- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2019-03-20
طفت صورة البشاعة والقسوة، وتكسير الأيدي والأرجل وورم العيون واحتباس الدم واحمرار الجفون من هراوات حركة حماس، على أجساد مناضلين ومناضلات، كانوا رواداً على متاريس المواجهة ضد قوات احتلال العدو الإسرائيلي، ومنهم من قضى سنوات في سجون الاحتلال، ومنهم أولاد وبنات شهداء، وجميعهم رواد مسيرات العودة نحو أسلاك المواجهة، وكانوا يُحضرون أنفسهم وبرامجهم لليوم السنوي الأول لمسيرة العودة التي انطلقت عام 2018، بمناسبة يوم الأرض الخالد 30 أذار .
وطغت صور البشاعة التي خلفتها حركة حماس وأجهزتها التي كنا نتباهى بتضحيات قياداتها وعنادهم في مواجهة قوات الاحتلال، وإذ بهم قبل أن يصلوا إلى القدس، محررين، منتصرين، مع باقي قوات وفصائل المقاومة في قيادة شعبهم، وإذ بهم ينتصرون على شعبهم بالضرب والتكسير والقمع غير المسبوق بهذه القسوة، قسوة التسلط والأحادية وأحقاد الإخوان المسلمين على كل من ينتمي إلى فصائل العمل السياسي والكفاحي الفلسطيني، من فتح إلى الشعبية والديمقراطية والشيوعيين وحركة فدا والمبادرة، ولم يسلم منهم حتى حلفائهم من قواعد حركة الجهاد، وكل من وقف محتجاً ومتظاهراً من أجل الخبز والكرامة تحت الشعار الحراكي « بدنا نعيش « فقد أطلق محمود الزهار الوصف على المحتجين بكل وضوح وصرامة وبلا خجل، أطلق عليهم تصريحه المستهجن « من يخرج مع المظاهرات، ما هم إلا من حثالة المخيمات في قطاع غزة «، طغى ذلك على صور التضامن مع مجزرة كرايست تشيرش في نيوزيلندا :
- صورة برج إيفل وهو يُطفئ أنواره حداداً على ضحايا مسجدي نيوزيلندا .
- وصورة الكنديين وهم يقيمون دروعاً بشرية حول المساجد أثناء صلاة الجمعة لإرسال رسالة قوية لكل المتطرفين في العالم أنه لا مجال للعب بمقدرات البشر تحت اسم الدين .
- وتصريح الرئيس الروسي بوتين الذي وصف فيه « هجوم نيوزيلندا على أنه مقزز ووحشي وصادم، ويجب محاسبة كافة المتورطين في هذا الهجوم « .
- وصورة رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن وهي ترتدي الحجاب خلال تقديمها واجبات العزاء لأهالي وأسر الضحايا، احتراماً لهم .
- وصورة إنزال العلم الكندي من على مبنى البرلمان حداداً على ضحايا مسجدي كرايست تشيرتش في نيوزيلندا .
صور التضامن العالمي ضد الإرهاب والتطرف الذي مس الأبرياء من العرب والمسلمين في نيوزيلندا، طغى عليها صور البطش والقمع الوحشي لحركة حماس ضد شعبها الذي ناضلت من أجله وارتقى خيرة قياداتها من الشيخ أحمد ياسين إلى عبد العزيز الرنتيسي وصلاح مجاهد وغيرهم العشرات، وتقديراً لهذه التضحيات أعطاها شعبها التصويت لتملك الأغلبية لدى المجلس التشريعي، فانقضت على الشرعية وتسلطت وتفردت بالسلطة منفردة بعد انقلابها الدموي في حزيران 2007، لتسجل لنفسها انقلاباً دموياً آخر ضد شعبها في أذار 2019 .
طغت صور البطش لدى حماس على حساب صور الاحتدام والمواجهة في القدس والمسجد الأقصى، وعلى موقع مُصلى باب الرحمة الذي تهدف سلطات المستعمرة للاستيلاء عليه والمس به والتطاول على قدسيته باعتباره جزءاً من الحرم القدسي الشريف لتحويله تعسفاً إلى كنيس كما فعلت بالحرم الإبراهيمي بالخليل .
صراع محتدم واشتباك ميداني وطني قومي ديني سياسي، بين الشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين، وقواه الحية في القدس، ومن المرابطين والمرابطات في مواجهة قوات الاحتلال وأجهزة المستعمرة الإسرائيلية، وبدلاً من التركيز على متاعب وأوجاع وإدارة مجلس الأوقاف الإسلامية الذين يخوضون المعركة ببسالة وإدارتها لإحباط مخططات العدو الإسرائيلي، يهبط مستوى الأولوية على شاشات الاهتمام نحو القمع والبطش الحمساوي ضد الشعب الفلسطيني في سائر حواري وأزقة قطاع غزة .
صورة مخجلة بشعة لتحول النضال الفلسطيني من مواجهة العدو إلى مواجهة الذات، فهل ثمة ردة أكثر من ذلك ؟؟