في 13 شباط هدمت الادارة المدنية شبكة أنابيب كانت توفر المياه لـ 12 قرية فلسطينية في جنوب جبل الخليل في منطقة المسافر في يطا. في اعقاب الهدم بات السكان مرة اخرى متعلقين بالمياه التي ينقلونها بسيارة النقل، ذات الكلفة الاعلى سبعة اضعاف عن الماء التي ترد في الانابيب فضلا عن الخطر الذي تتعرض له حياة سائقي الجرافات والشاحنات بسبب الطرق المتحطمة.
لقد كانت للادارة المدنية ظاهرا كل الاسباب البيروقراطية لتفكيك الانبوب: فهذه هي المنطقة ج، حيث للادارة المدنية الصلاحيات الكاملة في اقرار أو حظر الربط بالشبكات. وكان نصب شبكة الانابيب السنة الماضية رجال المجلس المحلي الفلسطيني بتمويل اوروبي، دون اذن اسرائيلي. وفضلا عن ذلك، فالحديث يدور عن منطقة اعلنت ميدان نار عسكري في السبعينيات. ورغم القانونية الرسمية للهدم فان منع التورد المنتظم للمياه، في ظل التمييز بحق الفلسطينيين مقارنة بالمستوطنين الاسرائيليين، هي سياسة غير انسانية وغير قانونية.
رغم التدريبات العسكرية وهدم المباني وآبار المياه الذي تقوم به اسرائيل ضمن الحين والاخر، فان السكان في قرى الكهوف الصغيرة، المتواجدين منذ ما قبل 1948، واصلوا العيش فيها ونيل الرزق بتربية الماشية والزراعة البعل، في ظل الحفاظ على الصلة العشائرية، المؤسساتية والاقتصادية بمدينتهم الاصلية – يطا. في نهاية 1999، في وقت مفاوضات اوسلو للسلام، تلقى السكان أوامر اخلاء من منازلهم “بسبب السكن غير القانوني في ميدان النار” وابعدوا في تشرين الثاني من تلك السنة. في اعقاب التماسات الى محكمة العدل العليا اصدرت هذه اوامر احترازية وسمحت للسكان بالعودة، ولكنها لم تأمر الدولة بالسماح لهم باعادة ترميم المباني وآبار المياه التي هدمت في زمن الابعاد، فما بالك الارتباط بشبكات المياه والكهرباء التي تتمتع بها المستوطنات بل والبؤر الاستيطانية غير القانونية التي اقيمت في الجوار. وهكذا فان السلطات ترشح للهدم كل مبنى جديد في هذه القرى، بما في ذلك آبار المياه المرممة، العيادات والمراحيض. محاولتان للتوفيق بين الطرفين فشلتا. فالسكان يرفضون طلب الحكومة مغادرتهم منازلهم ورعي أغنامهم في اراضيهم والا يفلحوها الا في ايام معينة في السنة.
منذ البداية كان اختيار المنطقة كميدان للنار، رغم كونها مأهولة وهي مصدر رزق لمئات العائلات، مرفوضا. فمنذ 2005 والتدريبات فيها ليست بالنار الحية، وقاعدتان عسكريتان كانتا فيها فككتا. اما النية الاسرائيلية من خلف منع التوريد المنتظم للمياه فمكشوفة: دفع السكان لهجر منازلهم وهكذا اخلاء المنطقة لتوسيع المستوطنات والضم الفعلي. هذه نية مرفوضة، يتحداها السكان الفلسطينيون بمجرد بقائهم العنيد في منازلهم، رغم شروط الحياة الصعبة. على اسرائيل أن تلتزم بالقانون الدولي، وان تحترم مباديء العدل والمساواة وان تربط بنفسها القرى في مسافر يطا بشبكة المياه.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف