- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2018-07-17
عادت إسرائيل بعد العدوانالأخيرعلى قطاع غزّة إلى المُربّع الأوّل: المقاومة الفلسطينية في القطاع المُحاصر والمُجوّع لم تخضع للشروط التي حاولت تل أبيب فرضها لتغيير قواعد الاشتباك بين الطرفين، في ظلّ اعتراف كيان الاحتلال، بأنّه على الرغم من أنّ الجيش الإسرائيليّ نفذّ أوسع هجومًا منذ عدوان العام 2014، فإنّ المقاومة تُواصِل إطلاق الطائرات الورقيّة الحارقة، التي باتت كابوسًا يؤرق صنّاع القرار في المُستويين السياسيّ والأمنيّ في دولة الاحتلال.
تسريب المعلومات عن الخلاف بين وزير التعليم، نفتالي بينيت، وهو زعيم حزب البيت اليهوديّ، المُتطرّف والمُتشدّد، وبين قائد هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوط، خلال جلسة المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر (الكابينيت)، يعكس بشكلٍ أوْ بآخر، عمق الأزمة التي يعيشها أقطاب الاحتلال في كلّ ما يتعلّق بحلّ الأزمة مع المُقاومة الفلسطينيّة، التي أكّدت المصادر الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب، بحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أنّها لا تُقيم وزنًا للتهديدات الصادرة من إسرائيل، لا بلْ أكثر من ذلك، فقد نقل مراسل الشؤون العسكريّة في الصحيفة، يوسي يهوشواع، عن مصادر أمنيّة رفيعةٍ في كيان الاحتلال، قولها إنّ الردع الإسرائيليّ تآكل، وأنّ المُقاومة الفلسطينيّة ما زالت مُتمسّكةً بقواعد اللعبة الجديدة: قصف مُقابل قصف، وهي المُعادلة التي لا يُمكن لإسرائيل أنْ تتعايش معها، كما أكّدت المصادر.
وبناءً على ذلك، اتخذّت حكومة نتنياهو، وهي الأكثر تطرّفًا في تاريخ إسرائيل، سلسلةً من الإجراءات لتضييق الخناق على قطاع غزّة، الذي بات أكبر سجنٍ في العالم، حيثُ أعلنت عن أنّه بدءً من اليوم الثلاثاء سيُغلق معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة حتى إشعارٍ آخر، وسيتّم السماح فقط بإدخال الأدوية عند الضرورة. ويُعتبر معبر “كرم أبو سالم” التجاري الوحيد لسكان القطاع الذين يعيشون أوضاعًا اقتصاديةً صعبةً للغاية في ظلّ استمرار الحصار وتشديد الإجراءات على حركة دخول وخروج البضائع.
بالإضافة إلى ذلك، قرر الاحتلال تقليص مساحة الصيد في بحر غزة إلى 3 ميل، لتضييق الحيّز الضيّق أصلاً، علمًا أنّه في الأسبوع الماضي عندما قرر الاحتلال تقليص مساحة الصيد من 9 ميل إلى 6، لم يبلغ أحد، ولكن هذه الإجراءات تُرجمت على الأرض عندما أرغمت البحرية الإسرائيليّة الصيادين بالتراجع إلى 6 ميل تحت تهديد السلاح.
بالإضافة إلى ذلك، ومن أجل إحكام القبضة على قطاع غزّة، بهدف إخضاع المقاومة، يبدو أنّ إسرائيل توجهّت للرئيس المصريّ، عبد الفتّاح السيسي، الذي اعتبره الناطق العسكريّ الإسرائيليّ السابق، آفي بنياهو، أغلى هديّة من مصر للشعب اليهوديّ، توجّهت إليه لمُساعدتها في خنق القطاع، وفي هذا السياق يُمكن قراءة القرار المصريّ بإغلاق معبر رفح البريّ، وهو المنفذ الوحيد لسكّان قطاع غزّة، ابتداءً من اليوم الثلاثاء في كلا الاتجاهين.
في الجانب العسكريّ، أطلقت إسرائيل الرسميّة العنان للإعلام العبريّ المُنحاز للرواية والأجندة الصهيونيتين، حيث كان واضحًا حجم التطوّع لتوصيل الرسائل إلى غزة: هذا الإعلام أبرز وبطريقةٍ لافتةٍ للغاية، مدعومًا بصورٍ من الناطق العسكريّ لجيش الاحتلال، أبرز التدريب العسكريّ الذي تُجريه في هذه الأيّام قوّات الاحتلال على احتلال قطاع غزّة والقضاء على المقاومة هناك. هذا التجييش والتهويل الإسرائيليّ يهدف إلى إقناع المُقاومة بالتوقّف عن إطلاق الطائرات الورقيّة الحارقة، التي باتت الكابوس الإسرائيليّ الجديد، إذْ أنّه على الرغم من التهدئة، التي تمّ التوصّل إليها بين حماس وإسرائيل بوساطةٍ مصريّةٍ، واصلت المُقاومة إطلاق الطائرات الحارقة، التي أتت أمس على آلاف الدونمات في مُستوطنات ما يُسّمى بـ”غلاف غزّة”.
و نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن مصادر أمنيّةٍ وسياسيّةٍ وصفتها بالمُطلعّة جدًا، نقلت عنها قولها إنّ إسرائيل باتت مُستعدّة لكلّ سيناريو، بما في ذلك شنّ عدوانٍ شاملٍ على قطاع غزّة، إذا واصلت المُقاومة أطلاق الطائرات الورقيّة، ولكن ما يعرفه الجميع، أنّ إسرائيل، التي تملك أحد أقوى الجيوش في العالم، تعلم أنّ عمليّة بريّةً ضدّ القطاع، سيكون ثمنها باهظًا للغاية، لأنّه بحسب العلوم العسكريّة، من الصعب، إنْ لم يكُن مُستحيلاً، أنْ يتمكّن الجيش النظاميّ، مهما كان قويًا ومُتفوقًا إحراز الانتصار في حرب عصابات، علمًا أنّ الفشل كان حليفه في العدوان الذي شنّه الاحتلال على القطاع في صيف العام 2014، والذي استمرّ 51 يومًا، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى الإقرار بأنّ هذه العملية العسكريّة، كانت أطول حربٍ يخوضها جيش الاحتلال منذ إقامة الدولة العبريّة قبل سبعين عامًا.