ما أن انتهت المعركة الدبلوماسية الأخيرة داخل أروقة الأمم المتحدة بعدم إدانة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بعد مشروع القرار الأمريكي، حتى استبشر البعض ببداية تقارب جديد للحالة الفلسطينية على المستوى الداخلي.
هذا التقارب لم يسمح به رئيس السلطة وحركة فتح محمود عباس ولم يترك الفرحة لتكتمل، حتى عاد وأعلن عن نيته حل المجلس التشريعي الفلسطيني مساء أمس السبت، لتعود خيبة الأمل تسود أوساط الفلسطينيين.
وقال عباس خلال حديثه بمقر الرئاسة أمام المشاركين في مؤتمر حول الحوكمة ومكافحة الفساد أمس: "نحن بالطريقة القانونية سنحل المجلس التشريعي، وهذا سيأتي قريباً، وهذا الكلام أول مرة بحكيه قدامكم (أمامكم)".
رئيس غير شرعي
وفي معرض تعليقه على هذا القرار، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم: إن أبو مازن نفسه غير شرعي، والأصل أنه رحل منذ سنوات، لكنه لم يجد شعبًا يدافع عن حقوقه وشرعية الحكم، وفق قوله.
ولفت قاسم في تصريح خاص لـ "المركز الفلسطيني للإعلام"، أن رئيس السلطة عباس هو الذي عطل المجلس التشريعي، ويجب أن يحاكم على ذلك، مشيراً إلى أن ما فعله مشين ومهين للفلسطينيين.
وأشار إلى أنه كان يجب على أبو مازن استغلال ما حصل في أروقة الأمم المتحدة من انتصار سياسي والبناء عليه في مزيد من التقارب، لافتاً إلى أن محفل الأمم المتحدة عمل على تقارب النفوس سواء على مستوى الفصائل والشعب على حد سواء.
وقال: "كان الأصل من أعضاء المجلس التشريعي تقديم استقالتهم منذ عام 2010 من أجل الضغط على عباس من أجل عقد انتخابات رئاسية، لكن للأسف الشديد بقوا في أماكنهم كما بقي في مكانه".
معركة عباس والبديل
بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أن عباس لديه معلومات حول تحركات باتجاه إيجاد خليفة له خلال المرحلة القادمة، يكون في محورها المجلس التشريعي، وهي مرتبطة بحماس والكتل البرلمانية والتيار الديمقراطي لحركة فتح.
واعتقد القرا في تصريح خاص لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، أن عباس يريد بهذه الخطوة إغلاق الباب على أي محاولات يمكن أن تذهب باتجاه إيجاد بديل له في الساحة الفلسطينية.
وأكد أن عباس يسير على الخطوات السابقة نفسها فيما يتعلق بحل المجلس التشريعي والتهديد بخطوات تجاه غزة، وهو أنه لا يريد السير فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية.
وأوضح أن هذه الخطوة ستكون إغلاقا لكل مسارات المصالحة في الجهد المصري الحالي، مشيراً إلى أن هذا يعكس أن اللقاءات التي يعقدها عباس مع المصريين والرئيس السيسي غير مجدية.
وأضاف: "من الواضح أن عباس لا يعطي بالاً للمقترحات المصرية، ولم يتم التأثير عليه من الرئيس المصري.. وهو رافض لكل الخطوات المرتبطة بالتحرك المصري والقطري والأمم المتحدة".
انتهاك للقانون
ومن الناحية القانونية فقد عدّ الباحث في الشؤون السياسية والقانونية أحمد أبو زهري، تصريحات محمود عباس حول نيته حل المجلس التشريعي، تجاوزاً صريحاً ومباشراً للقانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 وتعديلاته لعام 2005.
وأفاد أبو زهري في حديث لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن هذه الخطوة تغول للسلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية، وانتهاك واضح لمكانة المؤسسات القانونية والتشريعية في فلسطين، وتعدٍّ واضحٌ لصلاحياته وحدود سلطاته.
وأشار إلى أن الحكمة والغرض القانوني من إعطائه صلاحيات حين الطوارئ والضرورة، جاء لتمكين السلطة التنفيذية من درء الخطر المحدق بالدولة والتي لا تشمل حل التشريعي.
ورأى أن مثل هذه الصلاحية لا يمكن بأي حال استنباطها، بل يجب أن يكون هنا نص واضح وصريح ينص على إعطائه وتخويله هذه الصلاحيات قانوناً، ومن هنا كان لزاماً على رئيس السلطة أن يراعي حدود صلاحياته التي وردت في القانون الأساسي الفلسطيني دون إحداث أي تعدٍّ من شأنه الإضرار بالسلطات الأخرى.
وأوضح أن دعوة عباس ونيته تأتى ضمن المناكفة السياسية التي يمارسها في مواجهة خصومه السياسيين من حركة حماس واستمراراً لنهج العقوبات المستمرة ضد شعبنا وأهلنا في قطاع غزة، ومن شأنه أن يعمق الانقسام السياسي الحاصل بين شطري الوطن.
وأكد أن هذه الخطوة تصطدم بجدار الشرعية الدستورية، وتعد مخالفة دستورية خارجة عن إطار الشرعية وموجبة للإلغاء وعدم النفاذ؛ لأنها خالفت مباشرةً أيضاً المادة (38) والمادة (113) من القانون الأساسي الفلسطيني.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف