- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2019-01-26
عندما تم الاعلان عن نتائج الانتخابات للكنيست السابقة، تبين أن القائمة المشتركة التي ادخلت 13 عضو كنيست هي القائمة الثالثة من حيث حجمها. حسب الاجراء المتبع في توزيع اللجان في الكنيست تبين أن القائمة المشتركة يحق لها ادخال عضوين الى لجنة الخارجية والامن، لكن الغريب هو أن ممثلي القائمة المشتركة سارعوا الى الابلاغ عن تنازلهم عن العضوية في اللجنة، وأنهم يريدون استبدال العضوية في لجنة اخرى.
هذا السلوك لاعضاء القائمة المشتركة كشف بمرة واحدة الفشل البنيوي في مفهوم المواطنة لدى ممثلي الاحزاب التي شكلت القائمة. الكنيست هي الساحة السياسية الرئيسية، وفيها يتم سن قوانين تحدد مصير المواطنين في كل مجالات الحياة. كل من يأخذ على عاتقه قواعد اللعب الديمقراطية يجمع اشخاص في احزاب ويذهب الى الانتخابات من اجل أن يحسب على طاقم المشرعين في الكنيست، يجب عليه أن يتمسك بجميع الحقوق الديمقراطية المعطاة له.
هذه الحقوق لا يمكن أن تكون مقتصرة على امكانية اسماع الصوت والصرخة على منصة الكنيست. احيانا ربما أن صوت الصرخة من خارج المبنى سيسمع بصورة اقوى ومدوية اكثر مما لو كان حبيسا بين جدران الكنيست. من يرسل مندوبين مخولين من قبله الى الكنيست، يتوقع أن مندوبيه سيشاركون في كل منتديات البرلمان، التي يمكنها أن تقرر مصيره كمواطن في الدولة. من بين المنتديات التي يتوقع المواطن العربي أن يعين فيها هي كل لجان الكنيست بدون استثناء. يمكن القول إن المواطن العربي يتوقع حتى أكثر من ذلك: هو يريد عدم اكتفاء ممثليه بمكانة الكتلة الحاسمة، بل المشاركة في الائتلاف الحكومي، اذا كان الامر يتعلق بهم. وأن يشغلوا مناصب وزراء بكل ما تعنيه الكلمة، وأن يهتموا بجميع المواطنين في دولة مساواة.
إن معنى مشاركة العرب في انتخابات الكنيست هو قبول مكانة المواطنة في دولة اسرائيل، واعطاء شرعية للنظام السائد فيها. اعضاء الكنيست العرب الذين يقسمون الولاء للدولة على منصة الكنيست يجب أن يطالبوا ويحصلوا على جميع الحقوق المعطاة لاعضاء الكنيست بدون استثناء. لذلك، هذا ما يتوقعه منهم الناخبون الذين ارسلوهم ليتحدثوا بلسانهم.
اذا كان المواطنون العرب يتوقون الى الاندماج في جميع مؤسسات الدولة، ويطالبون، وبحق، بالمساواة المطلقة في الدولة، فمن الجدير أن يتصرف من يمثلونهم وفقا لهذه الطموحات والمطالب. وإلا فما هي الفائدة من هذه المشاركة في اللعبة الديمقراطية؟.
ربما أن هذه الطريق غير مزروعة بالورود، بل تعج بالعنصريين الصهاينة، الذين سيضعون امام اعضاء الكنيست العرب هؤلاء سورا منيعا مع مجسات الكترونية عنصرية بهدف ابقاء ممثلي المواطنين العرب خارج السور. ولكن اذا اعلن الممثلون العرب من البداية أنهم سيبقون الى الأبد في مقاعد المعارضة، فلا فائدة من وجودهم في الكنيست. حيث أنهم بهذا السلوك هم فقط يفيدون الدعاية الصهيونية. هم يستخدمون مثل ورقة التين التي تغطي عورة “الديمقراطية الوحيدة” في الشرق الاوسط.
يجب كسر القفص الزجاجي الذي يمنع خروج الممثلين العرب الى الهواء المدني النقي. المواطنون العرب يستحقون ممثلين يعرفون بشكل عميق مكانتهم المدنية في دولة اسرائيل. هذه المكانة المدنية يجب ملأها بالمضمون. وهذا المضمون يجب أن يكون المشاركة في جميع مؤسسات الحكم في الدولة، والاهتمام الحقيقي بجميع المواطنين دون فرق في الدين والعرق والجنس.
هناك من يفضلون مواصلة أن يكونوا أسرى للماضي. لقد حان الوقت لأن نفكر جميعنا، يهود وعرب، في الغد.
هآرتس – 22/1/2019