- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2019-05-21
نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر تحت عنوان “الولايات المتحدة تعرض على الفلسطينيين المال مقابل التنازل عن الدولة”.
وبدأ الكاتب مقالته بالحديث مؤتمر للمانحين ستعقده إدارة دونالد ترامب الشهر المقبل في الخليج بهدف إقناع الفلسطينيين بالتخلي عن حلم الدولة مقابل استثمارات بالمليارات.
وقال إن المحادثات في البحرين ستكون بارزة حتى قبل أن تبدأ؛ لأنها المرة الأولى التي تحاول في الولايات المتحدة البدء بعملية سلام دون أن تتقدم بخطة شاملة لها. وبدلا من ذلك قررت الإدارة الأمريكية تقديم عروض اقتصادية للفلسطينيين مقابل موافقتهم على “الصفقة” النهائية التي ستقدم خطوطها العامة ولا تزال سرية.
وهذه هي المرة الأولى التي سيحضر فيها وفد إسرائيلي كامل محادثات السلام في بلد لا يعترف بها. وتعد البحرين واحدة من دول الخليج التي تواصلت مع إسرائيل سرا ولكنها لم تقم مثل جاراتها بعقد علاقات دبلوماسية معها.
وأعلنت الإدارة الأمريكية عن “ورشة السلام والازدهار” والتي ستعقد في الفترة ما بين 26- 27 حزيران/ يونيو المقبل بالعاصمة البحرينية، المنامة. ويقصد منها فتح النقاش حول رؤية طموحة ويمكن تحقيقها لمستقبل زاهر للشعب الفلسطيني والمنطقة، كما جاء في البيان.
ومن المتوقع أن تضع محادثات البحرين الأسس لخطة تنمية شاملة في البنى التحتية والاستثمارات الخاصة يدفع كلفتها حلفاء الولايات المتحدة في الخليج خاصة السعودية. ولا توجد إشارات بعد عن تخلي السلطة الوطنية عن مطالبها مقابل هذه الاستثمارات.
وكان جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره قد أكد أن الخطة التي عمل عليها مع المبعوث الدولي جيسون غرينبلات والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، لن تشمل إقامة دولة فلسطينية، في تراجع واضح عن الموقف الأمريكي التقليدي القائم على حل الدولتين.
وقال وفي واشنطن هذا الشهر: “لو قلت حل الدولتين، فهذا يعني شيء للإسرائيليين ويعني شيئا آخر للفلسطينيين ولهذا قررنا عدم الحديث عنها”. ونفى فريقه المقترحات التي قالت إن إسرائيل ستقوم بموجب الخطة بضم أجزاء كبيرة في الضفة بما فيها المستوطنات الكبرى الواقعة شرق حدود عام 1967 مقابل منح الفلسطينيين أراضي في مصر أو كونفدرالية مع الأردن.
وكان رئيس السلطة الوطنية محمود عباس، قد رفض التواصل مع الإدارة الأمريكية منذ قرار ترامب نقل السفارة إلى القدس. وبحسب المفاوضات السابقة فقد أجل موضوع القدس إلى محادثات الحل النهائي الذي كان سيؤدي لدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، والقدس الغربية عاصمة لإسرائيل.
وتقول الصحيفة إن معظم مستشاري عباس حثوه على رفض ما يطلق عليها “صفقة القرن” بشكل مطلق. ولم يعلق عباس على الأخبار، إلا أن حكومته التي تشرف على الشؤون المدنية في الضفة الغربية ردت بعدوانية قائلة إن عروض المساعدة الإقتصادية في غياب الحل السياسي هي بمثابة ابتزاز.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية: “أي حل للنزاع في فلسطين يجب أن يكون سياسيا”، مشيرا إلى ان “الأزمة المالية الحالية هي نتاج للحرب المالية التي شنت علينا ولن نخضع للإبتزاز ولن نبادل حقوقنا الوطنية بالمال”. وقال وزير آخر إن أي فلسطيني يشارك في المؤتمر سيعد “متعاونا” مع العدو.
ونشرت الصحافة الإسرائيلية المحلية تقارير عن استعداد الحكومة الإسرائيلية لإرسال وفد كامل وهو ما يعد اختراقا بحد ذاته في الموقف الإسرائيلي الإقليمي، بعد زيارة نتنياهو في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي لعُمان واجتماعه مع السلطان قابوس، وزيارة وزرائه إلى أبو ظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة.
إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عبرت عن تحفظاتها من الصفقة وحذرت من ردة فعلها العكسية على الفلسطينيين العاديين. وحذر غادي أيزنكوت، الذي تقاعد من قيادة أركان الجيش الإسرائيلي في زيارة لواشنطن، فريق كوشنر من عنف محتمل. وأخبره: “قد يندلع العنف في الضفة أثناء أو بعد الإعلان عن الخطة ويجب إضافة هذا لحساباتكم، وعندما يخرج هذا الجني من الزجاجة فسيحتاج خمسة أعوام لإعادته”.
وحث عاموس غلعاد، مدير السياسات السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، الإدارة الأمريكية على عدم تقديم الخطة. ونقلت عنه صحيفة “التايمز” قوله: “هناك افتراض أن عباس سيبيع القضية الفلسطينية مقابل حفنة من ملايين الدولارات ويجب علي أن أخبركم أن هذه الصفقة لن تقبل”.
ويعلق سبنسر أن خطة ترامب الذي يقول إنه يحب الصفقات الجيدة لن يتم قبولها. فالفريق الذي رسمها، كوشنر وغرينبلات وفريدمان معروفون بعلاقتهم الوثيقة مع إسرائيل. لكل هذا أعلنت السلطة الوطنية أنها لن تتعامل مع الخطة خاصة بعد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل. وعندما رفض كوشنر وصف شكل الحكومة الذي ستحدده الخطة بـ”الدولة” فإنه قضى على أمل بقبولها من العرب.
وقال مسؤول أردني الأسبوع الماضي إنه من المستحيل موافقة الأردن على الخطة. ويقول الكاتب إن معظم المحللين بمن فيهم الإسرائيليون يعتقدون أنه بدون قبول أردني فلن يكون هناك من يوافق عليها من حلفاء ترامب مثل السعودية ومصر.
وعبّر عدد من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين عن دهشتهم من إصرار إدارة ترامب وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي لإهانة السلطة الوطنية. ويبدو أن ترامب يعول على اعتقاده أن الفلسطينيين سيلعبون دور “المخرب” ورفض الخطة الجيدة مما يعني فرضها عليهم. وهذا لن يترك أي ثغرة. ولأن التوقعات متدنية فأي رد إيجابي من الفلسطينيين يعني أنه إضافة.
ويرى إلياس زنازيري الذي وصفه بالرمز الفلسطيني البارز، أن على عباس عدم رفض الخطة بالمطلق، بل يقبل ما فيها من جوانب إيجابية، والمطالبة بالتفاوض على البنود التي لا يوافق عليها. وهو ما سيضع فريق ترامب أمام معضلة، فعليه رفض العرض الفلسطيني المضاد مما يجعلهم مذنبين في نفس الاتهام الذي وجهوه للفلسطينيين.