شارك عشرات ألآلاف من فلسطينيي الداخل وقوى ديمقراطيّة ممّا يُسّمى “معسكر السلام الإسرائيليّ” مساء أمس السبت في مظاهرة بمدينة تل أبيب، وتحديدًا في “ميدان رابين”، احتجاجًا على قانون القوميّة العنصريّ، الذي سنّه الكنيست الإسرائيليّ، والذي يعتبر الدولة العبريّة دولة الشعب اليهوديّ فقط، ويشطب اللغة العربيّة من القاموس، ويتجاهل “المساواة” بين مُواطني إسرائيل، الأمر الذي اعتبره عرب الـ48 إعلان حربٍ عليهم بشكلٍ خاصٍّ، وعلى الشعب العربيّ الفلسطينيّ، بشكلٍ عامٍّ.
وخلافًا لقرارات لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة في إسرائيل، وهي أعلى هيئة تمثيليّة لفلسطينيّ الداخل، وغير معترف بها من قبل الحكومة الإسرائيليّة، التي نظمّت وَدَعَتْ للمظاهرة، خلافًا لقراراتها تمّ رفع العلم الفلسطينيّ خلال المظاهرة التي أطلقت عليها المنظّمون “أم المظاهرات”، كما أُسمِعت العديد من الشعارات مثل “بالروح وبالدّم نفديك يا فلسطين”، الأمر الذي دفع المُستوى السياسيّ في الدولة العبريّة إلى شنّ حملة تحريضٍ خبيثةٍ ضدّ الفلسطينيين في إسرائيل، قادها، كما كان مُتوقّعًا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان قد أصّر على تشريع القانون العنصريّ، وانضمّ إليه العديد من وسائل الإعلام العبريّة، الصادرة اليوم الأحد، والتي أكّدت على أنّ المظاهرة كانت عمليًا ضدّ الاعتراف بحقّ إسرائيل بالوجود، كما صرخ العنوان الرئيسيّ في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
وأبرزت وسائل الإعلام العبريّة ما كتبه نتنياهو في حسابه على “تويتر”، والذي قال فيه إنّ رفع العلم الفلسطينيّ والتلويح به في مظاهرةٍ ضدّ “قانون القومية” في تل أبيب، لهو أفضل دليل على ضرورة تشريع “قانون القومية”، وتابع رئيس الوزراء الإسرائيليّ قائلاً: سنستمّر في رفع العلم الإسرائيليّ بكل فخر ونُنشِد النشيد الوطني بفخرٍ كبيرٍ، على حدّ تعبيره.
وكان لافتًا للغاية أنّ أحد الخطباء في المظاهرة كان عاموس شوكن، صاحب وناشر صحيفة (هآرتس) العبريّة، التي تُعتبر في نظر العديدين صحيفة لبراليّة وديمقراطيّة، خلافًا لباقي وسائل الإعلام العبريّة، فيما أعلن رئيس “المعسكر الصهيونيّ”، آفي غبّاي، أنّه لن يُشارِك في مظاهرةٍ تدعو إلى تطبيق حقّ العودة، زاعمًا أنّه لا يقدر على المُشاركة في مظاهرةٍ لا يؤمن مَنْ يُشارك فيها بيهوديّة إسرائيل، في حين شارك فيها رئيس جهاز الأمن العّام الأسبق (الشاباك الإسرائيليّ) والوزير السابق عامي أيالون، الذي أكّد أنّ ذاهب إلى المظاهرة كصهيونيٍّ مرفوع الهامة والقامة، على حدّ تعبيره.
أمّا وزيرة الثقافة الإسرائيليّة، ميري ريغيف، المعروفة بمواقفها العنصريّة المُتشدّدّة، فقد كتبت على حسابها في موقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك) أنّ هذه المظاهرة تؤكّد التعاون بين اليسار وبين العرب، الذين يريدون دولة أخرى وحكومةً أخرى، وتابعت أنّ اللغة العبريّة هي اللغة الرسميّة الوحيدة، وأنّ العلم باللونين الأزرق والأبيض هو العلم الرسميّ، وأنّ القدس الموحدّة بجزأيها هي العاصمة الأبديّة للشعب اليهوديّ، على حدّ تعبيرها.
بالإضافة إلى ذلك، قال وزير الاستخبارات والمواصلات، يسرائيل كاتس، في تغريدة له إنّ أعلام فلسطين تُرفع هذا المساء في ميدان رابين بتل أبيب في مظاهرةٍ ضدّ قانون القوميّة، النواب العرب ومؤيّديهم، تابع، يتظاهرون ضدّ الوطنيّة اليهوديّة ودعمًا للقوميّة الفلسطينيّة، ليست الكلمات التي وردت في القانون تُغضبهم، إنمّا وجود إسرائيل كدولةٍ يهوديّةٍ وديمقراطيّةٍ، مُختتمًا بالقول: هم سيُواصلون التظاهر، ونحن سنُواصل البناء من أجل تقوية دولة إسرائيل، على حدّ قوله.
من ناحيته، وصف رئيس القائمة المُشتركة، النائب أيمن عودة المظاهرة بأنّها هي البداية، وتابع على صفحته في الفيسبوك قائلاً: ولدينا نَفَس طويل حتى الانتصار على القانون. كنّا هنا بملء انتمائنا، على حدّ قوله. أمّا النائب السابق محمد بركة، ورئيس لجنة المُتابعة فقد نشر على حسابه في الفيسبوك صورًا من المظاهرة وكتب: شكرًا،هكذا تصنع الشعوب قامَتَها، مُضيفًا في الوقت عينه: “لن تكون هنا نكبة أخرى…هنا باقون”.
إلى ذلك، أكّد النائب د. جمال زحالقة، رئيس حزب التجمع الوطنيّ الديمقراطيّ، أنّ مظاهرة عشرات الآلاف في تل أبيب هي انطلاقة المعركة لإلغاء قانون القومية الكولونيالي العنصري. وقال زحالقة: هدفنا ليس إلغاء قانون الأبرتهايد الجديد فحسب، بل إلغاء كل القوانين العنصرية وتفكيك نظام الابرتهايد الإسرائيلي برمّـته، وتابع: لا نكتفي بتعديل القانون وإضافة كلمة مساواة فهي لن تنقذه من عنصريته، ويبقي الجوهر الكولونيالي للقانون، ولا نكتفي أيضًا بإلغاء القانون لأن هذا يعيد حالة التمييز والفصل العنصري إلى ما كانت عليه. لا مجال للحصول على مساواة إلّا بتغيير النظام القائم كليًّا وتحويله إلى نظام دولة ديمقراطية لكل مواطنيها، ينعم فيها الجميع، عربًا ويهودًا، بالحرية والكرامة وبالمساواة التامة الفردية والجماعية، كما أكّد.
جديرٌ بالذكر أنّ حركة “أبناء البلد” في الداخل الفلسطينيّ، التي لا تُشارِك في انتخابات الكنيست لا ترشحًا ولا تصويتًا، أعلنت عن مُقاطعتها للمُظاهرة، وأصدر مكتبها السياسيّ بيانًا جاء فيه: فلسطين وطننا وإسرائيل ليست دولتنا، ومصيرنا مرتبط مع شعبنا، ولن نشارك في مسرحياتٍ استعراضيّةٍ تخدم الدولة اليهودية، على حدّ تعبيره.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف