان مركزيا عسكرياً لجيوشهم . وكان يسكن المنطقة الغساسنة والنبطيون وهم قبائل عربية مسيحية . وعندما اعتنق قيصر روما "أوغسطين" المسيحية أراد تجنيد هذه القبائل المسيحية في حروبه ضد المملكة الفارسية الوثنية ، فقام بتسمية "إيليا" بـ "أوروشليم" . ثم أمر أحبار اليهود بترجمة كتب التوراة من العبرانية الى اللاتينية . وجاءت الترجمة مليئة بأخطاء لغوية وتحريفات سياسية مقصودة هدفت الى تحويل فلسطين الحالية وعاصمتها القدس الى مملكة إسرائيل القديمة بعاصمتها أوروشليم/اور-سالم.
ويجادل الربيعي هنا قائلاً بما أن التوراة قد كُتبت في أعوام 500 قبل الميلاد تقريباً وبما أن اسم فلسطين لم يُعرف إلا في عام 330 ميلادياً فمن غير المنطقي أن تكون توراة فالستيم هي فلسطين الحالية ، كما أنه من المستحيل أن تكون أوروشليم/أور-سالم مدينة القدس الحالية.
يكتب السياسيون ورجال الدين والقادة العسكريون المنتصرون أحداث التاريخ بأكاذيبهم وتحريفاتهم لأهدافٍ سياسية ودينية من أجل السيطرة على الشعوب .
اليهودية ديانة اعتنقتها مجموعات مختلفة قومياً وعرقياً . فهناك يهود أميركيون ، ويهود بريطانيون ، ويهود فرنسيون ، ويهود أفارقة ، ويهود صينيون ، ويهود خازار وغيرهم من مختلف القوميات والأعراق ، وجميعهم لا تربطهم صلة عرقية أو تاريخية للقبائل اليهودية اليمنية العربية القديمة .
قامت الصهيونية ، وهي حركة استعمارية ، بخطف الديانة اليهودية وكذلك الديانة المسيحية التي حرفتها الى المسيحية اليهودية ، لإغراء اليهود والمسيحيين لبناء المشروع الصهيوني الإستعماري -إسرائيل العظمى – على أنقاض جميع العالم العربي إبتداءاً باحتلال فلسطين التي تُلقب إحتيالاً بالأرض المقدسة وبأرض الميعاد .
لن يستطيع العالم العربي ، وفي مقدمته فلسطين ، التحرر والتخلص من المشاريع الصهيونية الإستعمارية إلا بعد تطهير تاريخه ودياناته السماوية الحقيقية – مسيحية وإسلامية – من الخرافات التوراتية المحرفة سياسياً ودينياً.