يقول المراقبون إنهم ينظرون إلى الوساطة المصرية لاستئناف حوارات وآليات المصالحة بين فتح وحماس، بتفاؤل يشوبه قدر كبير من الحذر، بسبب تكرار عمليات الفشل وخلال أكثر من عشر سنوات، لمحاولات رأب الصدع بين الطرفين، وتعطل العديد من الاتفاقات والتفاهمات، من بينها تفاهمات القاهرة في 17/10/2017 والتي تم تتويجها بالاتفاق الفلسطيني الشامل في 22/11/2017 في العاصمة المصرية.
ويضيف المراقبون أن ما يبعث على الحذر، أن الطرفين عادا ليقدما شروطهما نفسها إلى الجانب المصري. السلطة (ومعها فتح) تدعو لـ «التمكين» الكامل لمؤسسات السلطة في القطاع، دون أية شراكة من حماس، وعلى قاعدة أن ما يطبق في الضفة الفلسطينية في أداء السلطة، يجب أن يطبق مثله في قطاع غزة.
حركة حماس من جانبها تضع شرطاً رئيساً هو حل قضية موظفيها والبالغ عددهم حوالي الأربعين ألفاً. حتى لا تتسبب المصالحة في تشريدهم وتجويعهم، وهم الذين قضوا أكثر من عشر سنوات في الإدارة في خدمة أبناء القطاع. وبالتالي لا تكون المكافأة الصرف من الخدمة بداعي العجز في الموازنة.
لكن القضية الأكثر اهتماما، والتي تشغل بال الجانب المصري، كما يقول المراقبون، هو توتر الوضع الأمني في القطاع، في ظل التهديدات الإسرائيلية والإنذارات المتتالية التي يمكن أن تكون تمهيداً لشن عدوان جديد على القطاع، قد يماثل في ضراوته وتخريبه العدوان الأخير عام 2014. ويقول المراقبون أن تعمد سلطات الاحتلال قصف المواقع المدنية في الجولة الأخيرة للتصعيد في غزة، بما في ذلك أماكن للهو الأطفال، ما هو إلا رسالة إسرائيلية واضحة المعالم لا تترد خلالها إسرائيل في اللجؤ في الجولة القادمة ــــــ إن هي وقعت ــــــ إلى تدمير أوسع المناطق السكنية في القطاع.
كما يشغل بال القيادة الرسمية المصرية الحديث عن مشاريع «إنسانية» يحتاجها القطاع دون أدنى شك. لكن السياق السياسي لطرحها، في الوقت الراهن، قد يقود إلى حالة انفصال تام بين القطاع والضفة الفلسطينية، بتأثيراته المدمرة على مجمل الحالة الفلسطينية وعلى الجوار المصري. لذلك، يقول المراقبون ـــــــ تعمل القيادة المصرية على حل العقد بين الطرفين، فتح وحماس، لتستعيد السلطة الفلسطينية مسؤولياتها داخل القطاع، وعنه، وبحيث تنفذ المشاريع الإنسانية، من أية جهة أتت، تحت إشراف السلطة، وأن تكون البوابة المصرية هي مدخلها، لتنفي عن نفسها أية سياقات سياسية تلحق الأذى بالمشروع الوطني ومستقبل القضية.
أما القضية الأمنية وسلاح المقاومة، فإن المراقبين يقولون إن الأساس في هذا كله هو التوافق السياسي. وعند حصول هذا التوافق، تنتفي المشكلة، ولا تعود بندقية المقاومة تشكل عقدة في الحل.
من هنا يرى المراقبون أن صفقة كبرى، كصفقة عودة القطاع إلى الضفة، وعودة الضفة إلى القطاع في تصالح وطني، يتطلب عقد اجتماع للإطار القيادي الأعلى في الحالة الفلسطينية، والذي يضم اللجنة التنفيذية ورئيسها والأمناء العاميين (14 فصيلاً) ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني وشخصيات وطنية مستقلة, وبحيث يكون هذا الإطار هو الضامن ــ إلى جانب القاهرة ــ للاتفاق في مضمونه السياسي.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف