- الكاتب/ة : جدعون ليفي
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2018-11-04
بعد غد ستكون ساحة المدينة فارغة، ليست فارغة من الاشخاص، عشرات الآلاف بالتأكيد سيتدفقون اليها، لكنها ستكون فارغة من المضمون. الفراغ سيسود في تجمع ذكرى اسحق رابين، فقط اقوال مكررة فارغة لسياسيين من اغلبية الاحزاب بدون العرب وبدون الحريديين، كما هي العادة في خطاب الوسط الاسرائيلي.
يجب وضع نهاية لهذا الطقس عديم القيمة. رابين يستحق الذكرى، من المحظور نسيان عملية القتل، لكن لا توجد علاقة بين “اليكم ما هو جميل ولطيف” وبين الذكرى. التجمع مثل ما سبقه لن يكون تجمع ذكرى أو تجمع احتجاج، وحتى ليس مظاهرة سياسية، هو سيكون استعراض حضور سنوي لليسار الصهيوني، الذي يعيش على الميت، وحضور لليمين الذي تقنع بقناع الوسط وهو يقوم بتضليل الجميع. لهما ليس هناك شيء خاص بهما يعرضانه، لذلك ليس هناك سبب للتجمع. كان يكفي مشاهدة المعركة على من سيخطب في التجمع – حتى الآن ليس على ما سيقال فيه – من اجل ملاحظة الضحالة. كان يكفي أيضا رؤية من ينظم التجمع.
حركة “طريقنا” تعلن أنها الحركة غير البرلمانية الكبرى في اسرائيل، وشعارها هو “نحن نحب اسرائيل، لنخرج الى العمل”. من اجل هذه الكلمات الجميلة يكفينا “يوجد مستقبل”، لا توجد حاجة لحركة اخرى. ايضا التجمع في الميدان سيكون بهذه الروح: “الاغلبية المعتدلة ضد الانقسام والتحريض”. من هو ضد الارهاب؟ ومن يؤيد التحريض؟ حتى “الاغلبية المعتدلة” هو مفهوم مضلل. الاغلبية في اسرائيل غير معتدلة بصورة واضحة، هي تثبت ذلك المرة تلو الاخرى. ولكن في عالم مفاهيم فيه السعودية تعتبر دولة عربية معتدلة، ايضا الاغلبية في الرأي العام في اسرائيل يمكن اعتبارها معتدلة.
معتدل، يعني أن تردد “دولتان” وتواصل بناء المستوطنات؛ معتدل، يعني تجاهل الحصار على قطاع غزة؛ معتدل، يعني أن تؤيد “الانفصال”، غير واضح متى وكيف؛ معتدل، يعني أن تكره بنيامين نتنياهو دون طرح بديل حقيقي له؛ معتدل، يعني أن تشمئز من الحريديين وأن تقصي العرب؛ معتدل، هو المعسكر الصهيوني ويوجد مستقبل، الاول هو ميت يمشي، والثاني هو يمين وطني متطرف يلبس قناع، ولهما فقط توجد علاقة واهية برابين، التي ايضا “تراثه” هو أمر ليس واضحا تماما.
رابين قتل في تجمع دعا للسلام. بعد الغد في الميدان فقط قليلون سيتحدثون عن السلام. الاغلبية المعتدلة شطبت السلام من جدول الاعمال. المعتدلون يدركون أنه لا يوجد شريك (فلسطيني، بالتأكيد فلسطيني). سيجتمعون في الميدان كي يشعروا مرة اخرى بالراحة مع انفسهم، ورؤية أنهم ليسوا وحدهم، كي يغنوا اغانيهم الجميلة وأن يختفوا من الميدان لسنة اخرى.
قليلون من الذين سيحضرون التجمع انتبهوا الى أن الجيش الاسرائيلي المحبوب والموحد لهم قتل مرة اخرى هذا الاسبوع ثلاثة فتيان في غزة، دون أن يدفع أحد الحساب عن ذلك. القليلون فقط يهمهم هذا الامر. الاغلبية المعتدلة لا يهمها أن الاحتلال والحصار يستمران، وأن مرضى السرطان يموتون في غزة بسبب عدم وجود العلاج، وأن الاطفال هناك يشربون مياه مسممة – هو لن يكلف نفسه في أي يوم عناء الذهاب الى الميدان من اجل ذلك. الاغلبية المعتدلة تريد الوحدة، التي تعني بالعبرية تسوية الصف مع اليمين، بسخاء اكثر.
ازاء هذه الوحدة، ليته كان هناك انقسام اكثر بين اللامبالين من استمرار الاحتلال وبين من لا يستطيعون العيش معه. بين من يعتقدون أن اليهود هم الشعب المختار وبين من يعتقدون أنه مثل كل الشعوب. بين من يؤمنون بأنه توجد لديهم حقوق اكثر في البلاد وبين من يؤمنون بمساواة كاملة في الحقوق. انقسام بين يعتقدون أنه توجد ديمقراطية مع استبداد عسكري وبين من يعرفون أنه لا يوجد شيء كهذا.
اسرائيل تصرخ لهذا الانقسام. تحت هذا يوجد لدينا “طريقنا” التي تخفي الآثار وتجمعات رابين، التي تثبت أنه لا يوجد نقاش حقيقي بين تساحي هنغبي وتسيبي لفني وآفي غباي ويئير لبيد. جميعهم سيرددون جيدا بعد غد، جميعهم سيعودون الى بيوتهم مع شعور لطيف ومسكر بأن الهدف قد تحقق: جميعنا شعب واحد، يميني وطني متطرف جدا.