لم يكد يمر وقت طويل على إعلان دونالد ترامب، زعيم الامبريالية الأميركية، "إهداء" الجولان السوري المحتل للصهاينة، في خطوة تشكّل استكمالا لصفقة القرن الواحد والعشرين التي بدأت بإعلانه القدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب، حتى لاقاه نتنياهو إلى منتصف طريق "البيع من كيس غيره"... معلنا اليوم قراره البدء ببناء "مدينة في الجولان" سيطلق عليها اسم رئيس الادارة الأميركية.
هكذا، وبكل بساطة، تستباح سيادة الدول العربية، ويعاد توزيع أراضيها من قبل الرأسمالية العالمية، تماما كما جرى منذ قرن ونيّف إبان الحرب العالمية الأولى في ما سمي بصفقة القرن العشرين التي حملت اسم "إتفاقية سايكس – بيكو" والتي استكملت بوعد بلفور المشؤوم الذي نفّذ بعد ثلاثين عاما على صدوره.
هكذا، وبكل بساطة، تنهش الكلاب أجزاء جديدة من الأرض العربية، بدءا بأراضي الضفة الغربية المحتلة والجولان ومعه مزارع شبعا (التي صرّح بعض اللبنانيين أنها ليست لنا)، بينما تغدق الأنظمة الرجعية العربية الأموال الطائلة على من ينهب أوطاننا ويقتل شعوبنا، ويعفّر حكام تلك الأنظمة جباههم بالتراب ويزحفون على بطونهم إرضاء لبني صهيون وحماتهم... كل ذلك، خوفا على عروش مهترئة لن يسعف في ترميمها كل مال قارون.
اليوم، وعشية الذكرى الواحدة والسبعين للنكبة الفلسطينية، التي طالت وطننا أيضا في القرى السبع إضافة إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ينتهك العدو سيادة فلسطين وسوريا ولبنان، غير آبه بما يمكن أن يترتب على مثل هذه الخطوة، فهو على يقين من أن النظام الدولي المتمثل بالأمم المتحدة لن يحرّك، هو الآخر، ساكنا لمنعه من تنفيذ عدوانه الجديد، في ظل التوازنات الدولية الجديدة وتحوّل العالم، بعد غياب الاتحاد السوفياتي، إلى عالم وحيد القطب تسرح فيه الامبريالية على هواها، وتمرح دون حسيب. بل، إن نتنياهو وغيره من أركان هذا العدو قد عادوا إلى الواجهة من جديد، بفعل التواطؤ الرسمي العربي، وعادت معهم كل المشاريع التي رسمت منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي...
لنتذكّر فقط ما جاء في كتاب شمعون بيريز عن الشرق الأوسط الجديد وما تبعه من مؤتمرات عقدت آنذاك في القاهرة واسطنبول ودافوس على وجه الخصوص...
لنتذكّر المشاريع الاقتصادية "المشتركة" التي وضعت آنذاك والتي تلتها حروب مدمّرة في العراق ولبنان وسوريا، والانقسامات الحادة في فلسطين، وحروب المجموعات الارهابية ضد طموحات شعوبنا جمعاء في التحرر والتغيير...
لنتذكّر أولئك الذين أطلق عليهم اسم "الأفغان العرب" ومعهم تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، وصولا إلى تنظيم داعش... لنتذكّر مؤسسيهم ومموليهم، وقبلهم الأخوان المسلمين... فكل هؤلاء، ومعهم التيارات الفاشية التي نشأت في صفوف بعض القوى السياسية المسيحية، إنما انتشرت لكي تكون درعا واقيا للكيان الصهيوني فتساعده وتساعد من هم وراءه على تنفيذ المخطط الاستعماري الجديد لبلداننا وللثروات التي تزخر بها أراضينا ومياهنا، وهي ثروات هائلة ومتنوعة وموثّقة...
ولنتذكّر بالمقابل أن الاعتماد على النفس هو الذي يحمينا ويبعد عنا الأذى المتربص بنا.
والاعتماد على النفس يعني تنظيم المقاومة بكل أشكالها، بدءا بمواجهة التطبيع المتسلل بأشكال مختلفة، وبمقاومة مشاريع النهب المبرمج التي أقرّت في قمم صاغها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحت راية واشنطن وبطلب منها، كل ذلك متوجا بالتحضير للمقاومة المسلحة التي هي أرقى أشكال المواجهة مع العدو الوطني والطبقي...
فبالمقاومة وحدها ننتج التغيير المطلوب

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف