- تصنيف المقال : الفن المقاوم
- تاريخ المقال : 2013-10-21
تحت عنوان أن تكون ابنة ادوارد سعيد نشرت صحيفة "هارتس"، في عددها يوم الاثنين، تقريرا عن نجلا سعيد ابنة المثقف الفلسطيني الكبير وأحد اباء "البوست موديرنيزم"، كما وصفته. النشر جاء بمناسبة نشر أجزاء من كتاب سيرة يتناول طفولتها
في الموقع الثقافي باللغة الانجليزية "صالون فلسطين".نجلا تروي في كتاب السيرة ذكرياتها في بيت والدها، وهي تعرف نفسها بانها امرأة فلسطينية لبنانية امريكية ومسيحية، لكنها بدأت حياتها كأنها تخص مانهاتن كبروتستانية بيضاء عمدت في الكنيسة وتعلمت في مدرسة خاصة ترتادها بنات الارستقراطية الأمريكية وسبق وان درست فيها جاكلين كندي اوناسيس. عربية سوداء وسط بحر من الشقراوات "لكاملات"وهي تقول، كنت فخورة باللباس الأخضر الذي يحمل شعار المدرسة وبالحذاء الجديد الذي اشتريته من باريس، الا أن اللباس الفاخر لم يحصنني من الشعور أنني مختلفة. فقد كنت مجرد عربية سوداء في بحر من الشقراوات "الكاملات"، لم يكن لدي سرير وثير وغرفة نوم مرتبة أو صالون مهندس جيدا. في بيتي كانت الكتب تتراكم على الطاولات والرفوف، أقلام وسجادات شرقية ولوحات جدارية الى جانب ضيوف غريبين، حيث كنت محاطة بكتاب وباحثين بينهم نوعم شومسكي، ليليان هلمان، نورمان ميلر، جاك دريدا، سوزان سونتج وجوان ديديون. ادوارد سعيد ولد في القدس عام 1935 لعائلة عربية مسيحية وتنقل بين القدس والقاهرة، حيث كان لوالده اشغالا واسعة هناك قبل ان يغادر عام 1951 للتعليم في الولايات المتحدة الامريكية اذ حصل بعد ان انهى تعليمه على وظيفة بروفيسور للأدب في جامعة كولولومبيا في نيويورك. بعد حرب 1967 بدأ سعيد يبدي اهتماما بالقضية الفلسطينية ليتحول لاحقا الى أحد أبرز المنظرين للحركة الوطنية الفلسطينية. الا أن الأمر الذي حوله الى شخصية معروفة عالميا هو مؤلفه "الاستشراق" الذي أثار اصداء واسعة ووضع سعيد في محور الجدل الثقافي العالمي.العربي بعيون غربية هو كائن منحط في اساسه"الاستشراق" الذي صدر عام 1978 كتب بلغة شفافة ولامعة وحمل نقدا على الغرب وعلى رجال الاكاديميا والمبدعين الاخرين، الذين تناولوا بالبحث الصيرورة الشرقية ليس بهدف اغناء المعرفة، كما يقول صاحبه، بل خدمة لاهداف الاحتلال والسيطرة على الشرق. هكذا رسمت صورة الكيان العربي بعيون الغرب ككيان جامد ذليل ومتخلف ومقابله تتسامى صورة الغرب العالي المتعالي.نجلا تقول، انها عندما ضغطت على والدها ليشرح لها مصطلح "الاستشراق" بكلمات بسيطة قال، انه على امتداد التاريخ وفي مجال الأدب والفن ايضا نظر الغرب الى الشرق من خلال عيون غربية تشوه وتحتقر كل ما هو اخر غير مألوف للغربين، وحتى عندما يتحول ذلك الى مثير ومليء بالاحاسيس فانه منحط في أساسه، صورة شبيهة بصورة "علاء الدين"، كما يقول ادوارد سعيد لابنته.في كتاب السيرة خاصتها، تتذكر نجلا أنها كسائر أولاد المهاجرين كان من الصعب عليها فهم القيم المتناقضة التي انكشفت عليها. لقد كان محيرا ان تكبر لأم لبنانية ولوالد باحث فلسطيني معروف في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في نيويورك، لقد استصعبت، تقول نجلا، أن أربط بين العالم الجميل، المريح والمطمئن الخاص ببيتي وعائلتي وبين واقع أن الناس يعتقدون أن عالمي هو بربري ومتخلف.وهي تقول انها حاولت في طفولتها الابتعاد عن الجذور والثقافة الفلسطينية رغم انها كانت تعرف انها فلسطينية وكانت قد زارت بيروت. في التلفزيون كانوا يحكون ان بيروت ايضا مكان جنوني يقتل فيه الناس بعضهم بعضا وان الفلسطينيين ارهابيين وفكرت اذا تجاهلت ذلك فقد يختفي. أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت نقطة تحول في حياتها، في المقابلة مع راديو محلي امريكي تتذكر تلك الايام وتقول، انها كانت خائفة من الموت مثل الجميع و"لكني كنت خائفة ايضا من الامريكيين الذين ارادوا " قتلي" وقلت لوالدتي الان الجميع سيكرهونني. بعد 11 سبتمبر تحولت الى عربية أمريكية، كأنني قبل ذلك لم اكن كذلك.صورة ادوارد سعيد وهو يرجم اسرائيل بالحجارة قالت كل شيءنجلا تتطرق الى الموروث السياسي لوالدها المرتبط بالنضال من اجل الاستقلال الفلسطيني. ادواد سعيد كان محط خلاف في اسرائيل ولدى الجاليات اليهودية في الولايات المتحدةن تقول "هارتس"،. صورته وهو يرجم اسرائيل بالحجارة من الحدود اللبنانية حظيت بانتشار واسع في العالم. هناك اناس يرونه رمزا لحق تقرير المصير للفلسطينيين ومحاربا من اجل حقوق الانسان والمساواة والعدل الاجتماعي وهناك من ما زال يصر على اعتباره "ارهابي" ولكن من يعرفونه يقولون ان نعته بالارهابي كنعت غاندي بالارهابي، تقول "هارتس".